بقلم علي عبد الأمير:
في حلقة الثلاثاء، 14 حزيران/يونيو، من برنامج "شنو رأيك.. شنو رأيج"، عبر الشقيقة إذاعة "راديو سوا"، والمخصصة لمناقشة ما تضمنه ملف الإسبوع في موقعنا، أمكن التعرف إلى آراء حصيفة قدمها مستمعون أكارم، تتعلق بجوهر النقاش حول من يصنع الرأي العام في العراق اليوم؟
رجل الدين وشيخ العشيرة؟
ويعتقد مستمع من محافظة ميسان في جنوب العراق أن هناك حاجة ملحة وصريحة إلى تسمية الأشياء بأسمائها، عبر قوله إن الرأي العام في منطقته لم يصنعه رجال الفكر التنويريون ولا الصحافيون وأهل المعرفة العلمية، إنما يصنعه كل من رجل الدين وشيخ العشيرة، ليبدو المواطن وقد صار بين قيم يحددها رجل الدين وسياقات اجتماعية يرسمها شيخ العشيرة، حتى وإن كانت فوق القانون.
وما دل على هذا الجانب، هو ما أورده السياسي العراقي حسان عاكف عن عشيرة عراقية في جنوب البلاد تطبق أعرافها على شركة كورية رضخت للأعراف العشائرية الدارجة لإنقاذ موظفها الكوري من حكم بالسجن.
وبحسب صورة من الصور التي شاعت عبر "فيسبوك"، ونشرها السيد عاكف في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي، فقد حضر موظفان كوريان إلى مقر العشيرة وجلسا أرضا للتفاهم، ليتم التوصل إلى اتفاق يقضي بدفع الشركة مبلغ سبعة آلاف دولار كتعويض أو "فصل عشائري" للعامل، ومنحه إجازة شهرين براتب كامل.
موضوعات متعلقة:
رجال دين في كردستان: هذه جهودنا في تحشيد الرأي العام ضد داعش
برنامج الصدمة، هل كشف عن صورة دقيقة للسلوك الاجتماعي العراقي؟
وفي باب النقاش على الموضوع الذي نشره، الطبيب والسياسي العراقي، علّقت أستاذة علم الاجتماع في جامعة بغداد د. لاهاي عبد الحسين، على الحدث ودلالاته بالقول "يبدو أن الكوريين تصوروا أن هذا جزء من تطبيقات علم الأنثروبولوجيا. إنما إذا استمر هذا الوضع المزري لا أتوقع أن شركة ستحترم التعامل معنا. شيء مخجل، بل سرقة بالعلني وهبوط بالقيم العشائرية التي تكرم الضيف وتنصر الدخيل وتحترم الغريب".
وجود القيم العشائرية في موضع أعلى من موضع القانون وسلطته، قاد إلى target="_blank">نزاعات بين تلك العشائر على النفوذ والسلطة بعد تراجع القانون العام الذي تعنيه الدولة، وشهدت محافظتي البصرة وميسان طوال الأعوام الثلاثة الماضية، اشتباكات بين أبنائها، وصلت حد استخدام مدافع الهاون وقذائف الآر بي جي، المضادة للدروع.
وفيما تؤكد target="_blank">الحكومة العراقية عزمها على ردع سلطة العشائر التي باتت أعلى من سلطة الدولة وقانونها، إلا أن خطواتها غالبا ما تكون مثل قانونها، أي أضعف من التأثير على السلطة الاجتماعية المنفلتة خارج أي رادع قانوني.
السياسة الخارجية والرأي العام
وبالعودة إلى ما شهدته حلقة برنامج "شنو رأيك .. شنو رأيج" ذاتها، من رؤى وأفكار، فقد اعتبر مستمع كريم، السياسة الخارجية كعنصر مؤثر في صنع الرأي العام، موضحاً أن "افتقار الدبلوماسية العراقية الحالية إلى مبادرات وطنية شاملة، جعلها غير قادرة على التأثير في الرأي العام، وهو ما كان بإمكانها ان تحققه، لو انطلقت من المصلحة الوطنية العراقية قبل أي اعتبار".
وهنا يثير المستمع مسألة جوهرية، فلطالما كانت السياسيات الوطنية الجامعة في بلدان عدة، جوهرية في صنع رأي عام يعين سلطات تلك البلدان على مواجهة تحديات ومخاطر عدة، بل ويخلق نوعا من الإحساس بـ"وحدة المصير" والعيش المشترك.
*الصورة: قوات أمن عراقية في البصرة ضمن حملة لمواجهة نفوذ العشائر ونزاعاتها المسلحة/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659