بقلم إلسي مِلكونيان:

يعتبر الكاريكاتير فناً محبباً من خلال نقده للحالة الاجتماعية والسياسية بطريقة ساخرة وذكية. وقد أفردت معظم الصحف العربية صفحات لهذ الفن الساخر بسبب قدرته على تكوين وحشد الرأي العام حول قضية ما.

وفي العراق، أضحت الأحداث الإرهابية الأخيرة والمشاحنات بين السياسيين محور تركيز رسامي الكاريكاتير، حيث أنها تخطت حدود الصحف اليومية لتنشر على مواقع التواصل الاجتماعي. ومن أحد الصفحات الأكثر متابعة هي صفحة رسام الكاريكاتير العراقي ميثم راضي.

تخرّج راضي من كلية الهندسة قسم الكهرباء في جامعة البصرة، وتأثر برسوم الفنان العراقي "علي مندلاوي". ويركز في رسومه على الحرية والمرأة والطائفية وداعش.

ويشرح في هذه الأسئلة والأجوبة مع موقع (إرفع صوتك) فاعلية الرسوم ودور الكاريكاتير في تكوين الرأي العام العربي:

من أين تستوحي أفكار لوحاتك؟

لدى كل فنان قاموس معين في استخدام أدوات معينة في الكتابة. أنا مثلاً أرسم الشجرة والملتحي كثيراً. وأعالج المواضيع التي تحدث بالمنطقة والعراق بشكل خاص، حيث أركز على موضوعات محاربة التطرف وداعش وإعلاء مفهوم الوطنية ضد مفهوم الطائفية.

رسوم حول داعش

 أحاول أن أكون فكرة عن الأحداث الدائرة الآن، حيث أتابع بعض الصحفيين والأخبار وردود الفعل على فيسبوك كرؤية سريعة وصادقة عن الأفكار المتداولة الشعب.

 أنا كرسام لي رأيي الشخصي وزاوية نظري للمواضيع الكبرى التي تحدث في العراق وأحاول أن أعبر عن فكرتي بأنني أرفض هذا الشيء.

موضوعات متعلقة:

رسام كاريكاتير يطلق مشروع “القلم الحر”

محاربة داعش بفن الكاريكاتير

هل تخطى الكاريكاتير حدود الصحف الورقية والالكترونية؟

عملت في صحيفتي "العالم" و"المدى". على الرغم من أننا لم نكن نواجه مشكلة القيود والخطوط الحمراء على مستوى العراق، لكن المشكلة التي يواجهها أي رسام كاريكاتير هي مشكلة التمويل. إن أرادت الجريدة أن توفر في مصاريفها أو أن تتقشف أول ما تضحي به هو الكاريكاتير مع العلم أنه الأكثر مشاهدة.

لكن الآن يمكننا أن ننشر في موقع التواصل الاجتماعي دون مشاكل. فالتحرر من وسائل الإعلام أحياناً يمنح للفنان مزاجاً أعلى في الإنتاج. فأنا الآن أرسم بشكل يومي وأنشر حصراً على صفحتي في موقع فيسبوك.

IRaq

كيف تتعامل مع تعليقات القراء على الفيسبوك؟

تأتي تعليقات كثيرة على اللوحات التي أرسمها وأحياناً تكون المشاركات كثيرة أيضاً. لكن ميزة الرسم الذي أنتجه أنه قابل للتأويل وقابل أن يفسر بأكثر من تفسير وأحياناً أجد تفسيرات واستنتاجات ذكية لم تخطر ببالي.

لا أستطيع أن أتفاعل مع كل التعليقات، لكن عندما أجد تفسيرات مشوهة للفكرة الكاريكاتيرية التي نشرتها، أحاول أن أناقشها وأشرح اللوحة. مثلاً عندما أرسم عن الطائفية البعض يتوقع أنني أرسم طائفة معينة فتأتي التعليقات مهاجمة لتلك الطائفة. لكنني أقصد حالة عامة تتأثر بها جميع الطوائف.

ما هي التحديات التي تواجه رسامي الكاريكاتير العرب وكيف يمكن معالجتها؟

هناك تحديات فكرية. مثلاً عندما يعتقد الفنان أن موضوع الفساد يتعلق بشخصيات معينة فيمثلها برسومه، يكون بذلك قد وضع نفسه في زاوية ضيقة وكسب عداوة هؤلاء الأشخاص وقام بشخصنة المشكلة. وأعتقد أن هذا خاطئ لأن الفساد لا يتعلق بأشخاص فهو منظومة تربوية تتعلق بالشعب العراقي كله.

ولمعالجة هذا الموضوع  يجب على الرسام أن يكون مفكراً عميقاً. أي أن لا يعتقد أن الإرهاب أو الفساد هو ممثل بأشخاص فيتجنب بذلك إنتاج لوحات تمثل استفزازاً كبيراً لأشخاص معينين. مثلاً عندما أرسم ضد فكرة الطاغية فإنني لا أجسد شخصية معينة وعندما أرسم التطرف الديني لا أمثل فلانا من الناس.

وثانياً، هناك تحد يتعلق بشخصية الرسام وأفكاره المسبقة. وهذا يقيد الفنان ويجرده من رسم ما هو حقيقي وصادق ومؤثر لذا يجب على الرسام أن يكون عنده القدرة على التفكير والتحليل العميق وأن يزود نفسه بالمعرفة. يجب على الفنان أن يكون موضوعياً وهذا الأصعب لأن التجرد من العوامل الضاغطة التي تؤثر به بطريقة معينة هو تحدي أخلاقي وروحي.

*الصورة: لا تقلق يا وطني سأنقذك/تنشر بإذن خاص من الفنان ميثم راضي عن صفحته على فيسبوك

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".