بغداد – بقلم ملاك أحمد:

"هكذا لدينا الآن وقفة لتنظيف الشوارع. نحن نفعل ذلك دون أن يكون لنا علاقة بالمؤسسات الحكومية"، يقول الشاب أثير السوداني، الذي دفعه ومجموعة من الشباب إلى العمل التطوعي ضعف الدور الذي تقدمه المؤسسات الحكومية المعنية بهذا الشأن.

يتواصل أثير، الذي لم يتجاوز العقد الثاني من عمره، يومياً مع أقرانه من الشباب، لتنظيم حملات تنظيف شوارع العاصمة بغداد وزيارة ملاجئ لرعاية الأيتام أو دور العجزة أو التبرع بالدم وغيرها من الأعمال التطوعية.

وبأسف يقول لموقع (إرفع صوتك) "في الواقع، فإن المؤسسات الحكومية ليست ذات صلة إلى حد كبير بما نحتاجه، كما أنها بعيدة كل البعد عن أن تكون مؤثرة".

توعية المجتمع

أثير الذي لا يعمل كموظف في منظمة غير حكومية أو مجتمع مدني أصبح يشعر ومجموعة من الشباب مع فشل المؤسسات الحكومية في تحسين الأوضاع كافة، على حد تعبيره، بضرورة توعية المجتمع أن العمل التطوعي سلوك وأخلاق شعب لديه من الحس الوطني ما يعوضه عن ضعف الدور الذي تقدمه مؤسسات الدولة.

"ربما تستطيع هذه الفعاليات أن تحض الجهات الحكومية على تفعيل دورها بشكل حقيقي"،  يضيف الشاب.

تجمعات شبابية

نشطت خلال الأعوام الاخيرة مجموعات شبابية عديدة في إطار حملات المساعدة وجمع التبرعات والدعم المعنوي. كان من بين تلك المجموعات التي لم تسجل رسمياً في سجلات المنظمات غير الحكومية حتى الآن، واقتصر عملها على المواطن مثل فريق ابتسم التطوعي وتطوعية شباب الأعظمية ولمسة عراقية وتعال نكتب في بغداد ومتطوعين للعراق وبغداد، وكذلك مجموعة "عندي أمل" وغيرها الكثير من المجموعات التي تعمل حتى دون أن تطلق تسمية تعريفية بها.

وتقضي هذه التجمعات أوقاتها الآن وهي تستقطب الشباب وتشجعهم على التطوع في العمل الجماعي في حملات توعية تطلقها لدعم النازحين والجيش والمرضى وغيرهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، على اعتبار أنّ مؤسسات الدولة لا تهتم بالتماسك الاجتماعي في البلاد.

وزيودي العراقي، أحد الشباب الذين هاجروا البلاد. ولأنه لم يقوَ على الغربة والاشتياق لأهله فكان لا بد له من العودة عام 2009.

يقول زيودي، 30 عاماً، لموقع (إرفع صوتك) "كنت أشعر في المهجر بالاختلاف. المواطن في الغرب يمارس السلوك الإنساني ويهتم بالدعم المعنوي والحالة النفسية للصغير قبل الكبير. شعرت باختلافنا عنهم وبقيمة الإنسان الحقيقية"، ويكمل "نحن في بلدنا نعيش عرضة للعديد من حالات العنف النفسي والبدني، مثل الاساءة والإهمال".

أثار هذا الحال حزن زيودي ، فعاد للبلاد وأطلق مع مجموعة من الشباب حملات دعم ومساعدة، وخاصة للأطفال المرضى والمصابين بالأمراض السرطانية.

يروي أنّ "المئات من المتطوعين والمتبرعين هم من عامة الشعب العراقي، هم يحاولون سد ثغرات الدور الحكومي والمؤسساتي المفقود، خاصة بعد إعلان حالة التقشف في البلاد".

ويشير زيودي إلى أنّ "المنظمات الدولية تلجأ إليهم في جمع المعلومات والبيانات المهمة، لأنها تثق بمصداقية عملهم، في حين نجد هذه المنظمات لا تفضل التعامل مع المؤسسات الحكومية لأنها دائماً ما تقدم أو تظهر معلومات غير دقيقة".

*الصورة: "المئات من المتطوعين والمتبرعين هم من عامة الشعب العراقي"/إرفع صوتك

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".