المغرب – بقلم زينون عبد العالي:
"أبيع المناديل الورقية لأشتري الخبز والشاي والسكر لأسد رمقي ورمق أختي المعاقة".
بهذه العبارة الأليمة يلخص الطفل عادل، بائع المناديل الورقية قرب البرلمان المغربي وسط العاصمة الرباط، قصة معاناته، ومعاناة آلاف الأطفال في المغرب، ممن لم تسعف الظروف عائلاتهم فاضطرت لإرسالهم إلى الشارع لكسب بعض النقود دون مراعاة ما يحيط بذلك من أخطار.
بثياب رثة، وسحنة يبدو عليها القهر والحرمان، يفترش الطفل عادل قطعة من الكرتون، ويضع فوقها بضعة علب من المناديل الورقية، ويستجدي المارين عبر الشارع للشراء منه. فالحصول على زبائن يقيه حصة من التعذيب اليومي من طرف أمه التي تعنفه إذا لم يبع كل ما بحوزته، حسب قول الطفل.
أفواج من المارة تمر على الطفل الصغير المنزوي تحت ركن من أركان البرلمان المغربي حيت يتم الحديث عن سياسات الحكومة في مجال تعليم الأطفال وحمايتهم من التحرش والاستغلال المادي والمعنوي، لكن عدداً قليلاً منهم رأف لحال عادل الذي يستجديهم لشراء علبة مناديل لمسح عرقهم، وزرع البسمة على محياه هو الذي افتقدها منذ وفاة والده.
عادل لم يتجاوز عامه السابع. لا يعرف اسمه العائلي، يقول إن والده متوفي وإن أمه ترسله ليبيع المناديل الورقية في وسط العاصمة، وتوصيه ألا يعود إلى المنزل إن لم يبع كل العلب التي أمامه، وإلا فإنه سيعاقب بالضرب أو الجوع.
حلم طفولي
يقول عادل لموقع (ارفع صوتك) بصوت مبحوح "أريد أن أكون في المدرسة رفقة أقراني وأتعلم لأحقق حلمي بأن أصبح طبيباً أعالج أختي المعاقة، لكن أمي تمنعني من ذلك لأننا ليس لدينا مال لشراء الكتب والملابس".
ويحكي عادل قصة المعاناة التي يعيشها، وتحسره على نفسه ومستقبله حينما يرى أقرانه الصغار يتوجهون إلى المدرسة رفقة أبويهم. "كنت أتمنى أن يأخذني أبي أو أمي إلى المدرسة كل صباح ويأتون عندي كل مساء كغيري من أصدقائي في الحي".
استغلال مقصود
يعاني عدد من الأطفال بالمغرب من الاستغلال، إما من طرف بعض الأسر التي ترى في إرسال أبنائها إلى الشوارع للتسول أو بيع المناديل الورقية مورد رزق، وإما من طرف عصابات منظمة تستغل براءة الأطفال للتسول بهم أمام المساجد والأماكن العامة.
وهؤلاء الأطفال يحرمون من أبسط حقوقهم المتمثلة بالتربية والتعليم لضمان مستقبل أفضل، وغذاء يوفر لهم مناعة جيدة تقيهم الأمراض، وعيش كريم يحفظ كرامتهم وحياتهم من الاستغلال بكافة أشكاله.
ويضيف الطفل الصغير "أمي لا يهمها هل أنا جائع أو شبعان، أرتدي ملابس جميلة أو لا.. كل ما يهمها أن أدس الدراهم في يدها وانتظار نتيجة العد، لكي أتلقى صفعة، أو ليلة بدون أكل".
حلم الطفل عادل بأن يصبح طبيباً يعالج أخته المعاقة، تبخر بعدما وجد نفسه بين أرجل المارة في شوارع الرباط، يبيع المناديل الورقية تارة، ويتسول الناس تارة أخرى، ويتساءل الصغير عن أي ذنب ارتكبه حتى يعاني كل هذا العذاب، دون أن يجد من يشفق عليه ويشد بيده.
أمل عادل
أمل عادل في تحقيق حلمه والعيش في بيت تملأه السعادة والرأفة من الأبوين، اصطدم بصخرة الواقع المر الذي يجبر الأم على إرسال ابنها إلى الشارع عوض المدرسة، دون أن تدري هل سيعود سليماً أم أنه سيتعرض للاغتصاب أو الاستغلال.
ويختم عادل حديثه لموقع (إرفع صوتك) بنداء يوجهه إلى المسؤولين عن أوضاع الكفل في المغرب من حكومة وأحزاب وجمعيات المجتمع المدني بأن تساعده وتساعد كل طفل يوجد في الشارع قسراً لا رغبة، في توفير سبل عيش كريم، وتربية سليمة، وتعليم يحقق أحلامهم الطفولية البريئة التي ربما ستتحقق لإصلاح ما عجز عنه السابقون.
*الصورة: الطفل عادل/إرفع صوتك
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659