الأردن – بقلم صالح قشطة:

يجمع الأردن بين المدنية والتقاليد الدينية الإسلامية في مجتمعه المحافظ. ويكاد يبدو مختلفاً في أعين مواطنيه.

موقع (إرفع صوتك) التقى بعدد من المواطنين الأردنيين لسؤالهم عن نظرتهم إلى بلادهم وطبيعة النظام السياسي فيها. فلم يكن هناك إجماع على وصف وتصنيف واضح المعالم، فمنهم من يرى أن الأردن مجتمع علماني منفتح على كل ما هو إيجابي وجديد، ومنهم من يرى أن الأردن نموذج للدولة غير العلمانية المحافظة على الإسلام دينا للدولة حسب دستورها، لكنها تتعامل مع ذلك باتزان دون إقحام للدين في كل شاردةٍ وواردة من أمور الدولة، وهو ما يعتبره البعض رسما لملامح دولةٍ دينية من نوع خاص.

علمانية وسطية

ترى بطلة التايكوندو العربية نانسي الهندي أن الأردن "بلد علماني". وكذلك تعتقد الإعلامية رانيا النمر أن الأردن دولة أقرب أن تكون للعلمانية من كونها دولة دينية. وتقول لموقع (إرفع صوتك) إنّ "البلد يقف في منطقة الوسط ما بين الاثنين".

وتضيف النمر "العلمانية كغيرها من النظم الأيدولوجية فيها أقصى اليمين وأقصى اليسار. الوسطية (تكون) في تبني أي فكر هو الأنسب لمعظم البشر".

دولة مدنية

أما بعض الآراء فذهبت للقول إنّ الأردن نموذج للدولة غير العلمانية أو الدينية المعتدلة أو المدنية، كخلود فرج، مديرة أحد مشاريع تمكين المجتمع، التي ترى أن "الأردن ليس دولة علمانية، لأن الدول العلمانية تكون محايدة في قضايا الدين"، موضحة في حديثها لموقع (إرفع صوتك) أن "الأردن لا هو بلد ديني ولا هو لا ديني. نحن شبه دولة مدنية لأنه في المملكة ينقسم النظام القضائي الى ثلاثة أقسام والتي هي (مدني نظامي، شرعي، وعسكري)".

الإعلامية والمنتجة التلفزيونية إسلام الشوملي، كان لها رأي مشابه، حيث قالت "لا يمكن اعتبار الأردن دولة دينية أو لا دينية، بقدر ما يتجه لأن يكون دولة مدنية تحترم التعددية الدينية والفكرية والسياسية وتركز على مفهوم المواطنة".

وأشارت في حديثها لموقع (إرفع صوتك) إلى "وجود بعض القوانين التي تقف كعثرات أمام الدولة المدنية والتي يطالب ناشطون بتعديلها".

ليس دولة علمانية

إيهاب محمد، مهندس معماري شاب، يرى في حديثه لموقع (إرفع صوتك) أن "وجود وزارة أوقاف وتدريس مادة الدين بالمدارس كمادة إجبارية ووجود خانة الديانة ببطاقة الهوية تؤكد أن الأردن دولة غير علمانية".

وحول حرية المواطن باعتناق دينه واختياره، يؤكد أن "قانون الدولة وقانون المجتمع يجرم الإلحاد أو أن يعتنق المسلم ديناًَ آخر، والذي إن فعلها قد يؤدي ذلك لخطر يمس سلامته بل وحياته"، مستذكراً كذلك التشريعات الرسمية الخاصة بشهر رمضان وصيامه التي تمنع بل وتجرم أي مواطن يفطر في نهار رمضان بالأماكن العامة مهما كان دينه أو قناعاته أو ظروفه.

ويضيف أنّه "لأكثر من مرة وجراء اعتراض أهالي بعض المناطق لوجود محال لبيع المشروبات الكحولية بمناطقهم، تم إغلاقها من قبل الجهات الرسمية"، مشيراً إلى أنّ "الإعلام الحكومي والمناهج الأردنية تركز على الدين الإسلامي دون سواه، مما يعني أنها دولة غير علمانية".

استخدام الدين في الأداء السياسي

وبالنسبة للحقوقية روان عبابنة، التي تعمل في مجالات تمكين المجتمع، فإن "الأداء السياسي يعتمد على استخدام الدين في بعض الأحيان، واستخدام القانون في أحيانٍ أخرى، بناءً على المصلحة العامة أو الخاصة".

وترى عبابنة في حديثها لموقع (إرفع صوتك) أن "الدولة الأردنية تتبع مبدأ أن دين الدولة هو الإسلام وبعض التشريعات فيه مبنية على الدين الإسلامي، إلّا أنه هنالك كثير من القوانين المعتمدة والتي استقت من قوانين عالمية".

وبحسب دارين أبو ليل، الناشطة في مجال تنمية الشباب، فتقول لموقع (إرفع صوتك) إنّ الأردن "يعتمد نظاماً مهجناً بين الديني والمدني" وترى أن ذلك قد يكون لإرضاء جميع الأطراف.

بين الشريعة والدستور

أما الناشط الاجتماعي بلال الحياري، فيعتقد أن الدولة الأردنية "غير واضحة تماماً في اتجاهها، لأنها بالشكل علمانية، لكنها بالباطن إسلامية معتدلة". ويقول لموقع (إرفع صوتك) "أحياناً تتصرف بالأنظمة والقوانين والتشريعات بعيداً عن أي اتجاه سواء كان علماني أو ديني".

فيما يرى نبيل عثمان، والذي يعمل في الإعلام وفي مجال التدريب على مهارات الحياة، في حديثه لموقع (إرفع صوتك) أن الأردن "دولة علمانية بقوانينها الحياتية، وتطبق الشريعة بدستورها فقط".

عماد النشاش، مقدم الأخبار في تلفزيون الدولة الرسمي، يرى كذلك أن الأردن بلد غير علماني، موضحاً لموقع (إرفع صوتك) أن "الأردن يملك دستوراً ينص على أن دين الدولة هو الإسلام، في حين يتساوى المواطنون فيه بحقوقهم وواجباتهم بغض النظر عن معتقداتهم وأديانهم، كما يتمتع الناس فيها بحرية العبادة والطقوس الدينية دون تأثير ذلك على فصل الحياة المدنية عن الدين".

أما فؤاد الكرشة، وهو مقدم أحد البرامج المنوعة في إحدى القنوات الأردنية الخاصة، فيذهب إلى القول لموقع (إرفع صوتك) إن "الأردن ليس علمانياً كما بعض دول أوروبا، بل هو ذو وجه علماني".

أمّا ختام عامر، وهي صحافية أردنية، فترى في الأردن نموذجاً للدولة الدينية. وتقول لموقع (إرفع صوتك) إنّ "مظاهر الحياة فيه دينية، وليس فيها فصل للدين عن السلطة بشكل كبير، فتجد بعض الأمور مقتبسة من الدين، رغم وجود أحكام قد تكون وضعية".

*الصورة: مشهد من العاصمة الأردنية عمان/shutterstock

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".