متابعة إرفع صوتك:

استغل مسلحون إسلاميون وبعثيون مناسبة ميلاد صدام حسين، 28 نيسان/أبريل 2003، لتنظيم تظاهرة احتجاجية انتهت بإطلاق النار على الجنود الأميركيين والرد بالمقابل، وهو ما صار لاحقاً الشرارة الأولى لـ"معركة الفلوجة الأولى" التي بدأت بعد قيام مسلحين، في 31 آذار/مارس 2004، بقتل أربعة من عناصر شركة "بلاك ووتر" الأمنية الأميركية والتمثيل بجثثهم وحرقها وتعليقها على الجسر القديم وسط المدينة.

قاد الأمر إلى عملية للقوات الأميركية بدأت بسلسلة من القصف المكثف لمواقع المسلحين الذين استطاع تنظيم القاعدة بزعامة الإرهابي الأردني أبو مصعب الزرقاوي السيطرة عليهم، وجعلهم يخضعون لقيادته، فيما تعهد ضباط سابقون ورجال عشائر حلاً سلمياً قائماً على تسليم الأشخاص المسؤولين عن قتل الأميركيين مقابل وقف العملية العسكرية.

بعد فترة قصيرة من الهدوء النسبي، بدأت معركة الفلوجة الثانية، لتتمكن القوات الأميركية من دخول مركز المدينة، ليعلن رئيس الحكومة العراقية المؤقتة أياد علاوي، في 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2004، انتهاء المعركة بعد تحقيق أهدافها، ليسمح بعدها، في منتصف كانون الأول/ديسمبر 2004، للنازحين من سكان الفلوجة بالعودة إلى منازلهم بعد تزويدهم ببطاقات شخصية خاصة من قبل القوات الأميركية.

في 28 كانون الأول/ديسمبر 2004، نشرت جماعة إرهابية شريطاً يظهر إعدام ونحر 20 من أفراد الحرس الوطني العراقي في الفلوجة، معظمهم من أبناء المدينة والمحافظة.

في 18 آذار/مارس 2007، قام مسلحو تنظيم القاعدة بتفجير صهريج لغاز الكلور السام جنوب الفلوجة تسبب بمقتل واختناق 350 شخصا في عامرية الفلوجة.

في 18 أيار/مايو 2008، انسحبت القوات الأميركية من الفلوجة بعد تولي قيادة عسكرية ومدنية من أبناء الأنبار إدارتها، لتشهد المدينة هدوءاً واستقراراً، ويعود 155 ألف شخص من النازحين إليها خلال عامي 2007 -2008 .

بعد انحساب القوات الأميركية من العراق أواخر العام 2011، واتهام نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي بالإرهاب ثم اعتقال أفراد حماية وزير المالية رافع العيساوي ومداهمة مكتبه ومنزله ببغداد، أصبحت الفلوجة مركزاً لغضب شعبي، حرّضت عليه قوى وحركات سياسية مناهضة للحكم في بغداد، وعرف لاحقاً باحتجاج "ساحات الإعتصام" التي امتدت لأكثر من عام إلى مدن أخرى أبرزها سامراء وتكريت في محافظة صلاح الدين والحويجة في كركوك والأعظمية في بغداد ومناطق أخرى في محافظتي ديالى ونينوى.

سهّل وضعٌ كذلك من سيطرة داعش بالكامل على الفلوجة في بداية عام 2014، لتشهد المناطق القريبة من الفلوجة شمالاً وجنوباً معارك متواصلة مع قوات الأمن العراقية، ولتكون أول مدينة تقع تحت سيطرة التنظيم، وقبل سقوط محافظة نينوى وصلاح الدين ومناطق واسعة في الأنبار وديالى وكركوك، في حزيران/يونيو 2014، حين انهارت قطعات الجيش والشرطة ليتمكن التنظيم بعدها من فرض سيطرته على ثلث مساحة العراق تقريباً.

ومنذ إحكام سيطرة القوات العراقية وبمساعدة قوات التحالف الدولي بزعامة الولايات المتحدة على الرمادي، مركز محافظة الأنبار، بات الطوق يفرض بإحكام على الفلوجة، ليعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي فجر الإثنين، 23 مايو/أيار 2016، انطلاق عمليات تحرير الفلوجة، بمشاركة واسعة من قوات الجيش العراقي والشرطة الإتحادية ومقاتلين من أبناء المدينة ومحافظة الأنبار، بغطاء جوي من طائرات القوة الجوية العراقية والتحالف الدولي.

*الصورة: انطلاق عمليات تحرير الفلوجة/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".