المغرب – بقلم زينون عبد العالي:

بين مدرجات كلية الحقوق والاقتصاد بجامعة محمد الخامس يتجول عشرات الطلبة المغاربة الحالمين بغد أفضل، حيث الوظيفة والسكن وتكوين أسرة تعتبر أٌقصى أحلامهم، لكن هل سيحققون ذلك بالتعويل على وظائف الدولة، أو بأخذ زمام المبادرة والبحث عن بدائل أكثر نجاعة؟

موقع (إرفع صوتك) وجه أسئلة لعدد من الطلاب في الجامعة من مختلف التخصصات حول مخاوفهم من احتمال عدم إيجاد فرصة عمل تحقق أحلامهم في المستقبل، وتنقذهم من براثن البطالة التي فاق معدلها نسبة 17 في المئة بين حملة الشهادات، حسب إحصائيات مندوبية التخطيط في المغرب.

تخوف .. وتحدي

الخوف لا يفارق سمية الصالحي، الطالبة في كلية الحقوق بالرباط، من أن تلقى نفس مصير زملائها السابقين، على حد تعبيرها.

تجتهد الفتاة في دروسها وتركز على أن تكون متميزة في دروسها، لكن الجهد الشخصي والتركيز على تطوير الذات لن يحسنا بالضرورة من فرص حصولها على عمل  فـ "فرص العمل ضئيلة للغاية، والحكومة لا تولي اهتماماً خاصاً لتشغيل الخريجين رغم وجود نقص مهم في المؤسسات".

وتضيف الطالبة، 24 عاماً،  وعلامات التذمر بادية عليها بسبب تخوفها من المستقبل، "أنا الآن في السنة الختامية، وأملي أن أجد وظيفة تصون كرامتي"، مشيرة إلى أنّها حتى وإن لم تجد وظيفة، فذلك لن يحد من عزيمتها على الوصول إليها بمختلف الطرق والوسائل. "لقد درست لأعمل وأساعد أسرتي، ولن أدع البطالة تخيفني أو تكون عائقاً أمام تحقيق طموحاتي".

بدائل ذاتية

القطاع العام في معظم الدول العربية هو ما يسعى الشباب للعمل فيه، لكن هذا يسبب مشكلة، بحسب ما يعتقد تقي الدين الدحماني، 28 عاماً، وهو طالب في الماجستيرتخصص العلوم السياسية.

في حديث لموقع (إرفع صوتك)، يرى الدحماني أن مشكلة البطالة في المغرب يصنعها الشباب أنفسهم "ذلك أنهم يدرسون من أجل التوظيف في القطاع العمومي، إلا أن ذلك غير ممكن، فمؤسسات الدولة غير قادرة على استيعاب عشرات آلاف الخريجين سنوياً".

ويقترح الدحماني أن يبحث الشباب عن بدائل ذاتية وطرق لافتتاح مشاريع صغيرة بدل إلقاء اللوم على الدولة.

وتوافقه الرأي سلمى الأبيض، الطالبة في السنة الثانية في كلية الاقتصاد، التي تقول لموقع (إرفع صوتك) إن طموحها لن يقف عند حصولها على شهادة الإجازة، بل ستعمل على إنشاء مقاولة خاصة بها، خاصة وأنها تجيد إدارة المشاريع الصغرى.

ومن جملة ما يقترح الدحماني إنشاء مشاريع مقاولات ذاتية خاصة وأن الحكومة المغربية أعلنت عن نيتها دعم المقاولين الذاتيين، فالمقاول الذاتي معفي من أداء الضريبة، وتتكفل الدولة بدعم مشروعه إلى غاية إنجاحه عن طريق تسهيل القروض والإجراءات الإدارية.

قصص نحاج

"فرصة العمل لن تسقط من السماء، بل يجب البحث عنها وخلقها من خلال مشاريع ذاتية مبتكرة، وما على الدولة إلا أن تدعمك إن رأت فيك متحمساً وقادراً على تحقيق ما تصبو إليه"، تقول سلمى.

وتضيف سلمى وكلها أمل في أن تنجح في حياتها إسوة بأختها "أختي تخرجت من نفس الكلية، عاشت البطالة لسنوات، لكنها سئمت من انتظار حلم بوظيفة لن تتحقق وأسست مشروعاً في الديكور المنزلي، لقد بدأت من الصفر وهي الآن مصممة ديكور مرموقة، حتى أن بعض القنوات التلفزيونية تستضيفها لإبراز تجربتها".

البطالة تخيب أملنا

وإن كان الحماس يغمر بعض الطلاب، رغم الظروف السيئة، فالبعض الآخر لا يشعر بالتفاؤل. تقول ليلى الصابي، الطالبة في شعبة علم الاجتماع، إنها لا ترى أملاً في المستقبل ما دام الشارع يفيض بمن سبقوها من المجازين المعطلين.

وتقول لموقع (إرفع صوتك) "في ظل غياب مبادرات حكومية أو فردية للتوظيف، فالأمل في العمل ضئيل جداً، ويحد من عزيمتي كطالبة باحثة في المجال الاجتماعي، وهو المجال الذي لا تتوفر فيه فرص عمل كباقي القطاعات الأخرى".

وتردف ليلى، 24 عاماً، "القطاع الخاص يستنزف طاقات الأفراد بمقابل مادي زهيد نظير أتعاب شاقة، وبالتالي فالإنسان يفضل الانتظار للحصول على وظيفة في القطاع العمومي على أن يهدر طاقته في القطاع الخاص الذي لا يشعر الموظف بالاستقرار فيتوجس دائماً من فقدانه لوظيفته".

فيما يرى إسماعيل الرازي، 25 عاماً، أن الجامعات المغربية أصبحت تنتج البطالة فقط، وقلة قليلة متحصل على عمل عن طريق الوساطة.

ويقول لموقع (إرفع صوتك) "لا أمل لنا في إيجاد وظيفة غير الاعتماد على أنفسنا والبحث في القطاع الخاص عما ينقذنا من تعنيف قوات الأمن إذا ما ناضلنا وتظاهرنا ضد الحكومة لتشغيلنا".

ويضيف اسماعيل بصوت تغلب عليه نبرة اليأس والحسرة "نصرف مبالغ مالية مهمة من أجل التكوين في ظل غياب المنح أو الدعم الحكومي، ونتخرج في آخر المطاف لنواجه شبح البطالة".

وعن طموحه المستقبلي، يقول الرازي الذي يتابع دراسته في كلية الآداب بالرباط، تخصص اللغة الفرنسية "لا أنتظر من شهادتي الجامعية أن تكون سبباً في توظيفي. الحل الذي أراه مناسباً هو الهجرة لأوروبا أو إنشاء مشروع خاص بي يدر لي دخلاً أتقي به شر الزمن".

*الصورة: "في ظل غياب مبادرات حكومية أو فردية للتوظيف، فالأمل في العمل ضئيل جداً"/Shutterstock

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".