أربيل - بقلم متين أمين:

يرى ممثلو المكونات الدينية في إقليم كردستان أنّ بناء الدولة المدنية يضمن العيش المشترك لكافة المكونات والأقليات في العراق ومن ضمنه الإقليم، ويحافظ على حقوقها، مؤكدين أن العلمانية هي الحل الجذري لكافة المشاكل التي تعاني منها هذه الأقليات.

ضمان حقوق الأقليات الدينية

يقول ممثل اليهود في إقليم كردستان، شيرزاد عمر مامساني، إنّ حقوق الأقليات تنتهك في الدول الدينية. ويشير في حديث لموقع (إرفع صوتك) إلى أنّ "نظام الدولة الدينية أثبت أنه يعمق الدكتاتورية والحكم الفردي، وفيه تنتهك حقوق الأقليات، مثلما حدث في أفغانستان في عهد طالبان، وفي الجمهورية الإسلامية الإيرانية والسعودية والكثير من الدول الأخرى".

ويضيف "أما في النظام العلماني وفي الدولة المدنية، حقوق كافة المكونات الدينية والأقليات مضمونة حسب قوانين ودستور البلاد. فالسلطة العليا في النظام العلماني تكون للقانون الذي ينظم كل شيء وليس للرموز والمراجع الدينية".

تعزيز الديموقراطية

يضمّ العراق والإقليم مكوّنات عرقية ودينية مختلفة من أيزيديين ومسيحيين ومسلمين وكاكائيين وغيرهم. وقد تعرّض أبناء الأقليات الدينية في سنجار وسهل نينوى إلى هجمات تنظيم داعش الذي ارتكب جرائم مروعة ضد هذه المكونات، خاصة الأيزيديين الذين كانوا الأكثر تضرراً، حيث قتل التنظيم الآلاف من رجالهم وسبى نسائهم وأطفالهم وسلب أموالهم، الأمر الذي دفع هذه الأقليات إلى فقدان الثقة في العيش بأمان وممارسة طقوسها الدينية بحرية. وتطالب الأقليات في دول منطقة الشرق الأوسط عامةً بحقوق تضمن لها حقوقاً متساوية ضمن الدول التي تعيش فيها.

ويعتقد الناشط المدني الأيزيدي خضر دوملي أن "العلمانية في حال ترسيخها كأسلوب من أساليب إدارة الحكم واتباع نظام مدني بالكامل، فإن الجميع سيستفيدون منها سواء الأغلبية أو الأقلية".

ويضيف في حديث لموقع (إرفع صوتك) "هذا النظام يضمن الحريات والتعددية ويضمن الوصول إلى العدالة عبر فصل الدين عن السياسة. وفيما يخص هذه النقطة، فهي النافذة الرئيسية بالنسبة للأقليات لأن العلمانية تفصل الدين عن السلطة، ولذلك ستكون الضمانة الرئيسية والأولى والأسرع والأسهل لشعور الأقليات بأن حقوقها مصانة حتى وإن لم تكن بالمستوى المطلوب في ظل القوانين والتشريعات".

ويشتكي البعض في العراق من محاولات لتغيير هوية الدولة وإعطائها صبغة دينية. وهذا ما يتحدّث عنه المدير العام لشؤون المسيحيين في وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في حكومة إقليم كردستان، خالد جمال ألبير، الذي يعتقد أنّ "في بغداد تحليل خاطئ للواقع الحالي من قبل رجال الدين الذين تدخلوا في السياسة وفي البرلمان أو في مؤسسات الدولة".

ويقول لموقع (إرفع صوتك) إنّ "حكمهم على الواقع غير صحيح"، مضيفاً "قبل فترة، كانت هناك تصريحات من أحد أعضاء البرلمان يحلّل ويحرم فيها أكل نوع معين من الطعام. وهذا يعني أن وجود هكذا شخصيات في مؤسسات الحكم وصناعة القرار أمر غير مستحب".

تبدو العلمانية حلّاً لكثير من ممثلي الأقليات ومن ضمنهم أتباع الديانة الكاكائية (إحدى الديانات الكردية القديمة) الذين اضطروا أحياناً إلى إعلان أنفسهم مسلمين، إثر تعرّضهم وبشكل متواصل لعمليات القتل والتهجير والتهديد من قبل الجماعات الإسلامية المتشدّدة، بالإضافة إلى تهميشهم من قبل الحكومة في بغداد وإقليم كردستان.

ويقول ممثل الديانة الكاكائية في إقليم كردستان، هاشم كاكائي، في حديث لموقع (إرفع صوتك) إنّ "جميع المشاكل التي يشهدها العراق اليوم يمكن حلها بشكل نهائي عن طريق العلمانية"، مشيراً إلى أنّ "المجتمعين العراقي والكردي يضمّان العديد من الديانات المتنوعة التي تحتاج أن تمارس حقوقها في المجالس التشريعية والمدنية والدستورية".

ويضيف كاكائي "طبعاً هناك أصوات تقول إنّ المسلمين هم الأكثرية وإنّهم يشكلون 90 في المئة من المجتمعين وهذا يؤثر على أشياء كثيرة في المستقبل. أما إذا أطلقنا النظام العلماني، فستحل أكثر المشاكل الموجودة اليوم".

من جهتها، تقول مديرة إدارة جمعية الثقافة المندائية فائزة دياب لموقع (إرفع صوتك) إنّ "النظام العلماني يتيح للأقليات والمكونات الموجودة في الإقليم وفي أنحاء العراق كافة، حرية ممارسة الطقوس الدينية والمشاركة في الدستور. كما يعيش المواطن في ظله بصورة سلمية مع بقية المكونات الأخرى ويمتلك  الحرية في التعبير عن آرائه، ويحمي أبناء جلده من خطر تدخل الآخرين في الانتماء الفكري والاثني، لذا نحن نشجع العلمانية".

*الصورة: "إذا أطلقنا النظام العلماني، فستحل أكثر المشاكل الموجودة اليوم"/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".