بقلم خالد الغالي:

تصل قيمة خسائر الدول العربية بسبب البطالة إلى 50 مليار دولار سنوياً. وهو رقم مرجح إلى الارتفاع، فعدد القادرين على العمل في بلداننا في تزايد مستمر، وهو من بين الأعلى في العالم. وينمو سنوياً بنسبة ثلاثة في المئة.

لتستحضر حجم الخسائر العربية بسبب البطالة، إليك بعض الاقتراحات لما يمكن أن تفعله بـالـ50 مليار دولار التي تذهب هباء كل سنة.

عاشق للرياضة

إذا كنت عاشقاً للرياضة، يمكنك أن تشتري أندية ريال مدريد (3.3 مليار دولار) و برشلونة (3.2) ومانشستر يونايتد (3.1) وبايرن ميونيخ (2.3) ومانشستر سيتي (1.4)....إلخ. في الحقيقة، يمكنك أن تشتري أغنى عشرين نادياً في العالم.

وسيبقى معك أكثر من 36 مليار دولار، وهو ما يكفيك لتنظيم دورتين من الألعاب الأولمبية بحجم دورة لندن 2012 (14 مليار دولار للدورة)، ودورة لكأس العالم مثل التي نظمتها جنوب أفريقيا (3 مليار دولار).

رجل أعمال

أما إذا كنت رجل أعمال، فيمكنك أن تمتلك مشروع "مدينة تونس الاقتصادية"، التي تستعد تونس لإطلاقه، بغلاف مالي يبلغ 50 مليار دولار بالضبط. وهو المشروع الذي تحالف مستثمرون من السعودية وفرنسا و30 دولة أخرى، لإخراجه إلى الوجود.

وبما أنك تملك 50 مليار دولار، فإن المشروع من نصيبك وحدك. وستمكن بلاد "ثورة الياسمين" من توفير فرص عمل لأكثر من 250 ألف شخص، بعد أن تكون شيدت مدينتك الاقتصادية على مساحة 90 كيلومتراً مربعاً.

رجل دولة

أما إذا كنت رجل دولة، ويؤرقك أن يذهب قطاع التعليم بأكبر حصة في ميزانيات الدول العربية، دون نتيجة، فإن الـ50 مليار دولار، خاصتك، ستكفي لتغطية نفقات التعليم في مصر، أكبر بلد عربي (90 مليون نسمة)، لمدة ست سنوات تقريباً.

ولمعلوماتك، كلفت ميزانية التعليم في مصر سنة 2016 حوالي 8.56 مليار دولار.

العمل الإنساني

أما إذا كنت مهتما بالعمل الإنساني، فلتعلم أن 66 مليون طفل في دول العالم النامية يذهبون إلى المدرسة وهم جوعى.

ويكفي فقط 3.2 مليار دولار سنويا، لسد حاجياتهم من الغذاء. يعني أنك ستوفر لهم الطعام مدة 15 عاماً.

يمكنك أيضا بالـ50 مليار دولار أن تشتري كل قمح العالم، وهو 160 مليون طن سنويا. وسيكون ثلاثة مليارات شخص من سكان الكوكب، الذين يشكل القمح أساس تغذيتهم، ممتنين لك. بالمناسبة، يمكنك أيضاً أن تحتفظ بكل القمح لنفسك، وستتسبب في أكبر كارثة في التاريخ.

ولمعلوماتك، مصر هي أكبر مستورد للقمح في العالم. واشترت من الخارج، سنة 2014، خمسة ملايين طن، كلفتها 1.3 مليار دولار. يعني هذا أنك تستطيع أن تشتري القمح لـ"أم الدنيا" مدة 38 سنة.

أكثر من هذا، يمكنك بـ50 مليار دولار أن توفر الغذاء للجزائر (38 مليون نسمة) مدة ثلاث سنوات. فحسب الأرقام التي نشرها الديوان الوطني للإحصائيات، تبلغ قيمة الإنفاق الإجمالي للأسر الجزائرية على الغذاء 1875 مليار دينار سنويا، أي 17.1 مليار دولار أميركي.

