المغرب – بقلم زينون عبد العالي:
في العالم أثرياء يتربعون على قوائم تصنيف أغنياء العالم التي تصدر عن مؤسسات دولية متخصصة في هذا المجال، غير أن الجدل يظل قائماً حول ماذا تستفيد أوطان هؤلاء الأغنياء من ثروتهم، وما إذا كانوا يساهمون في تطور مجتمعهم.
ويوجد في المغرب شخصيات استطاعت أن تدون اسمها في خانة أغنى الأثرياء بالعالم، حيث يصل عدد الأثرياء المغاربة إلى ثلاثة صنفوا ضمن ترتيب مجلة "فوربس" الشرق الأوسط في تصنيفها المعنون أثرياء العرب لعام 2015 والذي تضمن 100 ثري، فيما ضم تصنيف 2016 الذي ضم 32 ثرياً اثنين من المغاربة.
أثرياء المغرب موزعون بين من لا يظهر في مجالات أخرى غير الاستثمار وتكديس الأموال، فيما فضل آخرون المزاوجة بين السياسة والمال، أو العمل الإحساني بالموازاة مع الاستثمار، بينما يتوارى البعض عن الظهور في الصحافة والإعلام لغاية في أنفسهم.
ثراء في صمت
عثمان بن جلون، ملياردير مغربي تقدر ثورته بحوالي 1,9 مليار دولار حسب تصنيف فوربس. يستثمر في قطاع التأمين والبنوك في المغرب، حيث يدير بن جلون إحدى أكبر المؤسسات المالية في المغرب، مما جعله يتجه نحو أفريقيا لتوسيع مجال استثماره في قطاع البنوك في أكثر من 17 دولة.
حلّ بن جلون بالمرتبة 19 في ترتيب 2016، ويبلغ من العمر 83 عاماً.
ويساهم بن جلون بجزء من ثروته التي تراجعت خلال السنة الحالية مقارنة بالماضي في التنمية الاقتصادية بالمغرب من خلال تواجده على رأس عدة مؤسسات مالية واستثمارية وانخراطه في تمويل إنشاء أكبر برج سياحي في أفريقيا يتألف من 45 طابقاً بعلو 250 متر، ويغطى ثلثه بالألواح الشمسية.
ويقول مواطنون لـ(إرفع صوتك) إن الرجل يقوم بالأعمال الخيرية بعيداً عن أضواء الصحافة والإعلام.
السياسة والثروة
عزيز أخنوش، صديق ملك المغرب محمد السادس، ووزير الفلاحة والصيد البحري، يلقب في المغرب بملك المحروقات، كونه يمتلك أكبر شركة لتوزيع المحروقات في كافة التراب المغربي، فيما تمتلك زوجته أكبر مركز تجاري في القارة الافريقية.
حلّ أخنوش بالمرتبة 28 في ترتيب 2016، ويبلغ من العمر 55 عاماً.
يأتي الوزير أخنوش ثانيا في تصنيف فوربس بثروة تقدر بـ 1,3 مليار دولار، تتوزع مجالات الحصول عليها من الاستثمار في المواد البترولية والتجارة والإعلام والاتصالات.
يشهد المغاربة لأخنوش بالكفاءة حيث استطاع أن يبرهن أن علاقة الثروة بالسياسة لا يشوبها أي تأثر، حيث يعمل الرجل على إنجاح المخططات التنموية التي انخرط فيها المغرب في مجال الفلاحة والصيد البحري.
أخنوش أعلن في وقت سابق اعتزاله الحياة السياسية والاستمرار في الحكومة كوزير لا منتمي، كما شد إليه الأنظار بإعلانه تخليه عن راتبه كوزير، فيما يثني عليه أبناء منطقة سوس جنوب المغرب بسبب ما قدمه للمنطقة من مشاريع وأعمال ساهمت في تطورها.
الثروة والتنمية الاقتصادية
الراحل ميلود الشعبي، ميلياردير مغربي آخر استطاع أن يكسب ثروة من لا شيء، حيث بدأ مساره في مجال البناء بمقاولة صغيرة قبل أن تتحول إلى إمبراطوريات للإنشاءات في مختلف مدن المغرب.
حلّ الشعبي بالمرتبة 34 في ترتيب 2015.
بدوره دخل الشعبي غمار السياسة كشخصية مستقلة وحصل على مقعد في البرلمان، كوسيلة للدفاع عن مصالحه الاقتصادية، كيف لا والرجل يحتل مرتبة متقدمة في تصنيف أغنياء المغرب، حيث يحل ثالثاً بثروة قاربت ملياري دولار.
مات الشعبي مخلفاً وراءه استثمارات تقدر بالملايين في عدة مدن مغربية، حيث يمتلك الرجل شركات متخصصة في البناء والإنشاءات، فضلاً عن أسواق تجارية كبرى، إلا أن عمله الإحساني أخذ حيزاً هاماً من صيته.
اشتهر الشعبي بقربه من الفقراء، فهو القادم من الفقر ليصير ثرياً بالكفاح والصبر كما قال سابقاً. شهادة المغاربة فيه ثابتة لا تتغير، حيت تكفل بنقل الموتى مجاناً في عدة مدن مغربية، إضافة إلى بنائه عدة مساجد ودور سكن للطلبة، وعدة أعمال إحسانية أخرى.
تهجير الثروات
قائمة الأثرياء المغاربة لا تحصر بسهولة نظراً لعدم رغبتهم في الإفصاح عن ثرواتهم، فيما يرى مراقبون أن بعضاً منهم هرّب ثروته نحو البنوك الأجنبية مخافة تأثرها بالتقلبات التي يعرفها الاقتصاد المغربي.
وكانت تقارير سابقة قد تحدثت عن وجود أكثر من 30 في المئة من الثروات التي تمتلكها عائلات ثرية مغربية في البنوك الخارجية خاصة في سويسرا وبريطانيا، وفق ما ورد في تقرير أصدرته مؤسسة بوسطن الاستشارية الأميركية قبل أربع سنوات.
ويتشارك أغلب الأثرياء المغاربة في كونهم أسسوا ثروتهم بشكل عصامي أو عن طريق الاستثمار والتجارة داخل البلد، الأمر الذي يجعل العلاقة بين الأُثرياء وتنمية البلاد علاقة قائمة على المصالح المتبادلة، حيث تمنح الدولة التسهيلات للأغنياء، فيما يوفر هؤلاء فرص نمو مهمة للاقتصاد المغربي.
ثروة محتكرة
وينتقد المغاربة احتكار عائلات بعينها للثروة في المغرب رغم استثمارها في البلاد من خلال المشاريع التي تشغل آلاف الأشخاص، والاستثمارات التي تدخل البلاد عن طريق الاغنياء، غير أن ذلك لم يحد من المطالبة باقتسام الثروات بشكل عادل، تماشي مع ما ورد في خطاب الملك محمد السادس العام الماضي الذي طرح فيه سؤال "أين الثروة؟".
كما كان تقرير أصدرته هيئة النزاهة المالية العالمية قد كشف أن أموال الأثرياء المغاربة المهربة نحو البنوك الخارجية تتشكل أغلبها من التهرب الضريبي، إذ تتجاوز نسبة رؤوس الأموال المهربة 40 مليار دولار حسب ذات التقرير.
*الصورة: الثري المغربي عثمان بن جلون مع رئيس الحكومة المغربية عبد الإله بنكيران/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659