بغداد – بقلم ملاك أحمد:
تنتشر في العراق مجلات دينية موجّهة للأطفال، تشكّل الحصة الأكبر من مطبوعات الأطفال. ويحذّر البعض من ترتّب آثار سلبية على انتشار هكذا مجلات دينية من جهة تغذية التطرّف الديني والتشدّد الفكري لدى الأجيال العراقية القادمة.
ولا تتوفر أرقام رسمية عن عدد هذه المطبوعات، ولكنها كانت تطبع بكميات هائلة بعد العام 2003 وتوزع بشكل مجاني في المقاهي والأندية الثقافية وبعض المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، حسب ناشطين ومختصين بقصص الأطفال.
صراعات ثقافية وفكرية
"هذه المجلات تحاول أنّ تقدم صورة المذهب أو رموزه الذين تحتذي بهم. وتتحدث عن أحداث تاريخية تتضمّن التصادم والخلاف المذهبي أو العقائدي المتواجد منذ مئات السنوات والممتد حتى الآن"، حسب الكاتب والباحث العراقي عبد الأمير المجر الذي انتقد توافر هذه المجلات بشكل مجاني.
يرى المجر في حديثه لموقع (إرفع صوتك) أنّ هذه المجلات تخلق لدى الأطفال صوراً نمطية عن تاريخ الإسلام، "وتساورني مخاوف شديدة من أن الجيل القادم سيكون متطرفاً. فهذه المجلات الدينية الموجهة للأطفال تحمل خطورة التطرف الديني والفكري وإن لم يقصد الذين يقفون خلفها، لكنّهم بالضرورة يتبنون الفكرة التي يراد إيصالها إلى المستهدف".
من يقف خلف هذا المشروع؟
أمّا الناشط صلاح الخفاجي، فيرى في حديثه لموقع (إرفع صوتك) أنّ "هذه المجلات التي انحسرت أعدادها كثيراً بعد إعلان حالة التقشف في البلاد، هي محاولة لترويج أفكار ومعتقدات أحزاب سياسية دينية عراقية مختلفة".
وإذ يشدّد على ضرورة تقصي الجهات التي تقف وراء هذا المشروع وأهدافها، يقول "من يتابع الشارع العراقي يجد أنّ هناك الكثير من الأطفال الذين يدرسون في مدارس دينية وتتبناهم الجهة الفلانية الدينية، وبالمقابل هناك جهات من المذهب الآخر وهكذا". ويشير إلى أنّ هذه "الجهات قد تكون نفسها من يموّل المجلات ويدعمها".
يحاربونني لأنّني أطبق تعاليم الدين الإسلامي
المتصفح لإحدى هذه المجلات سيلاحظ الرسوم لشخصيات تاريخية ودينية وحتى كرتونية تتصل بمجموعة من المعلومات لمساعدة الأطفال على فهم العقيدة الإسلامية والتاريخ الإسلامي وفق منظور الجهة المصدرة. ويقول حسن حيدر، وهو صبي دون الثانية عشرة، في حديث لموقع (إرفع صوتك) إنّه يحصل على مجلة للأطفال باستمرار من زميله بنفس مرحلته الدراسية والذي كان يقوم بتوزيعها للجميع.
ويضيف "المجلة جعلتني أفهم الدين الإسلامي ودفعتني للابتعاد عن سماع الاغاني والمواظبة على سماع المحاضرات الدينية. وبدأت أرى الحياة بطريقة مختلفة".
ويشير إلى أنّ طريقة أهله بالتعامل معه بدأت تتغير نحو الاسوأ في الآونة الأخيرة، "خاصّة بعدما طلبت من شقيقتي الصغيرة ارتداء الحجاب. وهو ما جعلني أشعر أنهم يحاربونني لأنّني أطبق تعاليم الدين الإسلامي".
ندرة المجلات ذات الخطاب المعتدل
تقول نوال سعد، وهي كاتبة قصص أطفال، إنّ "الاهتمام بمطبوعات الأطفال لم يعد كالسابق، بسبب الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية غير المستقرة. كما أن إصدار المجلات المعتدلة في تدني كبير. وبتنا نعاني من ندرة وجود المجلات ذات الخطاب المعتدل".
تلوم سعد الحكومة العراقية كونها "لا تهتم كثيراً بثقافة الطفل". وتشير إلى أنّ أغلب من يعملون الآن في مجلات غير حكومية موجّهة للأطفال غير متخصصين وليس لهم علاقة بثقافة أو أدب الطفل الذي يحتاج لمتخصصين وخبراء "نظراً لخطورة تأثير تلك المطبوعات على مدارك الطفل واتجاهاته".
دار ثقافة الأطفال
وتعد دار ثقافة الأطفال التي تأسّست عام 1969 الجهة الحكومية المعنية بمطبوعات الأطفال منها (مجلتي) و(المزمار) اللتان صدر العدد الأول لهما في 24 كانون الأول/ديسمبر في سنة تأسيس الدار، مع سلسلة قصصية متنوعة ظلت لأجيال طويلة يشرف عليها خبراء في الشأن الاجتماعي والنفسي ويعمل عليها كبار من الصحافيين وكتاب قصص الأطفال.
لكن محمود خليفة أسود القره غولي، مدير عام دار ثقافة الأطفال، يقول لموقع (إرفع صوتك) إنّ "الدار تحرص على الاهتمام بمطبوعات الطفل، لكنّ قلة المخصصات المالية للدار أثرت بشكل كبير على حجم إصدار مطبوعاتها وتوزيعها".
*الصور: من مجلات للأطفال في العراق/إرفع صوتك
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659