صنعاء- بقلم غمدان الدقيمي:

بعد مضي عام وثلاثة أشهر على انتهاء مؤتمر الحوار الوطني الشامل، باتت اليمنيات أكثر تمسكاً بحقوقهن المكتسبة بعد نضال تجاوز عقدين من الزمن لإثبات وجودهن.

وتصدرت النساء "ثورة الربيع اليمني" سنة 2011 فضمن لهن مؤتمر الحوار، الذي أقيم في الفترة بين 18 آذار/مارس 2013 - 25 كانون الثاني/يناير 2014، نسبة 30 في المئة في جميع مراكز السلطة. وهذه النسبة هي التي ينبغي أن يتضمنها الدستور اليمني الجديد. وبلغت نسبة مشاركة المرأة 28.6 في المئة من إجمالي المشاركين في مؤتمر الحوار (565 عضواً)، والذين مثّلوا مختلف المكوّنات السياسية والمجتمعية الفاعلة.

كما حققت اليمنيات مكتسبات أخرى، بينها تحديد سن أدنى لزواج الفتيات لاحتواء ظاهرة زواج القاصرات، وتجريم العنف ضد هذه الفئة التي تتجاوز نصف إجمالي سكان اليمن (أكثر من 25 مليون نسمة).

لكن الأحداث الأخيرة في البلد ساهمت في تكريس الموروث الثقافي التراكمي القائم على إقصاء المرأة من المشاركة في الحياة العامة.

تعاطي باستخفاف

تقول فاطمة الأغبري، وهي ناشطة حقوقية، لموقع (إرفع صوتك) إن الأطراف السياسية تتعاطى مع هذه الالتزامات باستخفاف. "تواجد المرأة في مباحثات السلام اليمنية بالكويت بسيط جداً، يكفي هذا للقول إنهم غير جادين في التعامل مع هذه المخرجات".

توافقها الرأي ثريا دماج، رئيسة منظمة آن للتنمية، وعضوة مؤتمر الحوار الوطني، بقولها لموقع (إرفع صوتك) إن جميع الأطراف "تجاوزوا هذا الالتزام في كثير من اللجان المنبثقة عن مؤتمر الحوار والقرارات الرئاسية والحكومية، كتشكيل الحكومة وهيئة الرقابة على تنفيذ مخرجات الحوار وحتى لجنة صياغة الدستور".

انعكاسات الحرب

شكلت النساء العديد من جماعات الضغط المطالبة بتنفيذ استحقاقات التغيير في أي عملية سياسية قادمة، بناء على المواد المقررة في وثيقة الحوار. لكن الحرب التي دخلت عامها الثاني أعاقت تلك الخطوات.

"نتيجة للوضع القائم فإن الضغط النسوي ضعيف، المنظمات النسوية شبة متحركة في هذا الموضوع"، أوضحت الأغبري.

من جهتها، قالت انتصار شاكر، المديرة العامة لإدارة الشركاء في اللجنة الوطنية للمرأة، إن أشكال الضغط التي قامت بها اللجنة وشركاءها في منظمات المجتمع المدني بشأن مطالب النساء (تشريعية أو حقوقية، قانونية، تنموية)، أثمرت عن نتائج إيجابية خرج بها مؤتمر الحوار.

وأضافت لموقع (إرفع صوتك) "بسبب الحرب الداخلية والخارجية بدأت الأمور تتدهور وتوقفت كافة الأنشطة، ولم نلمس أي اهتمام بالمرأة من أي جهة".

ووفقاً للمسؤولة في اللجنة وعدد من القيادات في المنظمات النسوية، تحولت أنشطة الجميع من الجانب السياسي إلى الجانب التنموي والإغاثة الانسانية بحسب متطلبات الوضع الحالي.

نزرع التغيير في أذهان أطفالنا

رغم ذلك، لم تيأس كثير من اليمنيات، كما هو حال السيدة ثريا دماج التي تقول "لم نغرق في اليأس، ولم نتوقف يوماً عن المطالبة بتنفيذ مخرجات الحوار الهادفة إلى التغيير وتحقيق الدولة المدنية المنشودة".

تتابع "ما زلنا نركز على زرع مفهوم التغيير في أذهان أطفالنا من خلال برامج مجتمعية تديرها منظمات مدنية تهدف إلى تعويض هذا الجيل عما أتلفته الحرب".

وإلى جانب الأمن والسلام، والرقابة الشعبية للتغيير نحو الأفضل، تتمنى فاطمة الأغبري أن يكون للمرأة دور فاعل وألا تصبح مجرد شكل أو اسم. "نطمح أن تصل إلى مواقع صنع القرار".

وانتقدت الأغبري ما يردّده المعارضون لتمثيل النساء في مواقع صنع القرار، قائلة "هناك الكثيرات المؤهلات لذلك، لكن النظرة القاصرة للأسف الشديد سواء من المجتمع أو من الرجال أنفسهم تجعل الجميع يقتنع بأن المرأة لا تستطيع أن يكون لها دور في هذه المراكز".

ثغرات.. وتعهدات.. وآمال

في الأثناء، تعهّدت اللجنة الوطنية للمرأة، فور استقرار الوضع في البلد، بمواصلة العمل على آلية تنفيذ تلك الاستحقاقات، والضغط باتجاه الوفاء بها وفي مقدمتها "الكوتا".

وقالت انتصار شاكر "إذا دمجت كل مطالبنا في الدستور الجديد، سيكون هذا أمراً ممتازاً. وجود المرأة في مراكز صنع القرار مطلبنا الرئيسي لتحقيق نهضة تنموية".

وأشارت إلى ثغرات تخص المرأة في مسودة الدستور الجديد "سنطالب بتعديلها"، فضلاَ عن العنف ضد النساء.

"أنا متأملة جداَ خير" تقول انتصار رغم أن "البعض يتخوف من أن تعمل الفئات الدينية على تدني وضع المرأة وإحباطها".

وتضيف حول رؤيتها لمستقبل اليمنيات "سنستمر حتى نحصل على حقوقنا كاملة".

*الصورة: يمنية تشارك في تظاهرة بصنعاء/إرفع صوتك

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".