بقلم علي قيس:

"نحن مجتمع يتسم بعدم الاستقرار الأمني والاقتصادي والنفسي، ما أدى إلى تكون شخصيات غير سوية لدى أبنائنا" تقول أستاذة علم النفس في جامعة بغداد الدكتورة شيماء عبد العزيز محذرة، في حديث لموقع (إرفع صوتك)، من استغلال الجماعات المتطرفة للأطفال.

وتضيف "داعش مدّ نفوذه من خلال غسل عقول الأطفال، عبر مجاميع خصصت جهودها لسحب الأطفال والمراهقين، وغسل أدمغتهم وزرع أفكار ومعتقدات ترفض الآخر وتحاول تحطيم وإيذاء الطرف الآخر".

وتشدد عبد العزيز على حجم الخطر الذي يحيط بالأبناء بقولها "هذا الخطر ربما الأكبر لكنه من بين الكثير من الأخطار التي تحيط بالطفل في مجتمعنا".

وتوجز أستاذة علم النفس أبرز الأخطاء التي يرتكبها أولياء الأمور في تربية أبنائهم، كما تبين أهم النقاط الواجب اتباعها في تربيتهم بالتالي:

علاقة الأب والأم

العلاقة بين الأم والأب يجب أن تتسم أمام الأبناء بأنها مبنية على أساس الحب والاحترام وانتقاء الكلمات في الحديث، لأنها البذرة في تنشئة الطفل.

من الخطأ- أن يمزح الأب مع الأم بكلمات تهديد أو سب وشتم، لأن الطفل خصوصاً في السنوات الخمس الأولى يعتقد أنه حديث جاد، وبالتالي ينعكس سلباً على شخصيته.

النصيحة- كن نموذجاً صالحاً، لأن الأبوين هما أول من يقوم الطفل بتقليد سلوكهم. وإذا كان هناك خلاف بينكما، يجب أن يكون بعيداً عن أنظار وأسماع الطفل، حتى لا تكون قدوة سيئة، خصوصاً وأن سلوكياتك تنتقل بشكل لا إرادي إلى الابن.

الاستماع إلى الطفل

الخطأ- من أبرز الأخطاء التي يقع بها الآباء اعتقادهم أن أبناءهم غير واعين وغير قادرين على التفاهم، لذلك لا يفسحوا المجال لهم بإبداء الرأي أو المشاركة بالنقاش.

النصيحة- فتح الحوار الدائم مع الأبناء ومنحهم الاحساس بأنهم أشخاص فاعلين داخل الأسرة، وصقل طاقاتهم من خلال توكيل بعض المهام التي تعزز ثقتهم بأنفسهم.

محاولة معرفة المشاكل التي تواجههم، خصوصا إذا كانوا طلاب في المدرسة، ومعرفة الظروف التي تحيط بهم وما إذا كانت تواجههم بعض المشاكل، ومساعدتهم على وضع الحلول بأنفسهم بعد استشارة الوالدين.

تخصيص وقت للعائلة

الخطأ- انشغال الوالدين بالعمل وابتعادهم عن المسؤوليات الأساسية تجاه الأبناء، والتركيز في العمل على حساب وقت العائلة.

النصيحة- على الوالدين تخصيص وقت يومي كاف للجلوس مع جميع أفراد الأسرة وتبادل الأحاديث وفتح الحوار بين الجميع لتقوية الروابط الأسرية.

مواقع التواصل الاجتماعي

الخطأ- قد يقوم الأب أو الأم بالسماح للطفل باستخدام مواقع الإنترنت من دون رقابة بحجة ضمان بقائهم داخل المنزل أو عدم القيام بأفعال مؤذية، هذا سيسمح له بالدخول إلى مواقع محظورة، سواء كانت إرهابية أو إباحية.

النصيحة- يجب على الأبوين مراقبة طريقة استخدام أبنائهم لتلك المواقع وتغيير أسلوب التربية، وأن يتفهموا أن الوقت قد تغير ونحن في عصر السرعة وسهولة الاتصال بالآخر، الذي قد يكون غير حقيقي أو شخص سلبي.

كما يجب أن يكون الأبوان أصدقاء لأطفالهم قبل أن يكون الصديق أو الغريب هو الشخص المقرب  لهم ويأخذ دور العائلة في التوجيه، وبالتالي قد يدفع بهم إلى سلوكيات منحرفة سواء كانت جنسية أو إجرامية.

الحساب والعقاب

قد يقوم الطفل بخطأ غير مقصود أو صغير لكنه يتلقى عقوبة شديدة من الأب أو الأم، وهذا يؤدي إلى نفور الطفل منهما وتكتمه مستقبلاً عن المشاكل التي تصادفه، بل قد يدفع به للبحث عن أب أو أم بديلين والذين قد يحرفوه إلى أماكن غير صحيحة.

تسلط الأب

الخطأ- قد يتسلط رب الأسرة ولا يسمح بالمناقشة أو تبادل الرأي، وهذا يخلق سلوكيات غير سوية لدى الأطفال.

النصيحة- إحاطة الأطفال بالرعاية والاهتمام وفتح الحوار ودعم الجوانب الإيجابية والأخذ بنصائحهم، وهذا سيمنحهم ثقة أكبر باتخاذ القرار في حال تعرضوا لمشاكل في المستقبل.

مرحلة المراهقة

من أصعب مراحل تربية الطفل وقد تكون خطيرة نوعاً ما في كيفية كسب الأبناء. فإذا لم يشعر الطفل بالأمان في سنين عمره الأولى، لن يأمن الكشف عن الظروف والمشاكل التي تواجهه في مرحلة المراهقة، لأن الخوف زرع بداخله بسبب تكرار معاقبته من قبل ذويه.

كما أن على الوالدين تعليم أبنائهم حدود الحرية، وأنها تنتهي عند بدء معارضتها لحرية الآخرين، واحترامهم لكل ما يتمتع به الآخر.

الخلوة مع الأصدقاء

من الخطأ السماح للأبناء بالاختلاء مع الأصدقاء بعيداً عن أنظار أولياء الأمور لفترات طويلة، هذا قد يدفع بهم إلى سلوكيات لا تحمد عقباها، كما يمكن أو يؤسس لسهولة اصطيادهم من قبل الجماعات الإرهابية.

ابتعاد أحد الوالدين

قد ينفصل الوالدان من خلال الطلاق، أو تتعرض العائلة إلى خسارة أحد الوالدين، وكلها حالات تنتشر في مجتمعاتنا، لذلك يجب أن يكون هناك تعويض واحتواء للطفل يشعره بالحب والأمان، كما يجب أن لا يكون ولي الأمر متساهلاً جداً لأن ذلك سينعكس سلباً على الطفل.

محاولة عدم إشعار الطفل أن وضعه يختلف عن أقرانه لغياب أحد الوالدين التي قد تخلق لديه عقدة يحاول التعبير عنها بأفعال العنف، في محاولة للانتقام من المجتمع.

*الصورة: على الآباء تعليم أبنائهم حدود الحرية/Shutterstock

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".