بقلم علي قيس:

"المتابع الدقيق لما يقوم به الأمير الشاب محمد بن سلمان يعرف أننا أمام سعودية جديدة، تتحدث بلغة شبابها الذين يمثلون قرابة 70 في المئة منها"، هكذا يبدأ الكاتب السعودي الشاب أمجد المنيف حديثه لموقع (إرفع صوتك) بشأن نظرة الشباب لموضوع تولي الأمير محمد بن سلمان لمناصب متقدمة في الحكومة السعودية.

ويضيف "ندرك أننا أمام تغيير (سياسي/اقتصادي/اجتماعي)، يركز على تجديد الكثير من الملامح في المملكة، سواء فيما يتعلق بالمشاركة السياسية، أو الرؤية الاقتصادية المرتكزة على تنويع مصادر الدخل، أو فيما يتعلق بالتحولات المجتمعية التي ستصاحب كل هذه التغييرات".

ويعد ولي ولي العهد ووزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، 30 عاماً، أصغر وزير دفاع في العالم.

ويحظى الأمير الشاب بنفوذ متنامٍ في المملكة. فبالإضافة إلى قيادته للعمليات العسكرية في اليمن، استطاع أن يضع يده على ملفات مهمة كالنفط والاستثمارات والسياسة الاقتصادية.

ولم تخلُ لغة المنيف من التفاؤل للتحول الذي طرأ على إدارة العملية السياسية في المملكة، واحتضانها لشخصيات شابة بين أعضائها، بعد عقود طويلة جعلتها سياسة نظام كهل. ويعلق المنيف حول ذلك بقوله "نستطيع أن نقول إن الأمير محمد بن سلمان كان واضحاً في الوقوف على مكامن الخلل والانتقاد بشكل مباشر وصريح، وهو أمر ظهر جلياً للجميع. وهذه ميزة تدل على جدية العمل، والرغبة الحقيقية في التحول، وفقاً للرؤية السعودية التي أعلنها الأمير".

ويختتم الكاتب الشاب حديثه بالتأكيد على أن نجاح الرؤية التي اعتمدها الأمير بن سلمان تحتاج إلى عدة عوامل، موضحاً "مهم جداً أن نقول إن الأمير ملم باحتياجات المرحلة، وكذلك التحديات التي ستقابلها، ومطلع على التفاصيل بشكل شمولي، ومتيقن بأن التغيير لن يكون ما لم يكن هناك تظافر وتعاون حكومي شعبي يترجم التطلعات ويستجيب للتغير المأمول".

إشادة أميركية

كما كان وزير الخارجية الأميركي جون كيري قد أكد مؤخراً في مقابلة حصرية مع موقع (إرفع صوتك) أن الدول العربية في حاجة إلى قيادات شابة في مراكز السلطة، ضارباً المثال بولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد.

وقال كيري "بدأنا فعلاً برؤية قادة من جيل الشباب على الساحة، مثل ما هو حاصل اليوم في السعودية بالنسبة لولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي يقود البلاد على أكثر من جبهة، لا سيما خطة التحول الاقتصادي للمملكة".

"رؤية السعودية 2030"

وقدم الأمير محمد بن سلمان خطة اقتصادية للمملكة عرفت بـ"رؤية السعودية 2030" ولاقت قبولاً سياسياً وشعبياً.

وأبرز ما جاء فيها:

- التحرر من الاعتماد على تصدير النفط وزيادة الإيرادات غير النفطية.

- تحويل صندوق الاستثمارات العامة السعودي إلى صندوق سيادي، وطرح خمسة في المئة من أسهم شركة أرامكو إلى البورصة وتحويل عائداتها إلى هذا الصندوق.

- تطبيق نظام البطاقة الخضراء السعودية على غرار البطاقة الخضراء الأميركية (الإقامة الدائمة)، وذلك لعدة أهداف من بينها تقليص التحويلات المالية إلى خارج المملكة.

- زيادة عدد المعتمرين من ثمانية ملايين سنوياً إلى 30 مليون معتمر.

