الأردن – بقلم صالح قشطة:

على الرغم من الظروف الصعبة المحيطة بهم، لا يزال الأطفال في العالم العربي قادرين على التميّز. وفي هذا الصدد، يلتقي موقع (إرفع صوتك) بعدد من الأطفال ذوي القدرات والإنجازات المميزة في الأردن، الذين تبشر قصص نجاحهم بمستقبل أفضل للمجتمعات العربية في حال طبقت تفاصيلها لتصبح قاعدة عامة بدلاً من كونها استثناءً.

أولمبياد الرياضيات

تؤكد عبير الحسن، من مركز العبقري الصغير في الأردن لموقع (إرفع صوتك) أهمية رعاية الطفل، مشددةً على ضرورة الاهتمام بمواهبه وصقل مهاراته بمراحل مبكرة كون هذا هو "السر الذي يحدد طريق الطفل".

تستشهد الحسن بالطالبين عمر ودانا، وهما من طلاب مركزهم، حيث تصنفهما من أبرز التجارب المشرقة التي تعكس ضرورة الاهتمام بالطفل وعدم الاستهانة بموهبته.

فعمر الكساسبة طالب في الصف الثامن، 14 عاماً، يهوى تعلم ما هو فوق مستواه العمري، يمتلك قدرة خارقة على إنجاز عدد معقد من المسائل الحسابية بشكل صحيح وفوري، بل ويستطيع حل 50 مسألة متواصلة بسرعة تفوق الآلة الحاسبة.

حاصل على المركز الأول في الأردن في مسابقة أولمبياد الرياضيات والعلوم على مستوى المدارس. كما اجتاز مؤخراً المستوى الأول من مسابقة مايكروسوفت العالمية بنجاح، ليكون مؤهلاً للمشاركة في المراحل المتقدمة المؤدية إلى نهائيات المسابقة في الولايات المتحدة الأميركية.

منذ فترة قريبة شارك عمر بمسابقة، وضع أمامه فيها مجموعة من المحاسبين الذين تحدوه لإتمام 50 مسألة حسابية تمكن من حلها جميعاً بسرعة تفوق آلاتهم الحاسبة، حتى عجزوا أمامه. ومؤخراً أصبحت لديه القدرة على أن ينجز عمليتين حسابيتين في نفس اللحظة، يسمعهما من شخصين مختلفين يتحدثان معاً، ليعطي جوابين مختلفين فوراً.

دعم العائلة

اهتمام والديه ورعايتهما لموهبته كان لهما دور أساسي في نجاح عمر، وهذا ما تؤكده والدة عمر السيدة رائدة الضمور التي تقول لموقع (إرفع صوتك) "نحاول أن نوفر له كل ما يساعده في موهبته، فنحن نحفزه ونشجع نجاحه دوماً".

وفي حديث لموقع (إرفع صوتك) يعبر عمر عن رغبته في أن يستثمر ما يتمتع به من قدرات بشكل يمكنه من خدمة البشرية، بلا توقف لطموحه فيما يخص قدراته المميزة "أطمح لأن أقدم شيئاً إبداعياً جديداً في مجال الرياضيات، وأن أكتشف شيئاً جديداً يفيد البشرية".

إنجازات علمية مميزة

أما دانا عربيات، التي لا يتجاوز سنها 16 عاماً، فقد تمكنت من تحقيق إنجازات علمية مميزة، مكنتها من حصد العديد من الجوائز المحلية والعالمية، كان من أبرزها مشاركتها مؤخراً في مسابقة Intel الدولية للعلوم والهندسة، حيث شاركت بمشروع قمر صناعي يعمل على جمع الحطام ومخلفات المركبات الفضائية، والتي تشكل خطراً على البعثات العلمية المتوجهة إلى الفضاء الخارجي.

"دافعي هو إصراري على تعلم المزيد والرغبة في جعل الخيال العلمي واقعاً"، هذا ما تعتبره دانا الدافع أو الوصفة السحرية لنجاحها وإنجازاتها، منوهةً خلال حديثها إلى موقع (إرفع صوتك) بأهمية دور أسرتها التي عملت على تحفيزها بشتى السبل المتاحة في سبيل تميزها. "أهلي آمنوا بي وبقدراتي، ووفروا لي كل ما أحتاجه، وشجعوني على استغلال كل فرصة تتاح لي للتعلم والابتكار".

وتطمح دانا لأن تكمل دراستها في تخصص هندسة الفضاء في جامعة كامبردج الإنكليزية، وأن تعمل مستقبلاً في إحدى وكالات الفضاء والطيران العالمية.

التوأمان محمد وعبد..

وفي عالم الأطفال ذوي القدرات الاستثنائية، يلتقي موقع (إرفع صوتك) بالتوأمين محمد وعبد الرحمن الحديدي، لاعبي المنتخب الوطني للشطرنج للفئة العمرية تحت سن 10 سنوات، الحاصلين على تصنيف متقدم في الاتحاد الدولي للشطرنج، ومتصدري العديد من البطولات الرسمية المحلية والعالمية، كان آخرها فوزهما بالمركز الأول المكرر على فئتهما العمرية في بطولة الأردن عام 2016، والأول مكرر في بطولة الشطرنج الرقمية الأميركية للمدارس الخاصة عام 2015.

يتمتعان بقدرتهما على هزيمة أي خصم يواجه أياً منهما في معظم الأوقات، والمفارقة أنه في حال كان هناك تحد بينهما فإن اللعبة لن تنتهي على الأغلب!

ويطمح الطفلان أن يكونا بطلين على مستوى عالمي في اللعبة وأن يصلا إلى لقب GM والذي يعني أستاذا دوليا كبيرا في عالم الشطرنج.

وفي حديث إلى موقع (إرفع صوتك)، تشير والدة الطفلين إلى ضرورة توجيه الدعم من قبل الأهالي للطفل الموهوب، إلى جانب الحرص على تحصيله العلمي في المدرسة، كي يكتمل الطموح مع العلم ليتحقق التميز بالشكل المطلوب. "أطمح لأن يصبح طفلي محترفين على مستوى عالمي في الشطرنج، بشرط ألّا يتعارض هذا مع المدرسة".

*الصورة: "الرعاية المبكرة هي السر الذي يحدد طريق الطفل"/Shutterstock

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".