بقلم إلسي مِلكونيان:

تستعد العاصمة اللبنانية بيروت لبدء الانتخابات البلدية يوم الأحد 8 أيار/مايو المقبل وسط حديث سكانها عن وجود ما يميز الانتخابات الحالية عن سابقتها في 2010.

الجديد في الأمر هو ترشح لائحة "بيروت مدينتي" المكونة من مجموعة من الشباب، عددهم 24 بالمناصفة بين الذكور والإناث، الذين يؤكدون بدورهم أنهم خارج الاصطفاف الحزبي والتأثيرات السياسية الداخلية والخارجية.

تتنافس هذه اللائحة مع أربع لوائح أخرى هي "مواطنون ومواطنات في دولة" و"حركة الشعب" و"البيارتة" و"بيروت". وتتضمن كل من هذه اللوائح الأربع سياسيين سابقين أو تتبع توجهات حزبية واعتبارات طائفية. لكن ما الذي تسعى "بيروت مدينتي" لتغييره؟ وهل تنجح في مسعاها أمام الحروب الإقليمية التي تحيط بلبنان؟

آراء الشارع

أثرت الأزمات المعيشية والبيئية خلال السنوات الأخيرة على سكان العاصمة كأزمة النفايات ورداءة الخدمات، فبات بعضهم يعلّق الأمل على اللائحة غير الحزبية بينما آخرون لا يرون دوراً أو حظاً لنجاح اللائحة الشبابية الجديدة، وفق استطلاع أجراه موقع (إرفع صوتك).

وقال حسن، صاحب شركة تعهدات، لموقع (إرفع صوتك) "نتمنى أن تفوز "بيروت مدينتي" وأن تكون عملية التطبيق جزءاً من البرامج التي وعدوا بها وألا يستغرق تنفيذها وقتاً طويلاً". يشاركه الرأي وجيه، وهو حِرفي، بقوله "أتمنى أن يفوزوا لأن بيروت بحاجة إلى تغيير جوهري" .

أما بالنسبة لسارة وهي ناشطة اجتماعية، فهي تعتقد في حديثها لموقع (إرفع صوتك) أن "اللائحة تستحق التصويت لأن لديها برنامجا واضحا وتضم مرشحين حسب الخبرة وأعضاؤها كانوا دوماً في المظاهرات والاحتجاجات الحقوقية على عكس أعضاء اللوائح الأخرى المنافسة".

من جهة أخرى، يعبر آخرون عن أسفهم وإحباطهم بسير ونتائج العملية الانتخابية ككل وسط شغور كرسي الرئاسة لمدة عامين مثل رزان وصالحة. فهما لا ترغبان بالتصويت، "إذ لا يوجد ما يشجع على ذلك".

نهدف إلى التغيير

 تعتمد الحملة الانتخابية لـ"بيروت مدينتي" على برنامج مؤلف من عشر نقاط يهدف إلى تحسين الحركة والنقل في المدينة، وزيادة المرافق المجتمعية وتأمين سكن ملائم وإدارة النفايات، إضافة إلى خطط تنموية أخرى.

وتضم اللائحة شبانا مثقفين يختص كل منهم بجانب معين، من ضمنهم أمل شريف، المرشحة الأولى من ذوي الاحتياجات الخاصة في الانتخابات البلدية اللبنانية.

وفي سؤال عما تنوي فعله في حال الفوز، تقول شريف لموقع (إرفع صوتك) "سأهتم بتأمين طرقا تناسب المعوقين لأنهم يواجهون صعوبة بالغة في التنقل، ما يمنعهم من المشاركة في الحياة العملية، وقد تلقيت اتصالات من كثيرين يطالبونني بهذا". وتضيف شريف ومهنتها الأساسية مبرمجة "أعتقد أننا نملك القدرة على التغيير لأننا نملك برنامجاً واضح المعالم حيث أن الناس لم تعد مهتمة بالأشخاص بل بالبرامج".

أما عن مواجهة المنافسة من اللوائح الأخرى يقول المرشح يوركي تيروز، ومهنته صيدلاني "لقد خسرت الأحزاب جمهورها بسبب الأزمات السياسية، أما نحن فحاولنا أن نفصل العمل السياسي عن عمل البلديات، إذ أن الطرق والأرصفة لم تعد بحاجة إلى إيران والسعودية ليقررا مصير البيروتيين".

