اليمن - بقلم غمدان الدقيمي:

"الأخطار المحدقة بالمجتمع اليمني، المتمثلة بانتشار الأفكار العنيفة المتطرفة والنزعات الطائفية والمناطقية، باتت تفرض على المثقفين والفنانين وقادة الرأي النزول من بروجهم العاجية إلى الشارع للمشاركة بفعالية في محاربة مثل هذه الأفكار الهدامة والدخيلة على المجتمع اليمني".

الكلام للفنان التشكيلي والكاريكاتيري اليمني، ذي يزن العلوي، الذي يؤكد في حوار لموقع (إرفع صوتك) أن الخطر يتغلغل في بلاده بشكل مخيف، وأن قادة الرأي باتوا مهددين في حياتهم وحريتهم، بعد أن هددوا في وطنهم، ويجب ألا يصمتوا أكثر.

 وهو من أجل ذلك كله، كما يقول، خرج برسوماته إلى الشارع، باعتبار الفن سلاح في مواجهة الأفكار المتطرفة.

 

قيم التعايش والسلام

 وعن حملته "كاريكاتير الشارع"، التي بدأها في آب/أغسطس 2014، وشاركه فيها عدد من الفنانين الشباب من زملائه بجامعة صنعاء، قال العلوي إنها جاءت لجعل الفن التشكيلي والكاريكاتير، أكثر جماهيرية والتصاقاً برجل الشارع العادي، بعد أن ظل لعقود حبيس الجدران المغلقة للمعارض والمراسم، وحكراً على فئة معينة (نخبوي)، وجعل هذا الفن أكثر قوة وأسرع تأثيراً في وعي الناس، للحيلولة دون انتشار الأفكار المتطرفة والطائفية.

 وأوضح أن "كاريكاتير الشارع" هو اسم الحملة الرئيسي، لكن الفعاليات تضمنت رسوم كاريكاتيرية وجداريات تشكيلية، وكانت أول حملة تخرج الكاريكاتير كوسيلة فنية للتعبير، من صفحات الجرائد والمجلات، إلى الشارع (الجدران).

 ورداً على سؤال عن القضايا التي طرحها في رسوماته خلال هذه الحملة، أشار العلوي الى أنه حاول التركيز على قضايا تؤرق المواطنين مثل: الأزمة الاقتصادية، الحرب والعنف، الفقر والبطالة، التطرف والارهاب.

 وأوضح الفنان الشاب "نظراً لأني أعتبر الفن رسالة سامية، فإن كل القضايا التي أطرحها في رسوماتي تنطوي تحت قيم التعايش والمحبة والسلام والأخلاق، ونبذ العنف والإرهاب".

 ست جداريات.. والوجه القبيح للإرهاب

وعن عدد الجداريات التي نفذها في حملاته تلك، يشير ذي يزن إلى إنّه نفذ ست جداريات، كل جدارية تشمل عدداً من اللوحات في كثير من شوارع صنعاء: أول جدارية كانت عن رفع الدعم عن المشتقات النفطية في 8 آب/أغسطس 2014، ثم عدة جداريات عن قتل الجنود على يد القاعدة، كانت أبرزها بعد قيام تنظيم القاعدة، في آب/أغسطس ٢٠١٤، بإعدام ١٥جندياً يمنياً ذبحاً بالسكاكين في حضرموت، وهم في طريق عودتهم الى ديارهم.

ويقول ذي يزن "رسمت كثيراً عن هذا الجانب، عبرت رسوماتي تلك عن الوجه القبيح للتطرف والارهاب، ورسمت بورتريهات للجنود الضحايا".

 رسم الشاب اليمني كذلك جداريات حول موضوع "جرعة فن وحياة" شملت رسومات لوجوه رموز فن الغناء اليمني، وجداريات تدمير اليمن، ومطالب يمنية واحدة (شعارات وطالب مدنية)، وأخيراً التدخلات الخارجية، التي كانت في 11 آذار/مارس 2015، "وأعني بها دور السعودية وإيران في اليمن".

 أهم شيء لمسته

 وبشأن أهم ما لمسه أثناء حملاته من ردة فعل من قبل الناس، يقول الفنان الشاب إن الناس صارت متقبلة لأعمال الرسم على الجدران، حيث تغير وعيهم وقبولهم للفن. "منذ بداية 2012 أثناء مشاركتي بأنشطة سابقة، كنا نلاقي مضايقات من المواطنين من قبيل: ليش توسخوا الجدران... الآن الحال انعكس: صاروا يتوقفون لتأمل الرسومات، بل ويناقشوك عنها ويسألونك ماذا تعني".

 الفن والمجتمع مترابطان

 وعن مدى الاهتمام الذي لاقته حملته وزملائه تحديداً "كاريكاتير الشارع"، يشير العلوي إلى أنها حظيت باهتمام كبير من قبل وسائل الاعلام. وقامت وكالة (انسامد) الايطالية بعمل معرض صور للحملة في موقعها على الإنترنت.

ورداً عن سؤال حول مدى التأثير المجتمعي الذي تركته هذه الحملات الفنية، يقول التشكيلي وطالب علم الاجتماع "حاولنا من خلال الرسم في الشارع أن نجعل من هذا الفن جزءاً من المجتمع، أن ندمج بينهما، حيث أن الفن والمجتمع مترابطان وينبغي أن يظلا معاً".

تمسك بالأمل

 ويختتم يزن العلوي حديثه "خرجت بفني للشارع لإدراكي جيداً بخطورة انتشار الأفكار المتطرفة، لأنها تريد تدمير المجتمع اليمني، الذي هو بالأساس متسامح ومتقبل للآخر، وهذه المشاكل من تطرف وإرهاب وطائفية دخيلة على مجتمعنا، وبنظري أن المجتمع اليمني بدأ الآن بمحاربة هذه الأفكار الهدامة من الداخل، وهو في مرحلة إجهاض لهذه المشاريع، فقط يجب أن نتمسك بالأمل".

 *الصور: الفنان ذي يزن العلوي ورسوماته/تنشر بإذن خاص لموقع إرفع صوتك

 يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".