بقلم خالد الغالي:

عندما اعتمدت الأمم المتحدة اتفاقية حقوق الطفل، في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 1989، أبدت أكثر الدول العربية تحفظات عليها، عدا لبنان والبحرين والسودان واليمن وليبيا وجزر القمر وموريتانيا. لاحقاً، التحقت بهذه الدول مصر والمغرب بعد سحب تحفظاتهما.

انقسمت البلدان العربية بين دول أبدت تحفظات عامة على الاتفاقية، مثل المملكة العربية السعودية التي أعربت عن "تحفظاتها على جميع المواد التي تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية"، وجيبوتي التي أكدت أنّها "لن تعتبر نفسها ملزمة بأي أحكام أو مواد لا تتمشى مع دينها وقيمها التقليدية"، وبين دول أبدت تحفظات على مواد دول معينة، مثل الجزائر والأردن والعراق والإمارات. في المقابل، جمعت دول أخرى، كالكويت، بين تحفظ عام وتحفظات على مواد محددة. فيما يلي أهم التحفظات العربية.

المادة السادسة: الحق في الحياة

تنص المادة السادسة من اتفاقية حقوق الطفل على ما يلي: "أولاً، تعترف الدول الأطراف بأن لكل طفل حقاً أصيلاً في الحياة. ثانياً، تكفل الدول الأطراف إلى أقصى حد ممكن بقاء الطفل ونموه".

أعلنت تونس تحفظها على هذه المادة. وهو ما قد يوحي، لأول وهلة، وكأنها تعترض على الحق في الحياة. في الحقيقة، كانت تونس تسعى إلى ألا يدخل التنصيص على حق الطفل في الحياة، ووجوب حماية نموه "إلى أقصى حد ممكن"، في تعارض مع قانون الإجهاض الذي كان سارياً في البلاد منذ سنة 1973. لذا جاء اعتراض الحكومة التونسية، كما يلي "تعلن حكومة الجمهورية التونسية أن ديباجة الاتفاقية والأحكام الواردة بها، وخاصة المادة السادسة منها، لا يمكن تأويلها على نحو يعوق تطبيق أحكام التشريع التونسي المتعلق بالإنهاء الطوعي للحمل".

المادة السابعة: الحق في الجنسية

تقول هذه المادة "يسجل الطفل بعد ولادته فوراً. ويكون له الحق منذ ولادته في اسم، والحق في اكتساب جنسية". أبدت الكويت والإمارات تحفظهما على هذه المادة.

تعاني الكويت والإمارات من مشكلة ما يعرف بـ"البدون"، وهم عديمو الجنسية أو غير محدديها. وهم، في الأغلب، أهل البادية الموجودون على أراضي هاتين الدولتين والذين ترفض حكومة البلدين منحهم الجنسية.

وكانت المادة السادسة ستضع الكويت والإمارات في وضع حرج، إذ سيكون إقرارهما بحق كل طفل في اكتساب الجنسية إقراراً ضمنياً بحق أطفال البدون في الحصول على الجنسية. لذا أعلنت الكويت أنها ستمنح جنسيتها للأطفال مجهولي الأبوين، وهم غير البدون بالتأكيد. أما الإمارات، فكان تحفظها كما يلي "ترى الإمارات العربية المتحدة أن اكتساب الجنسية مسألة داخلية ومسألة تنظم  وتحدد شروطها وظروفها بموجب التشريعات الوطنية".

المادة 14: حرية العقيدة

حظيت هذه المادة بأكبر قدر من الاعتراضات. وقد جاء في فقرتها الأولى "تحترم الدول الأطراف حق الطفل في حرية الفكر والوجدان والدين". وتتحفظ عليها، بشكل محدد، كل من العراق وسورية والأردن وعمان والإمارات والجزائر، إضافة إلى الدول التي أبدت تحفظاً عاماً على جميع المواد التي تبدو متعارضة مع الدين الإسلامي.

يقول التحفظ العراقي مثلاً "لا يرى (العراق) ضيراً في أن يقبل الاتفاقية المذكورة ... مع تحفظه على الفقرة الأولى من المادة 14 من الاتفاقية المتعلقة بحق الطفل في حرية الدين، لكونها مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية". ويقول التحفظ الجزائري "تفسر الحكومة الجزائرية أحكام الفقرتين الأولى والثانية من المادة 14 بمراعاة الركائز الأساسية للنظام القانوني الجزائري، وبالأخص: الدستور، الذي ينص في المادة الثانية منه على أن الإسلام دين الدولة.. والقانون رقم 84-11.. المتضمن لقانون الاسرة، الذي ينص على أن تربية الطفل تتم وفقا لدين أبيه".

المادة 21: التبني

تقول المادة 21 "تضمن الدول التي تقر و/أو تجيز نظام التبني إيلاء مصالح الطفل الفضلى الاعتبار الأول...". وأبدت دول عربية تحفظها على هذه المادة لنفس الاعتبار السابق: التعارض مع الدين الإسلامي. يقول التحفظ الإماراتي "نظراً إلى أن الإمارات العربية المتحدة لا تبيح نظام التبني بموجب التزامها بمبادئ الشريعة الإسلامية، فإن لديها تحفظات على هذه المادة ولا تعتبر من الضروري أن تلتزم بأحكامها".

وبدوره، يقول التحفظ الأردني "تبدي المملكة الأردنية الهاشمية تحفظها، ولا تعتبر نفسها ملزمة بما ورد في المواد 14 و20 و21 من الاتفاقية، والتي تعطي الطفل الحق في حرية اختيار الدين والبنود المتعلقة بقضية التبني لمعارضتها لأحكام الشريعة الإسلامية السمحة".

*الصورة: فتاة في الفصل في إحدى الدول العربية/Shutterstock

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".