ويضيف في حديثه لموقع (إرفع صوتك) "نتميز بطرحنا لبرنامج مدروس يبنى على نقاط تتعلق بالنقل العام والمساحات الخضراء. كما أننا نشترك بنصف عدد لائحتنا مع النساء لأن المرأة نصف المجتمع".

وتضم اللائحة أيضاً فنانين كأحمد قعبور والمخرجة المعروفة نادين لبكي. وفي مقطع فيديو تشرح لبكي كيف تشكلت لائحة "بيروت مدينتي" وعن الأمل بمستقبل أفضل. وينشر هذا الفيديو بتصريح خاص من لبكي لموقع (إرفع صوتك):

فرص النجاح وإمكانية التغيير

 يعتبر البعض أن وجود شباب متحمس في أي لائحة انتخابية يساعد على نجاحها، لكن النجاح في لبنان مرهون بعدة أمور.

يقول المحامي اللبناني عيسى نحاس في مداخلة لموقع (إرفع صوتك) إن "وجود الشباب هو حراك تقدمي وتشكيل اللائحة بدون تبعية حزبية أمر جيد. لكن في لبنان الوضع الطائفي والحزبي والسياسي وتدخلات الدول يجعل فوز "بيروت مدينتي" صعباً، لكنه ليس مستحيلاً".

ويشرح نحاس أن نجاح أي لائحة وقدرتها على تغيير الوضع إلى الأفضل يتطلب توافر ثلاث نقاط مهمة:

أولاً: أن تمتلك مشاريع إنمائية وبرامج تحمل أفكارا جديدة قابلة للتنفيذ، بحيث تكون مفصلة وواضحة للمواطن لتساعده على اختيار اللائحة الأفضل والتصويت لها. أما في المراحل اللاحقة يجب أن يكون هناك أيضاً منهجية لمراقبة تنفيذ هذه المشاريع.

ثانياً: تعديل القوانين لكي تكون بلدية فاعلة. إذ لا يمكن تطبيق مشاريع إنمائية جديدة دون وجود قوانين تساعد على تنفيذها. أما القوانين الحالية فهي لا تعطي للبلدية إلا هامشاً صغيراً لتنفيذ مهامها.

ثالثاً: يجب أن تكون هناك خارطة طريق لبناء بيروت ولبنان بشكل عام لإنقاذه من المشاكل التي تعصف به كالنفايات والطرق وغيرها.

*الصورة: وسط بيروت/Shutterstock

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Palestinians gather to receive food cooked by a charity kitchen, in Khan Younis
حذر تقرير جديد نشرته الأمم المتحدة، الخميس، من تفاقم أزمة الجوع العالمية- تعبيرية

حذر تقرير جديد نشرته الأمم المتحدة، الخميس، من تفاقم أزمة الجوع العالمية، حيث يعاني ملايين الأشخاص حول العالم من انعدام الأمن الغذائي الحاد. وأشار التقرير إلى أن الصراعات، والتغيرات المناخية، قد أدت إلى زيادة حادة في أعداد الجوعى، خاصة في مناطق مثل السودان وقطاع غزة.

وعقب نشر التقرير، تحدث ثلاثة مسؤولين أمميين، عبر الفيديو، إلى صحفيين في نيويورك، حيث قدموا إحاطة عن التحديث نصف السنوي للتقرير العالمي عن الأزمات الغذائية لعام 2024 والذي يغطي الفترة حتى نهاية أغسطس 2024.

وأكد المسؤولون الأمميون الحاجة الماسة إلى زيادة التمويل الإنساني والعمل على معالجة الأسباب الجذرية للأزمات الغذائية، مثل الصراعات والتغيرات المناخية، وذلك لمنع تفاقم الوضع وتجنب حدوث مجاعات أوسع نطاقا.

وفي بداية الإحاطة قدم، ماكسيمو توريرو، كبير الخبراء الاقتصاديين في منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) لمحة عامة عن النتائج الرئيسية للتقرير.

ويُظهر التقرير أن عدد الأشخاص الذين يواجهون مستوى كارثيا من انعدام الأمن الغذائي تضاعف من 705 آلاف شخص في 5 دول وأقاليم في عام 2023 إلى 1.9 مليون في 4 دول أو أقاليم في عام 2024. وهذا هو أعلى رقم يسجله التقرير العالمي عن الأزمات الغذائية، ويعود ذلك في الغالب إلى الصراع في قطاع غزة والسودان، وفقا لتوريرو.