وقد يمتد عطاؤك إلى الإمارات، فتتحمل مكانها 3.5 مليار دولار التي تنفقها سنويا لتحلية مياه البحر لمواطنيها. وستكون وفرت الماء الصالح للشرب لسكان سبع إمارات مدة 14 عاما.

وما دمنا في الإمارات، فاعلم أنه يمكنك بـ50 مليار دولار أن تبني "برج خليفة" في كل عاصمة عربية (22 عاصمة)، وتحتفظ لنفسك، مع ذلك، بـ17 مليار دولار (ثلاث مرات إجمالي الناتج المحلي لموريتانيا).

قبل الختام، ولمعلوماتك الشخصية: إذا كنت تملك 50 مليار دولار، فأنت من بين أغنى خمسة أشخاص في العالم، وأغنى شخص في العالم العربي، وتفوق ثروتك ثروة الوليد بن طلال ثلاث مرات.

وأخيراً، وهذا قد لا يعجبك، يدفع الأغنياء في أميركا والدول الأوربية ضرائب تصل إلى نصف مدخولهم السنوي، وفي بعض الدول العربية تقترب من 40 في المئة. فكر منذ الآن في تأسيس شركة في أحد الملاذات الضريبية في أميركا الوسطى، بنما مثلاً.

*الصورة: تكلف البطالة الدول العربية 50 مليار دولار سنوياً/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Palestinians gather to receive food cooked by a charity kitchen, in Khan Younis
حذر تقرير جديد نشرته الأمم المتحدة، الخميس، من تفاقم أزمة الجوع العالمية- تعبيرية

حذر تقرير جديد نشرته الأمم المتحدة، الخميس، من تفاقم أزمة الجوع العالمية، حيث يعاني ملايين الأشخاص حول العالم من انعدام الأمن الغذائي الحاد. وأشار التقرير إلى أن الصراعات، والتغيرات المناخية، قد أدت إلى زيادة حادة في أعداد الجوعى، خاصة في مناطق مثل السودان وقطاع غزة.

وعقب نشر التقرير، تحدث ثلاثة مسؤولين أمميين، عبر الفيديو، إلى صحفيين في نيويورك، حيث قدموا إحاطة عن التحديث نصف السنوي للتقرير العالمي عن الأزمات الغذائية لعام 2024 والذي يغطي الفترة حتى نهاية أغسطس 2024.

وأكد المسؤولون الأمميون الحاجة الماسة إلى زيادة التمويل الإنساني والعمل على معالجة الأسباب الجذرية للأزمات الغذائية، مثل الصراعات والتغيرات المناخية، وذلك لمنع تفاقم الوضع وتجنب حدوث مجاعات أوسع نطاقا.

وفي بداية الإحاطة قدم، ماكسيمو توريرو، كبير الخبراء الاقتصاديين في منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) لمحة عامة عن النتائج الرئيسية للتقرير.

ويُظهر التقرير أن عدد الأشخاص الذين يواجهون مستوى كارثيا من انعدام الأمن الغذائي تضاعف من 705 آلاف شخص في 5 دول وأقاليم في عام 2023 إلى 1.9 مليون في 4 دول أو أقاليم في عام 2024. وهذا هو أعلى رقم يسجله التقرير العالمي عن الأزمات الغذائية، ويعود ذلك في الغالب إلى الصراع في قطاع غزة والسودان، وفقا لتوريرو.

ويشار إلى أن التصنيف المتكامل للأمن الغذائي يتكون من خمس مراحل، ومستوى "الأزمة" أو انعدام الأمن الغذائي الحاد هو المرحلة الثالثة من التصنيف. المرحلة الرابعة هي الطوارئ، أما المرحلة الخامسة فهي الكارثة أو المجاعة.

