بقلم علي قيس:

ملامح كثيرة لإصلاح الاقتصاد السعودي المعتمد على تصدير النفط تضمنتها "رؤية السعودية 2030"، الخطة الاقتصادية التي أعلنها مؤخراً الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي ورئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بالمملكة، والذي شدد على أن الإصلاحات المخطط لها ستطبق حتى إذا ارتفعت أسعار النفط فوق مستوى سبعين دولاراً للبرميل من جديد.

ومن أبرز النقاط التي تناولتها الخطة بحسب موقعها الرسمي:

*صندوق سيادي:

ستعمل المملكة على تحويل صندوق الاستثمارات العامة السعودي إلى صندوق سيادي بأصول تتجاوز تقديراتها التريليوني دولار.

موضوعات متعلقة:

ماذا تبقى من الطبقة المتوسطة في العراق؟

الطريق إلى الشمس… عبر الأردن والمغرب

*التحرر من النفط:

تهدف الخطة إلى زيادة الإيرادات غير النفطية ستة أضعاف، وزيادة حصة الصادرات غير النفطية من 16 في المئة من الناتج المحلي حاليا إلى 50 في المئة من الناتج.

*طرح أرامكو بالبورصة:

ستطرح السعودية أقل من 5 في المئة من شركة النفط الوطنية العملاقة "أرامكو" للاكتتاب العام في البورصة وستخصص عائدات الطرح لتمويل الصندوق السيادي السعودي.

*البطاقة الخضراء:

أعلن ولي ولي العهد السعودي أن بلاده ستطبق نظام "البطاقة الخضراء"(شبيه بنظام الإقامة الدائمة في أميركا) خلال خمس سنوات من أجل تحسين مناخ الاستثمار، مضيفا أن المملكة ستفتح السياحة أمام جميع الجنسيات بما يتوافق مع قيم ومعتقدات البلاد.

*ثلاثون مليون معتمر:

تخطط السعودية لزيادة عدد المعتمرين سنويا من ثمانية ملايين إلى ثلاثين مليونا بحلول عام 2030.

*التوظيف والقطاع الخاص:

تهدف الخطة إلى زيادة مشاركة النساء في سوق العمل من 22 إلى 30 في المئة، وخفض نسبة البطالة بين السعوديين من 11.6 إلى 7 في المئة.

*الصناعة العسكرية:

تسعى السعودية إلى إنشاء شركة قابضة للصناعات العسكرية مملوكة 100 في المئة للحكومة تطرح لاحقا في السوق السعودي، ومن المؤمل أن تطلق في أواخر 2017.

*الإسكان والمشروعات:

ستعمل الحكومة السعودية على إعادة هيكلة قطاع الإسكان للمساهمة في رفع نسب تملك السعوديين.

*مكافحة الفساد

 تشدد المملكة على محاربة الفساد، وتتعهد بعدم التهاون مع الفساد الإداري أو المالي.

تحديات سياسية واقتصادية

ويتوقع مراقبون أن تواجه عملية تنفيذ الرؤية جملة تحديات.

"أي مشروع جديد يتضمن مخاطر، لكن البقاء بدون مشاريع جديدة يتضمن مخاطر أكبر"، يقول الكاتب والإعلامي جمال خاشقجي لموقع (إرفع صوتك)، موضحاً أن "من أهم المخاطر هو الحالة الإقليمية السيئة، التي يمكن أن تزداد سوءا وتنفجر وتعطل هذا المشروع".

ويتابع خاشقجي "الوضع في اليمن وسورية والعراق غير مستقر ويسمح بتدخلات وانفجار صراعات جديدة، لذلك يجب أن نبذل جهدا خارجيا من أجل إعادة ترتيب الأوضاع بقدر جهدنا الداخلي".

"الخطورة الأخرى هي الاقتصادية" يشير الكاتب والإعلامي، موضحا "إننا نريد أن نتوسع باقتصادنا بدون معالجة واحدة من أكبر الأمراض في الاقتصاد السعودي وهي الاعتماد على العمالة الأجنبية".

وتتعدد المخاطر لأكثر من ذلك بحسب خاشقجي الذين يلفت إلى أن "ثمة تحديات تواجه رؤية 2030 منها الحاجة إلى الرقابة والكفاءات، إضافة إلى موضوع الموظفين الذي يتطلب إعادة هيكلة مؤسسات الدولة بسبب الإعتماد على القطاع الخاص في مرحلة تنفيذ الخطة، فضلاً عن ضرورة وقف الهدر العالي للإنفاق".

ورغم حجم التهديدات التي تواجه مشروع 2030 إلا أن خاشقجي يختتم حديثه متفائلاً بنجاح المشروع، ويقول "الجيّد أن الدولة هذه المرة وضعت أدوات للمراقبة والمحاسبة وهذا الاختلاف الأهم في الخطة بالمقارنة مع الخطط السابقة حيث لم تكن تراقب بنفس القسوة، لذلك أميل إلى التفاؤل".

ولي ولي العهد السعودي خلال دخوله إلى البيت الأبيض

الجاسر: التحديات السياسية تأتي في المقدمة

ويؤيد مستشار رئيس تحرير صحيفة "الجزيرة" السعودية جاسر الجاسر بدوره ما ذهب إليه خاشقجي من تفاؤل. ويقول لموقع (إرفع صوتك) "الذي يميز الأمير محمد بن سلمان أنه محاط بعدد جيد من المستشارين المتخصصين الذين نهلوا العلم من أفضل الجامعات الغربية"، متوقعا في الوقت نفسه ثمة تحديات ستواجه مشروع الأمير.

ويؤكد الجاسر أن التحديات السياسية تأتي في المقدمة، موضحا "رؤية 2030 كأي قرار آخر ستقابل بشيء من التحفظ والتوجس، حتى الآن هناك قوى محافظة لا تريد أن تفقد حظوظها ومكتسباتها، لكن سمة التطور والإصلاح كفيل بإنجاح المبادرة".

ويتابع "كما لاحظنا هناك سرعة في التغيير والمحاسبة وبما أن الوزراء والمسؤولين سيكونون تحت طائلة الحساب والمسائلة ومراقبة ما ينتجونه، سيكون هناك من لا يتواءم مع المبادرة، ومن لا يتواءم معها لن يكون له مكان ضمن خطة 2030".

وعن الجانب الاقتصادي يرى المستشار أن "هناك تحد آخر كبير فالعمالة الكبيرة توجهها تحديات كبيرة، لكن تهيئة البنى التحتية واليد العاملة أمر ممكن"، موضحا "المملكة منذ 20 عام لديها بعثات دراسية وعلمية إلى الخارج، وهذه فرصة لاستثمار تلك الإمكانيات".

ويختتم الجاسر حديثه بالقول "الذي يخفف من التخوفات هو الاستعانة بالخبرات والشركات العالمية، كما لاحظنا فإن جولة الأمير محمد بن سلمان تمخض عنها الاتفاق مع الشركات العالمية التي لا يمكن أن تقدم على استثمار مالم تكن متيقنة أنها ستحقق نتائج جيدة".

*الصورة الرئيسية: العاصمة السعودية الرياض ليلا/وكالة الصحافة الفرنسية

*الصورة الثانية: ولي ولي العهد السعودي خلال دخوله إلى البيت الأبيض/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".