ويشار إلى أن التصنيف المتكامل للأمن الغذائي يتكون من خمس مراحل، ومستوى "الأزمة" أو انعدام الأمن الغذائي الحاد هو المرحلة الثالثة من التصنيف. المرحلة الرابعة هي الطوارئ، أما المرحلة الخامسة فهي الكارثة أو المجاعة.

وقال توريرو إن اشتداد وتيرة الصراعات في غزة والسودان وأيضا الجفاف الناجم عن ظاهرة النينيو وارتفاع أسعار المواد الغذائية المحلية يزيد من عدد الأشخاص الذين يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد في 18 دولة مقارنة بعام 2023.

مجاعة مستمرة في مخيم زمزم

في السودان، قال توريرو إن المجاعة مستمرة في مخيم زمزم للنازحين بالقرب من مدينة الفاشر في ولاية شمال دارفور، ومن المتوقع أن تستمر حتى أكتوبر المقبل. ونبه إلى أن العديد من المناطق الأخرى في جميع أنحاء السودان معرضة أيضا لخطر المجاعة بسبب استمرار العنف ومحدودية المساعدات الإنسانية.

وأضاف المسؤول الأممي أن الصراع يستمر في التسبب بتدهور سريع للأمن الغذائي في السودان، حيث تشير التقديرات إلى أن حوالي 26% من الأشخاص سيواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد. وتم تصنيف حوالي 25.6 مليون شخص على أنهم يعانون من مستوى أزمة أو أسوأ.

وألقى الصراع في السودان بظلاله على الأمن الغذائي في البلدان المجاورة مثل تشاد وجنوب السودان، وفقا لتوريرو.

أزمة الغذاء في غزة الأكثر شدة في التاريخ

أما بشأن الوضع في غزة، يقول توريرو إن أزمة الغذاء لا تزال الأكثر حدة في تاريخ التقرير العالمي عن الأزمات الغذائية، مع وجود ما يقرب من 2.2 مليون شخص من السكان ما زالوا في حاجة ماسة إلى الغذاء والمساعدة.

وقد اشتدت حدة الأزمة، حيث عانى نصف السكان من المجاعة خلال الفترة بين مارس وأبريل، ارتفاعا من ربع السكان خلال الفترة من ديسمبر 2023 إلى فبراير 2024.

وتشير التوقعات إلى انخفاض هذه النسبة إلى 22% من السكان - أي حوالي 495 ألف شخص، خلال الفترة بين يونيو وسبتمبر 2024، ولا تشير الأدلة المتاحة إلى المجاعة على الرغم من أن خطرها لا يزال قائما.

جانب إيجابي

على الصعيد الإيجابي، قال توريرو إن تحسن موسم الحصاد والاستقرار الاقتصادي أديا إلى تحسن في الأمن الغذائي في 16 دولة.

ومن بين هذه الدول الـ 16 شهدت 5 دول - هي أفغانستان وكينيا والكونغو الديمقراطية وغواتيمالا ولبنان - انخفاضا في عدد الأشخاص الذين يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد بمقدار مليون شخص على الأقل، منذ بلوغ الذروة في عام 2023، لكن جميع هذه الدول لا تزال في وضع الأزمة.

ما المطلوب؟

فيما يتعلق بالإجراءات المطلوبة لتحسين وضع الأمني الغذائي، تطرق، عارف حسين، كبير الاقتصاديين في برنامج الأغذية العالمي، إلى أمرين قال إنهما مطلوبان بشدة وهما الوصول إلى الأشخاص المحتاجين والتمويل المستدام.

وأضاف: "لا يكفي أن يكون لديك واحد من هذين الأمرين. أي إذا توفر الوصول وحده فهذا لا يكفي، وإذا توفر المال وحده فهو لا يكفي أيضا. أنت بحاجة إلى الاثنين معا (...) ولذلك نسعى إلى التأكد من وجود وصول وتمويل مستدامين حتى نتمكن من مساعدة الأشخاص المحتاجين سواء في غزة أو في السودان أو في أي مكان آخر".

