بقلم إلسي مِلكونيان:

تتمتع الإمارات العربية بثروات جعلتها سبّاقة في مجالات عدة مقارنة بدول المنطقة، فمن الثروة النفطية إلى السمكية إلى النشاط التجاري والاقتصادي ومطاعم فخمة تقدم لزائريها مختلف أنواع الأطعمة.

لكن وراء ما تقدمه المطاعم من مأكولات شهية، يتعرض الأمن الغذائي لكثير من التحديات من جفاف وملوحة وتصحر.

سعت الحكومة الإماراتية لإيجاد حلول لهذه التحديات التي تواجه القطاع الزراعي عبر استراتيجيات ومبادرات ساهمت في إيجاد حلول لتنمية مستدامة، في محاولة للارتقاء بها كباقي ثرواتها. ومن المؤكد أن حجم الإمكانيات المادية في الإمارات عامل مساعد في مواجهة أي تحد وطني، لكن الموضوع لا يتعلق بالتحديات فقط، وإنما هناك مبادرات يمكن الاستفادة منها إن تمت إدارتها بشكل صحيح. نذكر بعضاً منها.

الاعتماد على المحاصيل المقاومة للجفاف

دفعت البيئة الجافة والملوحة التي تواجه الإمارات الباحثين إلى إجراء بحوث مكثفة للاستعاضة عن المحاصيل التقليدية بأخرى مقاومة للجفاف. وكمثال عن هذا المحاصيل، بذور الكينوا التي أدخلت إلى السوق بواسطة تجارب أجراها المركز الدولي للزراعة الملحية.

موضوعات متعلقة:

ملايين العرب يعيشون بأقل من دولارين في اليوم

الاستراتيجية الإماراتية للحفاظ على الأمن الغذائي

يقول عبد الله الدخيل، خبير في المركز الدولي للزراعة الملحية، لموقع (إرفع صوتك) "تم إدخال الكينوا عن طريق المركز. ففي عام 2007 تم تقييم عدد من السلالات أحضرت من أنحاء مختلفة من العالم. وأثبتت التجارب وجود عديد من سلالات هذا المحصول مقاومة للملوحة التي تعاني منها أيضاً المياه الجوفية. وكان لهذا أثر على المزارع التي تروى بهذه المياه، بالتالي تم هجرها".

منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة أثبتت أن الكينوا محصول عالمي وله قدرة للنمو في المناطق المالحة إضافة إلى قيمته الغذائية. وتعاونت المنظمتان لإدخال الكينوا إلى دولة الإمارات وغيرها من دول المنطقة وجهاز أبو ظبي للرقابة الغذائية ومركز خدمة المزارعين.

ويضيف "تم اختبار الكينوا في أربع مزارع مهجورة أثبتت قدرة الكينوا على تحمل مستويات الملوحة العالية وعائد اقتصادي وقيمة غذائية، إذ تفوق قيمته 14-18 مرة ما في القمح والشعير إلى جانب خلوه من مادة الغلوتين المسببة لأضرار عدة. بدأ الاهتمام فيها وحالياً نحاول زراعتها في إمارتي الشارقة ورأس الخيمة بالتعاون مع وزارة التغير المناخي والبيئة".

هذا وينظم المركز مؤتمراً في نهاية عام 2016 لجلب الخبرات الدولية ووضع استراتيجية عمل مستقبلية على مستوى الوزارات والدولة بهدف تشجيع المزارعين.

مبادرات لتشجيع الخبراء الزراعيين

تعمل الإمارات العربية أيضاً على تشجيع مبادرات الخبراء الزراعيين. وإذ يعتبر التمر أحد أبرز الثروات التي تستعين بها الإمارات كمصدر غذائي أساسي، تم إطلاق جائزة خليفة للتمر سنوياً.

وقد تم فتح باب الترشح للدورة الثامنة لعام 2016 منذ أيام وحتى 30 تشرين الأول/أكتوبر القادم. باب المسابقة مفتوح لجميع الخبراء الزراعيين والأكاديميين الذين يتقدمون بمشاريع يمكن تطبيقها لتحسين إنتاج التمر والاستفادة القصوى منه.

وبحسب موقع الجائزة، تقسم المسابقة إلى خمس فئات هي "فئة الشخصية المتميزة، وفئة أفضل مشروع تنموي، وفئة أفضل تقنية، وفئة المنتجين المتميزين، وفئة البحوث والدراسات المتميزة في مجال زراعة النخيل وإنتاج التمور".

وتمنح الجائزة الفائز بالمركز الأول عن كل فئة على مبلغ وقدره 300 ألف درهم (ما يقارب 81 ألف دولار أميركي).

الإرشاد المستمر لأصحاب المزارع

يعمل مركز خدمات المزارعين في أبو ظبي على تقديم الإرشاد على مدار العام لزيادة إنتاجية المزارع.

يقول سمير الكاشف، مدير مزرعة إكساليبر للزراعة العضوية في أبو ظبي، لموقع (إرفع صوتك) إن "دولة الإمارات تدعم الزراعة بشكل لا محدود من حيث المراكز الإرشادية التابعة للدولة وتعريف المزارعين بأحدث طرق الري والتنقيط لأننا نواجه قلة المياه بشكل كامل".

ويوضح الكاشف أيضاً وجود مشاريع الاستثمار في الزراعة المائية إضافة إلى الزراعة السمكية، فقد أنشأت الدولة أيضاً صندوق خليفة لتقديم التمويل للمزارعين.

"توفر الدولة مياه محلاة والمشاريع المائية في تطور دائم لتلبية احتياجات المزارعين. وتحصل على نصح دائم لترشيد إدارة شبكات الري وعدم الإسراف فيها".

*الصورة: إماراتي يعتني بتمور نخيله /وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".