بقلم إلسي مِلكونيان:

تتمتع الدول العربية بطقس مشمس في غالبية أيام السنة. لذا سعت بعض دول المنطقة لاستثمار هذه الثروة كمصدر متجدد للطاقة، لتقلص من مشكلة فقرها بمصادر الوقود الأحفوري واعتمادها على الاستيراد الخارجي.

وإذ أحرزت بعض الدول العربية، كالمملكة المغربية تقدماً ملحوظاً في هذا المجال، تسعى مملكة أخرى وهي الأردن لتخطي العقبات وتطوير قدراتها. فما الذي حققه المغرب في 2016 وما الذي يعترض الأردن في سبيل تحقيق استثمارات أوسع؟

مشروع الطاقة الشمسية في المغرب

بدأت المملكة المغربية بتنفيذ مشروعها للطاقة الشمسية قرب مدينة ورزازات في جنوب شرق البلاد في 2013. وافتتح الملك محمد السادس، في 4 شباط/فبراير 2016، الجزء الأول (نور1) في حين يستمر العمل لإتمام الجزئين الآخرين.

موضوعات متعلقة:

مراقبون: “السعودية 2030” مشروع للمستقبل يهدده عدم استقرار المنطقة

ماذا تبقى من الطبقة المتوسطة في العراق؟

ويتوقع أن يولد مشروع "نور ورزازات" بمراحله الأربعة أكثر من 500 ميغاواط من الطاقة الكهربائية تلبي حاجة حوالي مليون مواطن وتخدم قطاع الأعمال وقطاعات حيوية أخرى كالصناعة والنقل والزراعة.

ويمثل هذا المشروع حلاً لمشكلة الكهرباء التي تعاني منها المملكة التي تستورد أكثر من 90 في المئة من احتياجاتها من الطاقة، كما يسهم في تخفيض انبعاثات الكربون (760 ألف طن سنوياً).

ويدار هذا المشروع بواسطة شراكة بين القطاع العام، المتمثل بالوكالة المغربية للطاقة الشمسية، وجهات خاصة كالبنك الدولي للإنشاء والتعمير وصندوق التكنولوجيا النظيفة والبنك الأفريقي للتنمية.

يقول سامح مبارك، كبير الخبراء المستشارين في الطاقة والمواد الاستخراجية في البنك الدولي ومركزه العاصمة واشنطن، في حديث لموقع (إرفع صوتك) إن "الاستثمار في الموارد الطبيعية المتجددة يمكّن المملكة من تأمين مصادر إضافية للطاقة تجنبها التذبذبات العالمية في أسعار الطاقة (كما حصل للنفط مؤخراً)".

ويتابع مبارك "حالياً تعاني معظم الدول في شمال أفريقيا من محدودية قدرتها على تلبية الحاجة الوطنية من الطاقة، لكن تطوير مصادر استخراج الطاقة النظيفة يساعد على تلبية هذه الاحتياجات بطريقة مستدامة، ما يخفف الاعتماد على الوقود الأحفوري".

ويشيد مبارك بالتبعات الإيجابية لهذا المشروع، ففي حال نجاحه، سيوفر إمكانية تصدير الطاقة النظيفة إلى دول أخرى كالدول الأوروبية مثلاً بأسعار مخفضة، وهي تستهلك حالياً فائض الطاقة الذي خلفه الركود الاقتصادي في السنوات الأخيرة.

مشاريع الطاقة الشمسية في الأردن

مشهد الطاقة الأردني يبدو مشابهاً للوضع في المغرب من حيث استيراد الكهرباء وعدم قدرة الموارد المحلية على تلبية حاجات المواطنين، إذ أن افتقار مصادر الطاقة في هذا البلد يضطره إلى استيراد حوالي 96 في المئة من إجمالي احتياجاته، حسب مجلة ذا إكونوميست البريطانية.

لكن ينتظر أن تقوم بعض مشاريع الطاقة الشمسية بتأمين حل بديل. إذ تخطط شركة أبو ظبي لطاقة المستقبل "مصدر" في الربع الأخير من عام 2016 لإقامة مشروع للطاقة الشمسية تستثمر فيه حوالي 300 مليون دولاراً ويولد حوالي 200 ميغاواط.

وحتى الآن لم تستثمر المملكة تماماً في مشاريع الطاقة الشمسية، برغم اعتماد قانون الطاقة المتجددة منذ 2011. فمشروع "شمس معان" جنوب الأردن سيطلق نشاطه في صيف العام الحالي لينتج 160 ميغاواط.

يشير تقرير منظمة غرينبيس بعنوان "الطاقة المستقبلية في الأردن" إلى أن الأردن يمتلك الإمكانية لتولد مصادر الطاقة المتجددة تسد فيه 60 في المئة من استهلاك المملكة في 2050.

ويشرح جمال قموه، النائب السابق ورئيس لجنة الكهرباء السابق لموقع (إرفع صوتك) أن السبب في قلة الاهتمام بالاستثمار يعود إلى "البيروقراطية في الأجهزة الحكومية وقلة وعي هذه الجهات الحكومية لموضوع الطاقة المتجددة وفوائدها، مع العلم أن تطوير مشاريع الطاقة الشمسية في الأردن كانت من ضمن خطة مجلس الوزراء بما ينتج حوالي 1200-1500 ميغاواط".

ويتابع أن "المغرب قطع شوطاً أسرع من الأردن في مجال الطاقة الشمسية لأنه تجاوز الكثير من العقبات وأتوقع أنه بحلول عام 2025 سيكون لديهم طاقة متجددة تنتج حوالي 40 في المئة من إجمالي إنتاج الطاقة".

كما تشير خبيرة الطاقة صفاء الجيوسي إلى وجود أسباب أخرى ساهمت في تباطؤ الاستثمار في الطاقة الشمسية في الأردن برغم وجود كفاءات في مجال الطاقة المتجددة، تشرحها لموقع (إرفع صوتك) كالآتي:

-الاستفادة المادية لبعض الشركات، التي تورد الطاقة حالياً من الوقود الأحفوري، لذا يصب في مصلحتها الاستمرار في هذا الوضع. بينما تطبيق الاستثمارات في الطاقة الشمسية سيضعف مردودهم.

-نقص الوعي الكافي للمواطنين. فحيث يمكن للمواطنين شراء جهاز لتوليد الطاقة الشمسية من عدد من الشركات التي تطرحها في السوق، لا يوجد الوعي الكافي لديهم لاختيار الجهاز الأنسب أو معرفة الشركة الأفضل التي تطابق أجهزتها المقاييس والمواصفات العالمية.

لكن تشير الجيوسي إلى أن المشهد ليس سوداوياً بقولها "إن هناك عدداً من المشاريع والمبادرات أنشأت لدعم الاستثمار في الطاقة الشمسية كـ"مشروع الطاقة الشمسية البحثي الثاني" في الجامعة الهاشمية (بقدرة 30 كيلوواط) كما يوجد الكثير من مهندسين طاقة مختصين وجمعيات قطاع خاص متخصصة في هذا المجال لتدعم جهود أي مستثمر يخطط لمشاريع في الأردن سواء (مصدر) أو غيره".

*الصورة: مشروع الطاقة الشمسية في ورزازات- المغرب/تنشر بإذن خاص من البنك الدولي- العاصمة واشنطن

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".