- الاهتمام بالصناعة العسكرية ومشاريع الإسكان ومكافحة الفساد.

معارضة

عضو مجلس الشورى السعودي السابق محمد آل زلفة توقع بدوره أن تلقى الخطط التي وضعها الأمير محمد بن سلمان بعض المعارضة، وقال لموقع (إرفع صوتك) "ما من خطوة تتخذ في أي بلد وفي أي مرحلة تاريخية إلا ويكون هناك من لا يتفق عليها، ويرى أن هذا التغيير يضر بشيء من امتيازاته وصلاحياته"، مضيفاً "لكن ثنائية القيادة الشبابية للأميرين محمد بن سلمان وشريكه محمد بن نايف، تمثل حالة من الطمأنينة للسياسة السعودية".

ويحظى ولي العهد ووزير الداخلية الأمير محمد بن نايف، 56 عاماً، بالإعجاب في السعودية وبالاحترام داخل الأسرة المالكة، بسبب حربه على تنظيم القاعدة.

وتابع آل زلفة "نحن لا نقلل من قيمة القيادات السابقة، لكن الأمير أدرك ضرورة التغيير ورسم صورة واضحة لمعالم المستقبل".

واختتم عضو مجلس الشورى السابق حديثه بالقول "الخطط التي وضعها الأمير لم تكن ناتجة عن حالة انفعالية، بل بعد دراسات لذوي الاختصاص، وهذا يعطي الثقة للقيادات السعودية".

*الصورة: الأمير محمد بن سلمان/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Palestinians gather to receive food cooked by a charity kitchen, in Khan Younis
حذر تقرير جديد نشرته الأمم المتحدة، الخميس، من تفاقم أزمة الجوع العالمية- تعبيرية

حذر تقرير جديد نشرته الأمم المتحدة، الخميس، من تفاقم أزمة الجوع العالمية، حيث يعاني ملايين الأشخاص حول العالم من انعدام الأمن الغذائي الحاد. وأشار التقرير إلى أن الصراعات، والتغيرات المناخية، قد أدت إلى زيادة حادة في أعداد الجوعى، خاصة في مناطق مثل السودان وقطاع غزة.

وعقب نشر التقرير، تحدث ثلاثة مسؤولين أمميين، عبر الفيديو، إلى صحفيين في نيويورك، حيث قدموا إحاطة عن التحديث نصف السنوي للتقرير العالمي عن الأزمات الغذائية لعام 2024 والذي يغطي الفترة حتى نهاية أغسطس 2024.

وأكد المسؤولون الأمميون الحاجة الماسة إلى زيادة التمويل الإنساني والعمل على معالجة الأسباب الجذرية للأزمات الغذائية، مثل الصراعات والتغيرات المناخية، وذلك لمنع تفاقم الوضع وتجنب حدوث مجاعات أوسع نطاقا.

وفي بداية الإحاطة قدم، ماكسيمو توريرو، كبير الخبراء الاقتصاديين في منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) لمحة عامة عن النتائج الرئيسية للتقرير.

ويُظهر التقرير أن عدد الأشخاص الذين يواجهون مستوى كارثيا من انعدام الأمن الغذائي تضاعف من 705 آلاف شخص في 5 دول وأقاليم في عام 2023 إلى 1.9 مليون في 4 دول أو أقاليم في عام 2024. وهذا هو أعلى رقم يسجله التقرير العالمي عن الأزمات الغذائية، ويعود ذلك في الغالب إلى الصراع في قطاع غزة والسودان، وفقا لتوريرو.

ويشار إلى أن التصنيف المتكامل للأمن الغذائي يتكون من خمس مراحل، ومستوى "الأزمة" أو انعدام الأمن الغذائي الحاد هو المرحلة الثالثة من التصنيف. المرحلة الرابعة هي الطوارئ، أما المرحلة الخامسة فهي الكارثة أو المجاعة.