وقال توريرو إن اشتداد وتيرة الصراعات في غزة والسودان وأيضا الجفاف الناجم عن ظاهرة النينيو وارتفاع أسعار المواد الغذائية المحلية يزيد من عدد الأشخاص الذين يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد في 18 دولة مقارنة بعام 2023.

مجاعة مستمرة في مخيم زمزم

في السودان، قال توريرو إن المجاعة مستمرة في مخيم زمزم للنازحين بالقرب من مدينة الفاشر في ولاية شمال دارفور، ومن المتوقع أن تستمر حتى أكتوبر المقبل. ونبه إلى أن العديد من المناطق الأخرى في جميع أنحاء السودان معرضة أيضا لخطر المجاعة بسبب استمرار العنف ومحدودية المساعدات الإنسانية.

وأضاف المسؤول الأممي أن الصراع يستمر في التسبب بتدهور سريع للأمن الغذائي في السودان، حيث تشير التقديرات إلى أن حوالي 26% من الأشخاص سيواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد. وتم تصنيف حوالي 25.6 مليون شخص على أنهم يعانون من مستوى أزمة أو أسوأ.

وألقى الصراع في السودان بظلاله على الأمن الغذائي في البلدان المجاورة مثل تشاد وجنوب السودان، وفقا لتوريرو.

أزمة الغذاء في غزة الأكثر شدة في التاريخ

أما بشأن الوضع في غزة، يقول توريرو إن أزمة الغذاء لا تزال الأكثر حدة في تاريخ التقرير العالمي عن الأزمات الغذائية، مع وجود ما يقرب من 2.2 مليون شخص من السكان ما زالوا في حاجة ماسة إلى الغذاء والمساعدة.

وقد اشتدت حدة الأزمة، حيث عانى نصف السكان من المجاعة خلال الفترة بين مارس وأبريل، ارتفاعا من ربع السكان خلال الفترة من ديسمبر 2023 إلى فبراير 2024.

وتشير التوقعات إلى انخفاض هذه النسبة إلى 22% من السكان - أي حوالي 495 ألف شخص، خلال الفترة بين يونيو وسبتمبر 2024، ولا تشير الأدلة المتاحة إلى المجاعة على الرغم من أن خطرها لا يزال قائما.

جانب إيجابي

على الصعيد الإيجابي، قال توريرو إن تحسن موسم الحصاد والاستقرار الاقتصادي أديا إلى تحسن في الأمن الغذائي في 16 دولة.

ومن بين هذه الدول الـ 16 شهدت 5 دول - هي أفغانستان وكينيا والكونغو الديمقراطية وغواتيمالا ولبنان - انخفاضا في عدد الأشخاص الذين يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد بمقدار مليون شخص على الأقل، منذ بلوغ الذروة في عام 2023، لكن جميع هذه الدول لا تزال في وضع الأزمة.

ما المطلوب؟

فيما يتعلق بالإجراءات المطلوبة لتحسين وضع الأمني الغذائي، تطرق، عارف حسين، كبير الاقتصاديين في برنامج الأغذية العالمي، إلى أمرين قال إنهما مطلوبان بشدة وهما الوصول إلى الأشخاص المحتاجين والتمويل المستدام.

وأضاف: "لا يكفي أن يكون لديك واحد من هذين الأمرين. أي إذا توفر الوصول وحده فهذا لا يكفي، وإذا توفر المال وحده فهو لا يكفي أيضا. أنت بحاجة إلى الاثنين معا (...) ولذلك نسعى إلى التأكد من وجود وصول وتمويل مستدامين حتى نتمكن من مساعدة الأشخاص المحتاجين سواء في غزة أو في السودان أو في أي مكان آخر".

وتحدث حسين عن مشكلة أخرى وهي "الإجهاد في مجال التمويل"- في إشارة إلى الإجهاد الذي أصاب الجهات المانحة. وشدد في هذا السياق على ضرورة معالجة الأسباب الجذرية لانعدام الأمن الغذائي سواء تعلق ذلك بالمناخ أو بالصراع، "لأنه ما لم نعالج الأسباب الجذرية، فلا ينبغي لنا أن نتوقع انخفاضا في الاحتياجات".

