الجزائر - بقلم أميل عمراوي:
"من غير المعقول أن يأتي الخطر الذي يتهدد حياتك من عائلتك"، تقول زينب عساس لموقع (إرفع صوتك) عن المصاعب التي واجهتها ومعارضة الأهل لها خلال فترة دراستها الثانوية ثم الالتحاق بالجامعة في الجزائر العاصمة. "لقد هددني أخي الذي كان ينتمي لإحدى الجماعات المسلحة الناشطة بجيجل حيث كنت أسكن برفقة عائلتي".
اليوم، زينب تعمل أستاذة في إحدى جامعات الجزائر.
لو لم أهرب لأصبحت زوجةً للأمير
في البداية، كان شقيقها يصرّ على ارتدائها الحجاب. وكانت زينب تعتقد أنّه كان متعاطفاً مع الإسلاميين فقط وأنه يريد حمايتها مخافة أن يُعتدى عليها، على حد قولها. "لكن لما تبين أنه كان واحداً منهم. وطلب أن أرافقه إلى الجبل حتى يزوجني بأحدهم، قررت الفرار من البيت والالتحاق ببيت أعمامي في قسنطينة".
تشير زينب إلى أنّه لولا هربها، لما أكملت دراستها وباتت اليوم من حملة شهادة الدكتوراه. وتضيف "لم أكن أتصور أن يصل به الأمر إلى حد تقديمي قرباناً لأميره، لأنني سمعت لاحقاً أنه كان ينوي تزويجي به حتى يظهر هو بمظهر المسلم المطيع لمن يأتمر بأمره".
بقائي على قيد الحياة ... نجاح في حد ذاته
حين ضرب الإرهاب الجزائر في تسعينيات القرن الماضي، تصاعدت العمليات التي استهدفت الفتيات اللواتي أصرين على متابعة الدراسة متحديات الموت الذي كان يعترض طريقهن نحو المدارس بقرى الجزائر.
زينب ومثلها ليلى وحميدة عيّنة عن فتيات رأين الويل حتى أكملن الدراسة أو التدريس في تلك الحقبة المظلمة من تاريخ البلاد.
ليلى عشير، مسؤولة في مؤسسة عمومية وتتحدر من مدينة البليدة غرب العاصمة الجزائر، تقول لموقع (إرفع صوتك) "أنا اليوم أم لطفلين وزوجي متفهم وكريم وأحمد الله على ذلك، لكني ما زلت أعاني من الخوف أو الرهاب من كل ما له علاقة بتلك الجماعات".
وتتابع ليلى "يؤلمني أن أسمع أن هناك من يخطف البنات ليصبحن جواري ونحن في الألفية الثالثة، كيف لجماعة أشرار كتلك التي تنشط في نيجيريا والتي تسمى بوكو حرام أن تتمكن من اختطاف ذاك العدد الهائل من الفتيات.. وداعش كذلك".
تشير ليلى إلى تجربة مرّة مرت بها حين حاول أحد الإرهابيين استدراجها وهي في سن الـ17. "لن أنسى ذلك اليوم حيث استأمنته كوني أعرفه ليوصلني إلى المنزل، لكني لم أكن أعرف أنه كان معهم. صعدت سيارته وكانت الوجهة نواحي المدية (إحدى ولايات الجزائر)، ولما مررنا بأحد الحواجز المزيفة لم ينتابه أي خوف، بل لم يوقفنا أحد".
فهمت ليلى عندها أنّه كان ينوي اصطحابها للجبل، فطلبت منه أن تقضي حاجتها في مكان على جانب الطريق ثم غافلته وهربت.
بعد تلك الحادثة، اضطرت الفتاة أن تبتعد عن عائلتها بسبب الخجل مما حدث معها، خاصة أنها كانت فتاتهم الوحيدة. "على الرغم من هذه التجربة إلا أنني تمكنت من إتمام دراستي لكن بولاية أخرى والمهم في الأمر هو بقائي على قيد الحياة!".
دائماً تنتصر الحياة
حميدة العيفاوي، سيدة متقاعدة كانت مديرة لمؤسسة تعليمية بالبويرة شرق العاصمة اختطفت من طرف جماعة مسلحة عام 1994، وتعرضت لأبشع صور التعذيب. لكنها استطاعت أن تكمل مسيرتها حتى النهاية والسبب إصرارها على البقاء أو الموت وهي تدافع عن حق البنات في الدراسة.
تقول لموقع (إرفع صوتك) "حينما اعترضت سيارتي جماعة مسلحة، قلت في قرارة نفسي إنها آخر ساعة في حياتي، لكني لم أندم على مواجهتهم لأنني كنت متيقنة أنني على صواب".
روت حميدة أنها بقيت محتجزة على مدى أربعة أيام تعرضت خلالها للضرب. وتضيف "لم أغتصب والحمد لله ، لكن ضربت لأنني كنت أدع الفتيات غير المحجبات يتابعن الدراسة وهو الأمر الذي حاولوا منعي منه عبر الرسائل التهديدية التي كنت أتلقاها عند باب المدرسة والبيت أحياناً".
تمكنت حميدة من الهرب والتحرر من محتجزيها في نهاية الأمر، لكنها واصلت التعليم. وتقول "أحمد الله على القوة التي أمدني بها تلك الأيام، لقد نجحت لأنني أكملت مشواري فأين هم... دائماً تنتصر الحياة".
*الصورة: "دائماً تنتصر الحياة"/Shutterstock
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659