بقلم حسن عبّاس:
عندما يجري الحديث حالياً عن خطاب الجماعات المتطرفة، نفكّر مباشرةً بوسائل التواصل الاجتماعي. لكن المنصّات الإعلامية التي استخدمتها هذه الجماعات مرّت بمراحل كثيرة حتى وصلت إلى هذه المرحلة.
وقال الخبير التونسي في شؤون الحركات الإسلامية صلاح الدين الجورشي لموقع (إرفع صوتك) إن الحركات الإسلامية بكل أجنحتها "اعتمدت على نفس الأساليب التي اعتمدتها بقية التنظيمات. فهي لطالما استخدمت مختلف وسائل الاتصال المتاحة في كل حقبة من الحقبات".
1ـ الكتب والمناشير
وأوضح الجورشي أنّه مع بروز الجماعات المتطرفة "كانت علاقة هذه الجماعات بخارجها قائمة على كثير من التكتّم".
ولفت إلى أنهم "كانوا يوصلون المعلومات التنظيمية والمعلومات حول العمليات التي ينوون تنفيذها إلى أصدقائهم غالباً بشكل مباشر أو بالاعتماد على الرموز".
لكن من ناحية ثانية، فإن "الشيء الواضح أنهم كانوا يبلّغون أفكارهم وقناعاتهم إلى المواطنين وإلى الأجهزة الأمنية أيضاً، من خلال المناشير والكتب المصوّرة أو المهرّبة التي تدعو المجتمع إلى التقيّد بالشريعة والجهاد".
2ـ أشرطة الكاسيت
وتحدث الجورشي عن استخدام الجماعات المتطرفة لأشرطة الكاسيت في بعض المراحل كوسيلة للتعبئة اشتهر استخدامها قبيل نجاح الثورة الإسلامية في إيران.
وروى أنه "دار نقاش كبير داخل هذه الجماعات حول تداعيات الكاسيتات الأمنية عليها وحول ما يجب أن تتضمّنه الخطب التعبوية المسجّلة عليها".
واللافت، بحسب الجورشي، أن هذه الجماعات "لم تلجأ فقط إلى نشر خطب شيوخها بل كانت تروّج لخطب شيوخ آخرين إذا تلاقت هذه الخطب مع أهدافهم"، ضارباً مثل استخدامها لخطب الشيخ المصري عبد الحميد كشك.
وقد شاع استخدام وسيلة الكاسيت لنشر خطابات زعيم الأفغان العرب عبد الله عزام وزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، كما استخدمها بعض السعوديين في أوائل تسعينيات القرن الماضي لنشر أفكار الشيخين سلمان العودة وسفر الحوالي حين اختلفا مع السلطة.
3ـ المواقع الالكترونية
ولفت الباحث المصري في علم الاجتماع السياسي عمار علي حسن إلى أن "انتباه أو اكتشاف الجماعات المتطرفة لأهمية الشبكة العنكبوتية هو اكتشاف مبكر جداً. فمع مطلع الألفية الثالثة أطلق تنظيم القاعدة آلاف المواقع ووضع كل كتبه وأبحاثه الشرعية على الشبكة، إلى أن تنبّهت الولايات المتحدة الأميركية للأمر ودمّرتها".
وأضاف لموقع (إرفع صوتك) أن "الجماعات السلفية الجهادية اهتمت كثيراً بالإنترنت، فقد عوّضتها عن الحظر الذي تتعرّض له أفكارها في العالم الواقعي".
4ـ المنتديات
"مرحلة الذروة في استخدام المنتديات كانت مرحلة نهاية التسعينيات"، قالت رئيسة المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية والأمنية والعسكرية بدرة قعلول. وتابعت أن "استخدام هذه الوسيلة لم يتوقّف بل نشط في الآونة الأخيرة".
ومن ميزات المنتدى هو أنه يمكّن المسؤولين عنه من إحصاء عدد زائريه وعدد المعلّقين و"عندما تدخل كزائر ثم تغيب قد يقومون بالتواصل معك وإرسال رسائل ودعوات إليك"، أضافت قعلول.
وعن منتديات بارزة حالياً ضربت أمثلة منتدى "صوت الجهاد" الذي يركّز على استقطاب النساء ومنتدى "جمعية حواء الغد، نسوي ثقافي خيري اجتماعي" الذي يحرّض المرأة على القتال مباشرة.
5ـ الفضائيات
وأكّد الجورشي أن "الفضائيات استُخدمت لتعطي دفعاً كبيراً للخطاب السلفي وبعضه كان ذا نزعة تكفيرية. وأدى الترويج لهذا الخطاب إلى إضعاف خطاب خصوم السلفيين من علمانيين أو رافضين لتطبيق الشريعة".
وفي العالم العربي عشرات القنوات الدينية وكثير منها سلفي التوجّه ولعلّ أشهر القنوات التي عُرفت بخطابها المتشدد "المجد" و"الناس" و"الحكمة" و"اقرأ" و"الحافظ" و"الرحمة".
ولفت الجورشي إلى أن القنوات السلفية "خلقت مزاجاً جديداً وكانت لها فعالية كبيرة في دول المغرب العربي. ففي تونس، في عهد (الرئيس الأسبق) زين العابدين بن علي، اخترق السلفيون المجتمع عبر الفضاء لأنهم لم يستطيعوا التحرك في الداخل وخلقوا حالة جديدة في المجتمع".
6ـ وسائل التواصل الاجتماعي
وأكّد الخبير الأردني في الجماعات والحركات الإسلامية مروان شحادة لموقع (إرفع صوتك) أن "تويتر من أكثر المواقع المعتمد عليها لنشر بلاغات وإصدارات ويستخدمه داعش كخدمة لبث أخباره العاجلة".
وأشار عمّار علي حسن إلى أن "فيسبوك هو موقع أكثر سرية من تويتر ويستخدمه المتطرفون كمنصة للتجنيد أكثر مما يستخدمونه كمنصة لنشر الأخبار".
ومن الميّزات الإضافية التي تشجّع على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للدعاية، بحسب حسن، أن ما يُنشر عليها "يتناسل بلا توقّف بمساعدة الآخرين. ففور أن تضع مادة على موقع للتواصل الاجتماعي، ستجد دائماً مَن يساعدك على نشرها من خلال "شير" على فيسبوك أو "ريتيويت" على تويتر.
7ـ اليوتيوب
ولفتت قعلول إلى أن "يوتيوب وسيلة هامة جداً بالنسبة للجماعات المتطرفة ويستخدمونه للبروباغندا من خلال نشر فيديوهات لعمليات إعدام، أو ما يسمّونه غزوات، أو لتوجيه رسائل".
ولأن يوتيوب يقوم دورياً بحذف بعض الفيديوهات، فإنهم يخلقون كل فترة موقعاً إلكترونياً ويحمّلون عليه فيديوهاتهم. وأحياناً يؤسسون موقعاً لفترة قصيرة من أجل غاية محددة.
لا يعني تعدّد الوسائل المستخدمة أن الحركات المتطرفة تنتقل من استخدام وسيلة إلى أخرى مستغنيةً عمّا قبلها. "يستخدمون أكثر من وسيلة في الوقت ذاته. فكل وسيلة تناسب عملية استقطاب فئة معيّنة من المجتمع"، أكّدت قعلول.
الصورة: الإنترنت وسيلة الحركات المتطرفة إلى العالمية/Shutterstock
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659