المغرب – بقلم زينون عبد العالي:
يساهم الإعلام بشكل كبير في تشكيل وصناعة الرأي والتأثير في المتلقي. كما يساهم في محاربة أو أحياناً تعزيز الفكر المتطرف عبر تبني توجهات تساهم في الحد من انتشار هذه الأفكار التي تهدد المجتمع برمته.
وتنخرط بعض وسائل الإعلام المغربية في مجابهة كل ما من شأنه أن يهدد أمن وسلامة المجتمع المغربي من أفكار متشددة، ومن ضمنها جريدة الأحداث المغربية ذات التوجه الحداثي المنفتح، وجريدة آخر ساعة التي انطلقت نهاية العام الماضي بهدف المساهمة في محاربة الفكر الضال عبر الإعلام الهادف.
اِختَلف تُحارَب
المختار الغزيوي، مدير نشر يومية "الأحداث المغربية" والذي تم تهديده أكثر من مرة بسبب الخط التحريري المنفتح لجريدته، يرى أن "هناك وسائل إعلام تحارب الفكر المتطرف وتخوض حرباً يومية ضده، وهناك وسائل إعلام أخرى تداعبه وتلعب على أوتار انتشاره، أو ما تعتبره انتشاراً بين الناس في مجتمعنا لكي تستفيد تجارياً من السباحة على عوم التيار الغالب".
انخراط بعض وسائل الإعلام بالمغرب في محاربة التطرف نتجت عن عدة تهديدات، حيث يقول الغزيوي إن وسائل الإعلام هذه، تدفع ثمن ذلك غالياً، إذ وصل حد التحريض عليها في المساجد واستباحة دماء مسؤوليها وصحافييها واتهامها بأنها ضد الدين الإسلامي "علماً أنّها ضد التطرف والإرهاب وليست ضد الإسلام بأي حال من الأحوال".
من جهة أخرى يرى طارق الفطاطري، الإعلامي المصري ورئيس تحرير جريدة آخر ساعة المغربية سابقاً، أن التأثير على أي فكر متطرف ليس شرطاً أن يكون دينياً، بل هو يتطلب المعرفة الجيدة لجمهورك المستهدف والانحياز دائماً إلى المناقشة المعتدلة والموضوعية "فالتطرف يكون بالرفض أو التأييد المبالغ فيه".
رأي عام موحد
ويعتقد الفطاطري في حديث لموقع (إرفع صوتك) أن الحرية هي الطريق الوحيد لمحاربة الفكر المتطرف في المغرب وأي مكان على وجه الأرض، ذلك أن تقبل الاختلاف في الرأي وحرية التعبير يساهمان في التأثير في الرأي العام المجتمعي، وبالتالي التوحد على كلمة واحدة "لا للإرهاب"، على حد تعبيره.
ويؤكد الغزيوي أن الحاجة أصبحت ملحة إلى إنتاج إعلام وفن وثقافة وسياسة ورياضة ومجتمع لمحاربة هذا الفكر "الذي أضحى سرطاناً فعلياً يهدد الجميع وجب القضاء عليه إذا ما أراد العالم المتحضر العيش بهناء يوماً ما".
وهنا، يضيف الغزيوي أنّه يمكن القول إن تنامي تفكيك الخلايا الإرهابية في السنوات الأخيرة ثم شبح الإرهاب العالمي الذي ضرب كل مكان في الكرة الأرضية دفع بالكثير إلى مراجعة مواقفهم ولعبهم بالنار هذا والانضمام إلى "الأحداث المغربية وغيرها من وسائل الإعلام المغربية التي كانت قليلة في اختيار مواجهة التيار المتطرف".
موضوعات متعلقة:
بلجيكا تتأهّب لمواجهة خطر إرهابي… وفيسبوك يتعاون مع فرنسا
اشتباكات في سرت.. ومحاولة لوقف تهريب الأسلحة إلى ليبيا
"أي أعلام أحادي التوجه وفاقد للتنوع ومنغلق على ذاته يرسخ التطرف، فهو لا يخاطب إلا اتجاهاً إيديولوجياً معين، ويختطف شريحة من البشر يصادر حقها في التعرف على الآخر، ويفقدها نعمة المعرفة ورؤية الاختلاف، ويحرمها من حقها في الاختيار ويسلبها من أدوات التفاعل الحر مع الأفكار. وهذا لا يخلق عقولاً سوية معتدلة"، يقول الفطاطري.
تتم مواجهة الفكر المتطرف، بحسب الغزيوي فيما يختص بعمله الصحافي، عبر نشر مقالات وأبحاث ودراسات عديدة بشكل شبه يومي على صفحات الجريدة التي يتولى إدارتها وأيضا على موقعها في الإنترنت. وتشرح هذه المقالات عبر أقلام متخصصين إما مغاربة أو من دول عربية أو أحياناً غربيين ماهية هذا الفكر المتطرف وخطورته وأبعاد مشروعه ومختلف الطرق "التي يلجأ إليها لكي يصل إلى مراده الختامي وهو التحكم فينا بمنطق "خلافة داعش" مهما اختلفت مسميات وتلوينات هذا الفكر المتطرف".
حلول ضد التطرف
ويقترح الفطاطري عدة حلول للحد من انتشار الفكر المتشدد في المجتمع عبر آلية صناعة الرأي العام سواء الديني أو التربوي "إذ لا يكفي الإعلام وحده لمواجهة التطرف، فالإعلام هو ناقل واقع ومقدم رسالة مجتمع، والأكثر تأثيراً هو التعليم التقليدي ورجال الفكر والدين الذين لا يجب أن يسمح لهم بالسيطرة على عقول صغيرة وبسيطة في المناطق البعيدة المهمشة"، حسب تعبيره.
ويرى الإعلامي المصري أن مواجهة التطرف مسؤولية اجتماعية تبدأ من التربية في البيوت، ثم يأتي دور التعليم لتصويب الميل إلى اليمين أو اليسار واستخدام العلم بالمدارس لإعلاء شأن الاعتدال وقبول الآخر.
أما الغزيوي فيرى أن هذا الفكر لم يصل إلى تغلغله الحالي بين عشية وضحاها، بل أمضى سنوات عديدة لكي يصل إلى دواخل مجتمعاتنا "وعليه فلا بد أن نقلب الطريق وأن نسير نفس المسار في الاتجاه المعاكس لكي نتمكن يوما من محاربته ونزعه من أذهان صغارنا وخفاف العقول لدينا الذين يتأثرون به وبتصوراته الهمجية للحياة".
*الصورة: "أي أعلام أحادي التوجه وفاقد للتنوع ومنغلق علي ذاته يرسخ التطرف"/Shutterstock
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659