وتحدث حسين عن مشكلة أخرى وهي "الإجهاد في مجال التمويل"- في إشارة إلى الإجهاد الذي أصاب الجهات المانحة. وشدد في هذا السياق على ضرورة معالجة الأسباب الجذرية لانعدام الأمن الغذائي سواء تعلق ذلك بالمناخ أو بالصراع، "لأنه ما لم نعالج الأسباب الجذرية، فلا ينبغي لنا أن نتوقع انخفاضا في الاحتياجات".

الهزال يفتك بالأطفال في مناطق الأزمات

الدكتور فيكتور أغوايو، مدير التغذية ونمو الطفل في منظمة اليونيسف تحدث في إحاطته عن الهزال بوصفه الشكل الأكثر تهديدا للحياة من أشكال سوء التغذية لدى الأطفال. وقال إن الهزال يظل مرتفعا جدا بين الأطفال الذين يعيشون في بلدان تعاني من أزمات غذائية.

ويعود ذلك، وفقا للمسؤول الأممي، إلى عدم قدرة الأسر على الوصول إلى الأطعمة المغذية لأطفالها أو تحمل تكلفة تلك الأطعمة، فضلا عن عدم القدرة على الوصول إلى خدمات الصحة والتغذية والمياه والصرف الصحي.

وقال أغوايو إن التقرير العالمي يسلط الضوء على زيادة مقلقة في هزال الأطفال، مع مستويات حرجة في 8 دول هي الكاميرون وتشاد وجيبوتي وهايتي والسودان وسوريا وأوغندا واليمن.

أكثر من 50 ألف طفل في غزة يعانون من سوء التغذية الحاد

وقال مدير التغذية ونمو الطفل في اليونيسف إنه زار غزة الأسبوع الماضي ورأى بنفسه كيف انعكست شهور من الحرب والقيود الشديدة المفروضة على الاستجابة الإنسانية، وأدت إلى انهيار أنظمة الغذاء والصحة والحماية، مع عواقب كارثية على تغذية الأطفال.

ووصف النظام الغذائي للأطفال الصغار بأنه "رديء للغاية"، حيث لا يتناول أكثر من 90 في المئة منهم سوى نوعين من الطعام، يوميا، في أفضل الأحوال، وأضاف: "ونحن نقدر أن أكثر من 50 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد ويحتاجون إلى علاج منقذ للحياة الآن".

ومضى قائلا: "التقيت أثناء وجودي في غزة بأطباء وممرضات وعاملين في مجال التغذية ينفذون البرامج التي ندعمها... واستمعت إلى نضالات الأمهات والآباء في سبيل إطعام أطفالهم. وما من شك لدي في أن خطر المجاعة وأزمة التغذية الشديدة واسعة النطاق في غزة حقيقي".

حاجة إلى وقف فوري لإطلاق النار

أغوايو قال إن هناك سبيلا واحدا لمنع ذلك الخطر وأضاف: "نحن بحاجة إلى وقف إطلاق النار، على الفور، ومع وقف إطلاق النار، يجب توفير وصول إنساني مستدام وواسع النطاق إلى قطاع غزة بأكمله. وقف إطلاق النار والاستجابة الإنسانية غير المقيدة وحدهما الكفيلان بتمكين الأسر من الوصول إلى الغذاء، بما في ذلك التغذية المتخصصة للأطفال الصغار، والمكملات الغذائية للنساء الحوامل، وخدمات الصحة والمياه والصرف الصحي لجميع السكان".

في السودان، يتأثر أكثر من 25 مليون شخص بانعدام الأمن الغذائي - بمن فيهم ما يقرب من 3.7 مليون طفل يعانون من سوء التغذية الحاد. وتستمر هذه الأرقام في الارتفاع بسبب النزوح الجماعي، والوصول الإنساني المحدود، وتعطل خدمات الصحة والتغذية، وفقا لأغوايو.

ودعا المسؤول في منظمة اليونيسف إلى استجابة إنسانية غير مقيدة وواسعة النطاق للوقاية المبكرة والكشف عن وعلاج سوء التغذية الحاد بين الأطفال الأكثر ضعفا، وخاصة لمن تقل أعمارهم عن 5 سنوات، وأمهاتهم، والذين تتعرض حياتهم للخطر بسبب هذه الأزمات المتصاعدة المتعددة.