وقال توريرو إن اشتداد وتيرة الصراعات في غزة والسودان وأيضا الجفاف الناجم عن ظاهرة النينيو وارتفاع أسعار المواد الغذائية المحلية يزيد من عدد الأشخاص الذين يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد في 18 دولة مقارنة بعام 2023.

مجاعة مستمرة في مخيم زمزم

في السودان، قال توريرو إن المجاعة مستمرة في مخيم زمزم للنازحين بالقرب من مدينة الفاشر في ولاية شمال دارفور، ومن المتوقع أن تستمر حتى أكتوبر المقبل. ونبه إلى أن العديد من المناطق الأخرى في جميع أنحاء السودان معرضة أيضا لخطر المجاعة بسبب استمرار العنف ومحدودية المساعدات الإنسانية.

وأضاف المسؤول الأممي أن الصراع يستمر في التسبب بتدهور سريع للأمن الغذائي في السودان، حيث تشير التقديرات إلى أن حوالي 26% من الأشخاص سيواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد. وتم تصنيف حوالي 25.6 مليون شخص على أنهم يعانون من مستوى أزمة أو أسوأ.

وألقى الصراع في السودان بظلاله على الأمن الغذائي في البلدان المجاورة مثل تشاد وجنوب السودان، وفقا لتوريرو.

أزمة الغذاء في غزة الأكثر شدة في التاريخ

أما بشأن الوضع في غزة، يقول توريرو إن أزمة الغذاء لا تزال الأكثر حدة في تاريخ التقرير العالمي عن الأزمات الغذائية، مع وجود ما يقرب من 2.2 مليون شخص من السكان ما زالوا في حاجة ماسة إلى الغذاء والمساعدة.

وقد اشتدت حدة الأزمة، حيث عانى نصف السكان من المجاعة خلال الفترة بين مارس وأبريل، ارتفاعا من ربع السكان خلال الفترة من ديسمبر 2023 إلى فبراير 2024.

وتشير التوقعات إلى انخفاض هذه النسبة إلى 22% من السكان - أي حوالي 495 ألف شخص، خلال الفترة بين يونيو وسبتمبر 2024، ولا تشير الأدلة المتاحة إلى المجاعة على الرغم من أن خطرها لا يزال قائما.

جانب إيجابي

على الصعيد الإيجابي، قال توريرو إن تحسن موسم الحصاد والاستقرار الاقتصادي أديا إلى تحسن في الأمن الغذائي في 16 دولة.

ومن بين هذه الدول الـ 16 شهدت 5 دول - هي أفغانستان وكينيا والكونغو الديمقراطية وغواتيمالا ولبنان - انخفاضا في عدد الأشخاص الذين يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد بمقدار مليون شخص على الأقل، منذ بلوغ الذروة في عام 2023، لكن جميع هذه الدول لا تزال في وضع الأزمة.

ما المطلوب؟

فيما يتعلق بالإجراءات المطلوبة لتحسين وضع الأمني الغذائي، تطرق، عارف حسين، كبير الاقتصاديين في برنامج الأغذية العالمي، إلى أمرين قال إنهما مطلوبان بشدة وهما الوصول إلى الأشخاص المحتاجين والتمويل المستدام.

وأضاف: "لا يكفي أن يكون لديك واحد من هذين الأمرين. أي إذا توفر الوصول وحده فهذا لا يكفي، وإذا توفر المال وحده فهو لا يكفي أيضا. أنت بحاجة إلى الاثنين معا (...) ولذلك نسعى إلى التأكد من وجود وصول وتمويل مستدامين حتى نتمكن من مساعدة الأشخاص المحتاجين سواء في غزة أو في السودان أو في أي مكان آخر".

وتحدث حسين عن مشكلة أخرى وهي "الإجهاد في مجال التمويل"- في إشارة إلى الإجهاد الذي أصاب الجهات المانحة. وشدد في هذا السياق على ضرورة معالجة الأسباب الجذرية لانعدام الأمن الغذائي سواء تعلق ذلك بالمناخ أو بالصراع، "لأنه ما لم نعالج الأسباب الجذرية، فلا ينبغي لنا أن نتوقع انخفاضا في الاحتياجات".