الهزال يفتك بالأطفال في مناطق الأزمات

الدكتور فيكتور أغوايو، مدير التغذية ونمو الطفل في منظمة اليونيسف تحدث في إحاطته عن الهزال بوصفه الشكل الأكثر تهديدا للحياة من أشكال سوء التغذية لدى الأطفال. وقال إن الهزال يظل مرتفعا جدا بين الأطفال الذين يعيشون في بلدان تعاني من أزمات غذائية.

ويعود ذلك، وفقا للمسؤول الأممي، إلى عدم قدرة الأسر على الوصول إلى الأطعمة المغذية لأطفالها أو تحمل تكلفة تلك الأطعمة، فضلا عن عدم القدرة على الوصول إلى خدمات الصحة والتغذية والمياه والصرف الصحي.

وقال أغوايو إن التقرير العالمي يسلط الضوء على زيادة مقلقة في هزال الأطفال، مع مستويات حرجة في 8 دول هي الكاميرون وتشاد وجيبوتي وهايتي والسودان وسوريا وأوغندا واليمن.

أكثر من 50 ألف طفل في غزة يعانون من سوء التغذية الحاد

وقال مدير التغذية ونمو الطفل في اليونيسف إنه زار غزة الأسبوع الماضي ورأى بنفسه كيف انعكست شهور من الحرب والقيود الشديدة المفروضة على الاستجابة الإنسانية، وأدت إلى انهيار أنظمة الغذاء والصحة والحماية، مع عواقب كارثية على تغذية الأطفال.

ووصف النظام الغذائي للأطفال الصغار بأنه "رديء للغاية"، حيث لا يتناول أكثر من 90 في المئة منهم سوى نوعين من الطعام، يوميا، في أفضل الأحوال، وأضاف: "ونحن نقدر أن أكثر من 50 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد ويحتاجون إلى علاج منقذ للحياة الآن".

ومضى قائلا: "التقيت أثناء وجودي في غزة بأطباء وممرضات وعاملين في مجال التغذية ينفذون البرامج التي ندعمها... واستمعت إلى نضالات الأمهات والآباء في سبيل إطعام أطفالهم. وما من شك لدي في أن خطر المجاعة وأزمة التغذية الشديدة واسعة النطاق في غزة حقيقي".

حاجة إلى وقف فوري لإطلاق النار

أغوايو قال إن هناك سبيلا واحدا لمنع ذلك الخطر وأضاف: "نحن بحاجة إلى وقف إطلاق النار، على الفور، ومع وقف إطلاق النار، يجب توفير وصول إنساني مستدام وواسع النطاق إلى قطاع غزة بأكمله. وقف إطلاق النار والاستجابة الإنسانية غير المقيدة وحدهما الكفيلان بتمكين الأسر من الوصول إلى الغذاء، بما في ذلك التغذية المتخصصة للأطفال الصغار، والمكملات الغذائية للنساء الحوامل، وخدمات الصحة والمياه والصرف الصحي لجميع السكان".

في السودان، يتأثر أكثر من 25 مليون شخص بانعدام الأمن الغذائي - بمن فيهم ما يقرب من 3.7 مليون طفل يعانون من سوء التغذية الحاد. وتستمر هذه الأرقام في الارتفاع بسبب النزوح الجماعي، والوصول الإنساني المحدود، وتعطل خدمات الصحة والتغذية، وفقا لأغوايو.

ودعا المسؤول في منظمة اليونيسف إلى استجابة إنسانية غير مقيدة وواسعة النطاق للوقاية المبكرة والكشف عن وعلاج سوء التغذية الحاد بين الأطفال الأكثر ضعفا، وخاصة لمن تقل أعمارهم عن 5 سنوات، وأمهاتهم، والذين تتعرض حياتهم للخطر بسبب هذه الأزمات المتصاعدة المتعددة.