صنعاء- بقلم غمدان الدقيمي:
"هذه الفترة (2011-2016) أثرت جداً على حياتي. ربما تكون أهم فترة"، يقول محمد المقبلي عن الحراك الشعبي الذي عرف بـ"الربيع اليمني" وانتهى بتنحي الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح عن الحكم.
"نظرتي للحياة تغيرت. كذلك خطتي الشخصية نحو المستقبل وأفكاري. الكثير من المسلمات التي كنت أعتقد أنّها راسخة لم تعد كذلك".
بعد تنحي صالح، شهد اليمن أحداثاً متسارعة، بدءاً بتسلم الرئيس عبد ربه منصور هادي السلطة في شباط/فبراير 2012 حتى خوض اليمنيين خلال 18 آذار/مارس 2014 - 25 كانون الثاني/يناير عام 2015، حواراً وطنياً شاملاً بمشاركة مختلف القوى.
وفي 21 أيلول/ سبتمبر 2014، سيطر الحوثيون وحلفاؤهم في النظام السابق على العاصمة صنعاء، ليتحول الصراع السياسي إلى حرب أهلية، يشارك فيها منذ نهاية آذار/مارس 2015، تحالف عسكري عربي بقيادة السعودية، لدعم الحكومة الشرعية.
ورغم ذلك، ما يزال كثير من الشباب اليمني يسعى للتغيير السلمي في البلد.
جُرأة وانقلاب سياسي
يقول المقبلي، وهو ناشط سياسي ورئيس القطاع الطلابي بمجلس شباب الثورة، لموقع (إرفع صوتك) إن تلك الفترة كانت "لحظة مفصلية" في حياة الشعب والشباب. "امتلكنا الجُرأة لفك الانسداد الذي كان حاصلاً في حياتنا بفعل الاستبداد الشامل والتخلف والفساد. وسنسعى إلى إصلاح تلك الانسدادات وإعادة بنائها، أصبحت خبرتنا السياسية الآن أكثر".
"صحيح أننا دخلنا نوبة يأس مؤقتة في العام الذي تلى انطلاق الثورة لكننا استعدنا نشاطنا وحضورنا في الشأن العام بخبرة ونضج أكثر"، يقول الشاب في العقد الثالث من العمر.
تم اختيار المقبلي كأحد ممثلي شباب الثورة في مؤتمر الحوار الوطني، وناضل من أجل أهداف ثورته التي تعرضت ومخرجات الحوار لانقلاب سياسي، حسب قوله.
ويشير الشاب إلى أنّه "من خلال مخرجات الحوار، اتضحت معالم المستقبل وملامح الدولة الاتحادية الجديدة التي عكست أهداف ثورة الشباب في وثيقة نظرية تعتبر رؤية الألف عام، لكونها أول رؤية شاملة في تاريخ البلد يتوافق عليها الجميع".
الانتصار على اليأس
التغيير بالنسبة للمقبلي، حلم يجب أن يتحقق. "هو مشروع استراتيجية وبوصلة نحو المستقبل لأننا كشباب أصحاب المصلحة الحقيقية. إذا لم يتقدم هذا البلد ويتطور، وإذا لم تكن الحرية جزءاً من المستقبل، سيكون مستقبلنا أشبه بثلاجة موتى".
يتابع بشأن ترجمة طموحاته "أعمل على تأهيل نفسي بالمزيد من النشاط التغييري الفكري، للإسهام في قيادة التغيير، فضلاً عن نشر ثقافة التغيير بمن حولي. من خلال ثنائية العمل والأمل، انتصرتُ على اليأس كمدخل رئيس للانتصار على الديكتاتورية".
ملاحقة وانعزال وهجرة..
ينتمي المقبلي إلى إحدى القرى الريفية بمحافظة إب (وسط اليمن). ويشرح تجربته في مغادرة صنعاء قائلاً "تعرضت للملاحقة من قبل تحالف الانقلاب وانعزلت في قريتي من بداية عام 2015 وحتى مطلع 2016. ثم غادرتها بعد إشعار بأن حملة أمنية قادمة لاختطافي. تنقلت حتى وصلت إلى اسطنبول واستأنفت هنا نشاطي".
"لدي قناعة أن الصراع بين الحرية والاستبداد يتضمن جولات متعددة، تكسب الحرية جولة وتخسر أخرى"، يقول المقبلي، مضيفاً "لكن المستقبل للحرية".
طموح ورهان
من جهة أخرى، يؤكد محمد شمس الدين، وهو كاتب صحافي وموظف حكومي، أن تراجع مستوى دخله، لم يمنعه من مواصلة مشوار التغيير.
"وضعي المعيشي قبل 2011 كان أفضل من الآن، لكن نفسياً وحجم الطموح والأمل بمستقبل أفضل. ارتفع أكثر من ذي قبل"، يقول شمس الدين، 40 عاماً، لموقع (إرفع صوتك).
وأضاف "مستقبلي ومستقبل الأجيال القادمة مرهون بتغيير شامل في كافة المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية".
ويتحدث عن دوره قائلاً "سأستمر بنشاطي الصحافي وجلساتي العامة في مقارعة الأطراف المعيقة للتغيير حتى نصل لما نطمح إليه".
الأحزاب وحركة التغيير
يرى شمس الدين أن الخمس سنوات الماضية، أظهرت أن "قيادة المعارضة اليمنية نسخة من النظام الذي ثرنا ضده. أداؤها الهزيل كشف أنها غير جديرة بالبقاء ولن تخطو البلاد إلى الأمام إلا بمغادرتها للمشهد السياسي، وإحداث ثورة تغيير داخل الأحزاب تسمح لوجوه شابة برسم مستقبلها ومستقبل اليمن".
ويسترسل "قيادة الأحزاب أعاقت حركة التغيير بالتظليل والعبث بالنشاط السياسي، مثلها مثل النظام السابق الذي دمر اليمن وأوصلنا إلى ما نحن عليه اليوم".
لكن الأحزاب المعارضة السابقة المنضوية في تكتل (اللقاء المشترك) التي تصدرت الثورة الشعبية، تنفي هذه الاتهامات، وتحمل الرئيس السابق والحوثيين مسؤولية الانقلاب، بينما يقول الحوثيون إنهم قادوا ثورة على الفساد.
*الصورة: مظاهرات سابقة في اليمن/Shutterstock
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659