بقلم حسن عبّاس:

دائماً نتحدث عن حقوق الطفل مفترضين أننا نعرفها، فتخطر على بالنا أفكار مثل حقه في المسكن والمأكل والتعليم. لكن للطفل حقوق كثيرة من المفيد التعرّف عليها لأن ذلك يساعدنا على فهم الأخطاء التي نرتكبها بحقّه.

الطفل في المواثيق الدولية

نصّت على حقوق الطفل مواثيق دولية عدّة مثل إعلان جنيف لحقوق الطفل (1924)، الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

وفي 20 تشرين الثاني/نوفمبر 1959، أقرّت اللجنة الاجتماعية والإنسانية والتعاونية للجمعية العامة للأمم المتحدة "الإعلان العالمي لحقوق الطفل" الذي نصّ على مجموعة مبادئ تدعو إلى منح الطفل حماية قانونية مناسبة "بسبب عدم نضجه البدني والعقلي".

لكن هذا الإعلان، ككلّ الإعلانات لم يكن ملزماً. ثم، في الذكرى الـ30 لصدوره، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة "اتفاقية حقوق الطفل" التي تنص بشكل مفصّل على حقوق الأطفال.

وتشكل هذه الاتفاقية التي دخلت حيّز التنفيذ، في 2 أيلول/سبتمبر 1990، الإطار القانوني الدولي الذي يهدف إلى توفير أفضل حماية للأطفال. وهي ملزمة للدول إذ تفرض عليها التقيّد بما تنص عليه حين تسنّ قوانينها الداخلية.

وتعرّف الاتفاقية الطفل بأنه "كل إنسان لم يتجاوز عمره الثامنة عشرة، ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه" (المادة 1).

ما هي حقوق الطفل؟

في ديباجة الاتفاقية، تنص اتفاقية حقوق الطفل على أنه ينبغي إعداد الطفل "وتربيته بروح المثل العليا المعلنة في ميثاق الأمم المتحدة، وخصوصاً بروح السلم والكرامة والتسامح والحرية والمساواة والإخاء".

ولكي يكون ذلك ممكناً، نصّت الاتفاقية على حقوق كثيرة يجب أن يتمتع بها الطفل، ومنها حقوق معروفة مثل حقه في الحياة، حقه في التعليم، حقه في الرعاية الصحية، حقه في معرفة والديه، حمايته من الإساءة البدنية والنفسية، حمايته من الاستغلال وخاصةً الاستغلال الجنسي.

لكن هنالك مجموعة كبيرة من الحقوق غير المعروفة كثيراً، وهذه الحقوق هي:

ـ "حق الطفل في الحفاظ على هويته بما في ذلك جنسيته، واسمه، وصلاته العائلية" (المادة 8).

ـ "حق الطفل المنفصل عن والديه أو عن أحدهما في الاحتفاظ بصورة منتظمة بعلاقات شخصية واتصالات مباشرة بكلي والديه" (المادة 9).

ـ حق الطفل في دخول أيّة دولة يقيم فيها والداه "بطريقة إيجابية وإنسانية وسريعة"، وهو ما يُعرف بـ"جمع شمل الأسرة" (المادة 10).

ـ حق الطفل في التعبير عن آرائه بحرية في جميع المسائل التي تمسه، ويجب الاستماع إليه "في أي إجراءات قضائية وإدارية تمسه" (المادة 12).

ـ حق الطفل في "طلب جميع أنواع المعلومات والأفكار وتلقيها وإذاعتها... سواء بالقول أو الكتابة أو الطباعة، أو الفن" (المادة 13).

ـ حق الطفل "في حرية الفكر والوجدان والدين" (المادة 14).

ـ حق الطفل في "حرية تكوين الجمعيات وفي حرية الاجتماع السلمي" (المادة 15).

ـ "لا يجوز أن يجرى أي تعرض تعسفي أو غير قانوني للطفل في حياته الخاصة أو أسرته أو منزله أو مراسلاته" (المادة 16).

ـ على الدولة تأمين بدائل ملائمة لكل طفل محروم من بيئته الأسرية (المادة 20).

ـ يُمنح الطفل اللاجئ الذي يضيع والديه لأي سبب كان "ذات الحماية الممنوحة لأي طفل آخر محروم بصفة دائمة أو مؤقته من بيئته العائلية" (المادة 22).

ـ للطفل المعوّق الحق في الرعاية الخاصة والتعليم والتدريب بما يساعده على التمتّع بحياة كريمة والاعتماد على نفسه والانخراط في المجتمع (المادة 23).

ـ يجب أن يكون هدف تعليم الطفل تنمية شخصيته ومواهبه وقدراته العقلية والبدنية إلى أقصى إمكاناتها، وتنمية احترام حقوق الإنسان وقيمة الخاصة والقيم الوطنية للبلد الذي يعيش فيه والبلد الذي نشأ فيه والحضارات المختلفة عن حضارته (المادة 29).

ـ لا يجوز حرمان الطفل المنتمي إلى أقلية إثنية أو دينية أو لغوية من الحق في التمتّع بثقافته وفي ممارسة شعائره واستعمال لغته (المادة 30).

ـ للطفل الحق في الراحة ووقت الفراغ، ومزاولة الألعاب وأنشطة الاستجمام المناسبة لسنّه والمشاركة بحرية في الأنشطة الثقافية والفنية (المادة 31).

ـ للطفل الحق في الحماية من ممارسة أي عمل يهدّد صحته وتعليمه ونموّه (المادة 32).

ـ لا تُفرض عقوبة الإعدام أو السجن مدى الحياة بسبب جرائم يرتكبها أشخاص تقل أعمارهم عن 18 سنة (المادة 37).

ـ لا يجوز للدول تجنيد مَن لم يبلغ عمرهم 15 سنة، ويجب على الدول الأطراف أن تسعي لإعطاء الأولوية لمن هم أكبر سناً (المادة 38).

ـ على الدول تشجيع التأهيل البدني والنفسي وإعادة الاندماج الاجتماعي للطفل الذي يقع ضحية أي شكل من أشكال الإهمال أو الاستغلال أو الإساءة (المادة 39).

ـ يجب تحديد سنّ أدنى يفترض دونها أن الأطفال ليس لديهم الأهلية لانتهاك قانون العقوبات (المادة 40).

ويُشار إلى أن للاتفاقية بروتوكولان إضافيان ملزمان فقط للدول الموقعة عليهما وهما البرتوكول الاختياري بشأن اشتراك الأطفال في المنازعات المسلحة والبرتوكول الاختياري بشأن بيع الأطفال واستغلالهم في البغاء وفي المواد الإباحية.

*الصورة: أطفال يمنيون/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".