الهزال يفتك بالأطفال في مناطق الأزمات

الدكتور فيكتور أغوايو، مدير التغذية ونمو الطفل في منظمة اليونيسف تحدث في إحاطته عن الهزال بوصفه الشكل الأكثر تهديدا للحياة من أشكال سوء التغذية لدى الأطفال. وقال إن الهزال يظل مرتفعا جدا بين الأطفال الذين يعيشون في بلدان تعاني من أزمات غذائية.

ويعود ذلك، وفقا للمسؤول الأممي، إلى عدم قدرة الأسر على الوصول إلى الأطعمة المغذية لأطفالها أو تحمل تكلفة تلك الأطعمة، فضلا عن عدم القدرة على الوصول إلى خدمات الصحة والتغذية والمياه والصرف الصحي.

وقال أغوايو إن التقرير العالمي يسلط الضوء على زيادة مقلقة في هزال الأطفال، مع مستويات حرجة في 8 دول هي الكاميرون وتشاد وجيبوتي وهايتي والسودان وسوريا وأوغندا واليمن.

أكثر من 50 ألف طفل في غزة يعانون من سوء التغذية الحاد

وقال مدير التغذية ونمو الطفل في اليونيسف إنه زار غزة الأسبوع الماضي ورأى بنفسه كيف انعكست شهور من الحرب والقيود الشديدة المفروضة على الاستجابة الإنسانية، وأدت إلى انهيار أنظمة الغذاء والصحة والحماية، مع عواقب كارثية على تغذية الأطفال.

ووصف النظام الغذائي للأطفال الصغار بأنه "رديء للغاية"، حيث لا يتناول أكثر من 90 في المئة منهم سوى نوعين من الطعام، يوميا، في أفضل الأحوال، وأضاف: "ونحن نقدر أن أكثر من 50 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد ويحتاجون إلى علاج منقذ للحياة الآن".

ومضى قائلا: "التقيت أثناء وجودي في غزة بأطباء وممرضات وعاملين في مجال التغذية ينفذون البرامج التي ندعمها... واستمعت إلى نضالات الأمهات والآباء في سبيل إطعام أطفالهم. وما من شك لدي في أن خطر المجاعة وأزمة التغذية الشديدة واسعة النطاق في غزة حقيقي".

حاجة إلى وقف فوري لإطلاق النار

أغوايو قال إن هناك سبيلا واحدا لمنع ذلك الخطر وأضاف: "نحن بحاجة إلى وقف إطلاق النار، على الفور، ومع وقف إطلاق النار، يجب توفير وصول إنساني مستدام وواسع النطاق إلى قطاع غزة بأكمله. وقف إطلاق النار والاستجابة الإنسانية غير المقيدة وحدهما الكفيلان بتمكين الأسر من الوصول إلى الغذاء، بما في ذلك التغذية المتخصصة للأطفال الصغار، والمكملات الغذائية للنساء الحوامل، وخدمات الصحة والمياه والصرف الصحي لجميع السكان".

في السودان، يتأثر أكثر من 25 مليون شخص بانعدام الأمن الغذائي - بمن فيهم ما يقرب من 3.7 مليون طفل يعانون من سوء التغذية الحاد. وتستمر هذه الأرقام في الارتفاع بسبب النزوح الجماعي، والوصول الإنساني المحدود، وتعطل خدمات الصحة والتغذية، وفقا لأغوايو.

ودعا المسؤول في منظمة اليونيسف إلى استجابة إنسانية غير مقيدة وواسعة النطاق للوقاية المبكرة والكشف عن وعلاج سوء التغذية الحاد بين الأطفال الأكثر ضعفا، وخاصة لمن تقل أعمارهم عن 5 سنوات، وأمهاتهم، والذين تتعرض حياتهم للخطر بسبب هذه الأزمات المتصاعدة المتعددة.