الجزائر – بقلم أميل عمراوي:
"ولاية ورقلة هي إحدى أهم ولايات الجنوب الجزائري لما تحتويه من ثروات هامة تجعلها شريان الاقتصاد والتنمية في الجزائر".
بهذه العبارة يستقبلك موقع مديرية التجارة لولاية ورقلة على الإنترنت، فهي حقاً جوهرة الواحات بجنوب الجزائر. لكن ورقلة كذلك من المحافظات التي شهدت موجة احتجاجات عارمة خلال الأشهر الماضية بسبب ارتفاع نسبة البطالة ونقص مرافق الترفيه ودور الشباب هناك.
في 24 شباط/فبراير 2016، حاولت مجموعة من شباب ولاية ورقلة الانتحار جماعياً بسبب البطالة. هزّت الحادثة الرأي العام الوطني وأثارت إشكالية تقسيم الثروات بين أبناء الشعب الجزائري، خاصةً وأن ورقلة تعد ولاية هامة من حيث منتوج المحروقات التي تشكل 98 في المئة من صادرات الجزائر.
موضوعات متعلقة:
تعرّف على الثروات العربية وكم تمثل في العالم
هؤلاء هم أغنى الحكام العرب وهذه ثرواتهم
وفي هذا الصدد، يرى سليم حويو وهو عاطل عن العمل من ذات المحافظة، أن التصعيد الذي شهدته حركة الاحتجاجات بولاية ورقلة على وجه الخصوص إنما يعود لكونها من بين الولايات التي يحمل باطنها الغاز والبترول اللذين يساهمان في تطوير الاقتصاد الوطني لكن ذلك "لا يعود عليهم بشيء".
ويقول لموقع (إرفع صوتك) "لا يعقل أن تسكن أرضاً باطنها يدر ذهباً وأنت لا تستطيع حتى أن تضمد جوع بطنك، كيف لي أن أتحمل وضعي بعد أكثر من 10 سنوات من البطالة؟ نحن نشتكي في ورقلة من هذا التناقض".
البطّالون.. قنبلة موقوتة؟
ويقول سليم، وهو أحد الشباب الذين أضربوا عن الطعام خلال احتجاجات شباط/فبراير، إن الشباب بالصحراء الجزائرية لم يعد يسمع للشعارات الرنانة التي يرفعها السياسيون عشية الاستحقاقات الانتخابية. ويؤكد أن البطالة بالجنوب أضحت مشكلة عميقة يجب معالجتها في أقرب وقت وإلا ستقود إلى ما لا يحمد عقباه، على حد تعبيره.
وإذ يشير إلى أن البطالة تؤدي باعتقاده إلى العنف، يضيف "لا بد أن تعيش يومياتنا هنا حتى تفهم و تعي الوضع المزري والفراغ الذي يتخبط فيه الشباب. وكل عام ينضم إلى القائمة شباب آخر وهكذا دواليك. إنها قنبلة موقوتة تنتظر الانفجار كل حين، ماذا ينتظر القائمون على شؤوننا لأخذ الأمر بجدية؟ أينتظرون الانفجار ثم يوجهون الاتهام للأيادي الخارجية، إنه الهراء بعينه".
بطء وتيرة التنمية
وترى الدكتورة فيروز محمدي وهي أستاذة بكلية علوم الاجتماع بالعاصمة الجزائر أن الشباب المتخرج العاطل عن العمل على وجه الخصوص أصبح لا يعير أي اهتمام للبرامج السياسية والتنموية التي تبقى مجرد وعود طالما أنه يواجه يوميات الفراغ وسداد الأفق يومياً.
وتقول الدكتورة محمدي لموقع (إرفع صوتك) "ليس العيب أن يشتكي المجتمع من البطالة، فالغرب المتقدم كذلك يعاني من ذات المشكلة بنسب متفاوتة. لكن العيب يكمن في أن الإشكال لا يصاحبه أي جهد تنموي بالمعنى الإجرائي للكلمة، حيث ترى نسب البطالة في تزايد عكس وتيرة التنمية البطيئة عندنا بالجزائر خصوصاً في الصحراء الكبرى".
حلول مؤقتة.. شراء للسلم الاجتماعي
وفي حديثه لموقع (إرفع صوتك)، يلفت كمال عزّي وهو محلل اقتصادي إلى أن الدولة الجزائرية طرحت للشباب العديد من البدائل عن التوظيف المباشر مثل آلية دعم تشغيل الشباب والتي يستفيد من خلالها الشاب من قرض مالي يستثمره هو في أي مشروع تنموي يعود بالفائدة عليه وعلى الوطن. "لكن التجربة أثبتت فشلها كون الكثير من المستفيدين افتقدوا المؤهلات التي تتيح لهم الاستثمار في المجالات التي خاضوها".
ويطرح الأستاذ عزي سؤال مفاده "لماذا لم تفرض شروط تكوينية على طالب القرض؟ أليس ذلك دليل على كون الآلية شراء للسلم الاجتماعي فحسب؟".
وتدرس الجزائر تنويع اقتصادها لكبح التبعية للنفط والغاز الطبيعي، حيث تسعى لإعطاء الأولوية لترقية الاستثمار المنتج وتكثيف النشاط الفلاحي في المناطق الصحراوية، بغية الخروج سريعاً من التبعية للمحروقات. "لكن ذلك يبقى شعار الأنظمة المتعاقبة بالجزائر منذ استقلالها في العام 1962"، كما يؤكده موسى زهير، الطالب بجامعة ورقلة.
ويقول موسى لموقع (إرفع صوتك) "لقد تعبنا من الوعود والشعارات التي تثني على الشباب، كيف يمكنك أن تقنع من بلغ به الأمر إلى قتل نفسه والانتحار أمام الملأ بالكلام فقط، لا يمكن شراء السلم بالوعود كما لا يمكن إشباع رغبة البقاء في السلطة بمحاصرة الشباب المتطلع لمستقبله باتهامه بالعمالة والعمل لصالح الأيادي الخارجية بمجرد مطالبته بحقوقه الأساسية، العمل وتقسيم الثروة على الجميع بعدل وشفافية".
*الصورة: "لا يعقل أن تسكن أرضاً باطنها يدر ذهباً وأنت لا تستطيع حتى أن تضمد جوع بطنك"/Shutterstock
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659