بقلم علي عبد الأمير:
كان لها أن تصبح واحدة من ملايين البنات البسيطات، تنهي فصولها المدرسية، تتابع أفلام الرسوم المتحركة والقصص الخيالية، تساعد والدتها في تيسير أمور المنزل، وتشارك والديها بعض نقاشهما حول أخبار مدينتها، الحلة (مركز محافظة بابل) وبلادها.
لكن روان سالم ذهبت إلى غير هذا المسار، فهي قذفت بنفسها في عالم الكبار الخشن والمحفوف بالمخاطر. نذرت نفسها لقضية مهمة وشديدة الحساسية: حق الأطفال بالحياة والصحة والتعليم والمستقبل الآمن.
روان قصة أخرى من قصص نجاح لشباب وشابات من أجل تغيير الوقائع السيئة في مناطقهم، فتقول ابنة بابل التي تبلغ من العمر 14 عاماً إن "والدي هو الجدار الذي أستند عليه وهو الداعم لكل نشاطاتي"، للإشارة إلى الطابع الفردي و"العائلي" للحراك الذي بدأته منذ العام 2009، يوم قادت تظاهرة شاركت فيها إلى جانب نحو مئتي طفل وطفلة، تحذر من انهيار النظام الصحي والتربوي في محافظتها، وهو ما جعلها مبكراً في مواجهة المسؤولين المحليين. وهو ما كانت باحت به في لقاء مع "الحرة":
وعن نظرة الأحزاب وتحديداً الحاكمة منها إلى مسيرتها كـ"طفلة مثيرة للمشاكل"، تقول روان لموقع (إرفع صوتك) إن "البعض منها يراني مندسّة وآخر يراني بعين صغيرة، وآخر يراني أتبع الحزب الفلاني لمجرد انتقاده، لكن مع الأسف لا أحد ينظر لي على أساس أنني طفله أقول الحق بوجه الفاسدين، باستثناء التيار المدني الذي يشجعني دوماً".
كان البعد الثقافي حاضراً في المسار التطوعي لروان وفي وقت مبكر، فهي شدّت الإنتباه إليها وبقوة منذ مشاركتها في مهرجان "أنا عراقي.. أنا اقرأ" بدورته الأولى في بغداد العام 2012 وتواصلت عبر الدورات الأربع التالية.
وجاء هذا المسار الثقافي من "العائلة التي نشأت فيها، وعلّمتني أن مانديلا يقول (ليس حراً من يرى إنساناً يهان ولا يشعر بالإهانة) بالإضافة إلى الكتب والمسرح حيث فكرة "أعطني مسرحاً أعطيك شعباً مثقفاً". وتعتقد روان أنّها أوصلت جزءاً من رسالتها وجزءاً بسيطاً من معاناة الأطفال. وتتمنى أن تواصل مستقبلاً ما تبقى من تلك الرسالة القائمة على التذكير بحقوق الطفولة وأفراد المجتمع بعامة، وما يترتب من أخطاء مع استمرار انتهاك تلك الحقوق.
أمي والنظرة للمرأة كـ... عورة
وفيما تؤكد روان أنّ عائلتها تقف مساندة، تعترف أن "والدتي تعارض أحياناً عملي بسبب العادات والتقاليد الاجتماعية التي ما زالت تنظر للمرأة على أساس أنّها عورة رغم كل ما قدمته لشعبها ولبلدها ولمجتمعها".
وترى أن أبرز ما أنجزته هو مشروع "كن معنا ولا تهملنا" لتخفيف المعاناة عن الأطفال النازحين، وحملة "إرفع يدك عن الزناد وبثمن الرصاصة اشتري لي كراسة وألواناً" بمناسبة يوم السلام العالمي، وقيادة العديد من تظاهرات الأطفال للمطالبة بحقوقهم.
وفي حين تقول إن الحراك الذي تنتظم فيه ترك أثراً، حتى أن الكثير من الناس بدأت تشرك أولادها وبناتها في المظاهرات الخاصة بالدفاع عن حقوق الأطفال، إلى جانب التأثير الذي تلمّسته بين الكثير من الأطفال النازحين، إلا أنها تقرّ بأنه "من الصعوبة إقناع مجتمع بأسره من قبل طفلة، لكن هناك بعض الاستجابات البسيطة التي تزرع الأمل بداخلي".
جيل لا علاقة له بمشاكل علي وعمر ويزيد
وفي باب توضيح مشروعها، تقول ابنة الحلة "هو المساهمة في صناعة جيل يقرأ ويسأل ويناقش ويحتج على الواقع المرير. جيل خال من عقد الماضي، وليس له علاقة بمشاكل علي وعمر ويزيد... الخ".
وفيما إذا كانت تخاف وهل تم حقاً تفجير بيت عائلتها بعد انتقادها لمحافظ بابل؟ تقول روان سالم "لا أخاف من قول كلمة الحق، وتم إحراق بيتنا في ظروف غامضه بعد ست ساعات من ظهوري على الهواء مباشرة في قناة تلفزيونية، وانتقادي لمحافظ بابل وسوء إدارته، وإلى الآن لم تتضح الحقيقة: هل هو حادث عرضي أم مدبر رغم تشكيل ثلاث لجان تحقيقية".
أي تربية في مدارس محطمة النوافذ؟
وعن حال التربية ووضع المدارس تتساءل "هل يعقل أن تكون مدرسة فيها مصليان وزجاج صفوفها مكسّر والمختبرات فارغة.. أي عقل يدير مدارس كهذه؟".
وبشأن طبيعة الخدمات الصحية المقدمة للأطفال، تقول إنّها "تقتصر على حبة "براسيتول" المسكنة للآلام والصداع، وبعض الأدوية البسيطة"، ولذا فإنني حين أتظاهر إحتجاجاً على ذلك، أجد "كل الناس الفقراء والشرفاء الذين يحلمون بمستقبل أفضل وهم يقفون إلى جانبي ويساندونني".
*الصور: روان خلال نشاطاتها/تنشر بإذن خاص منها
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659