صنعاء- بقلم غمدان الدقيمي:
"بن اليمن يا درر.. يا كنز فوق الشجر.. من يزرعك ما افتقر.. يا سندس أخضر مطرز بالعقيق اليماني".
تلك الكلمات، هي مطلع واحدة من target="_blank">أشهر الأغاني الشعبية التي تمدح زراعة البن، أعرق المنتجات الزراعية التي ارتبط اسمها وثيقاً باليمن عبر العصور.
لهجة لا تخلو من الحسرة
"البن اليمني ثروة اقتصادية مهملة"، يقول عبد الله الحبري الذي يمتلك مزرعة كبيرة لإنتاج البن، تقدر مساحتها بـ10 هكتار ، في منطقة بني مطر (جنوبي غرب العاصمة)، حيث عمد 60 في المئة من المزارعين خلال السنوات الأخيرة إلى قلع أشجار البن، واستبدالها بشجرة القات التي يعتقد الكثيرون أنّها أكثر إدراراً للمال.
موضوعات متعلقة:
كيف يمكن لمصر الاستفادة من ثروتها البشرية؟
تعرّف على خمسة مشاريع حيوية في الدول العربية
وفي لهجة لا تخلو من الحسرة والأسى، يضيف الجبري لموقع (إرفع صوتك) "هذه التجارة لن تتعافى من دون اهتمام ودعم حكومي حقيقي".
عبد الرحمن عامر، أحد المزارعين الذين قاموا بإحلال شجرة القات بدلاً من البن، يؤكد "القات يحقق لنا أرباحاً أفضل، لكن ما زال أبي يحتفظ بمزرعة تنتج القليل من البن".
لمحة تاريخية
من بين منتجات زراعية قليلة يظل “البن” المحصول الأكثر شهرة في العالم الذي لا يزال اسمه مرتبطاً ذهنياً باليمن، حيث عرف اليمن منذ قرون بأنه موطن لأجود أنواع البن (موكا كافي) الذي كان يصدر لجميع أنحاء المعمورة، عبر ميناء المخا على البحر الأحمر غربي البلاد.
شكل البن خلال ثمانينات القرن الماضي رافداً اقتصادياً لليمن الذي كان يصدر نحو 50 ألف طن سنوياً، قبل أن يتراجع إلى مستويات قياسية، وفقاً لمصدر في وزارة الزراعة.
ومن أنواع البن اليمني، المطري واليافعي والبرعي والحمادي والحرازي، لكن الأجود هو الدوائري، والتفاحي، والعديني، الذي ينمو في جميع مناطق زراعة البن في البلاد.
مؤشرات الإنتاج والتصدير
ويقدر إنتاج اليمن من البن حاليا بنحو 20 ألف طن سنوياً (يسخر معظمه للاستهلاك المحلي)، حسب ما أفاد به مدير إدارة البن في وزارة الزراعة سمير العتمي في حديث لموقع (إرفع صوتك).
وقال العتمي إن مساحة الرقعة المزروعة بالبن تقدر بـنحو 35 ألف هكتار، يعمل فيها حوالى من 100 إلى 110 ألف أسرة زراعية.
ويحتل اليمن من حيث الإنتاج المرتبة 46 عالمياً من بين 64 دولة، وهو السادس آسيوياً، حسب العتمي.
ويصدر البلد الفقير حالياً حوالى 4000 ألف طن (الكيلوغرام الوحد يباع بـ 15 دولاراً)، حسب كتاب الإحصاء الزراعي، لكن العتمي يعتقد أن الكمية المصدرة أكبر.
ويضيف "نعاني صعوبة في الإحصائيات، والتجار (المصدرين) لا يوافونا بأرقام دقيقة".
نكهات ممتازة
وعلى الرغم من تراجع إنتاجية البن اليمني، إلا أن مكانته ما زالت في الصدارة نظراً لجودته، على حد قول المهندس سعيد الشرجبي، وهو كبير خبراء اقتصاديات البن في اليمن.
"البن اليمني مرغوب كون عملية زراعته ومراحل إنتاجه تتم بطريقة طبيعية، كما أنه يحتوي على نكهات ممتازة، وجدنا من خلال الدارسة أن له نكهة الفراولة والبرتقال والشكولاتة والكاكاو وغيرها"، قال الشرجبي لموقع (إرفع صوتك).
تحديات وقصور حكومي
تواجه تجارة وإنتاج البن مشاكل كثيرة فوق تلك التي خلفتها الزراعة الواسعة لشجرة القات وضعف النمو الاقتصادي.
يقول المهندس الشرجبي "أبرز مشكلة هي الجفاف، تليها الآفات الزراعية، قبل سنوات أجرينا فحصاً حول حشرة تصيب ثمار البن، واتضح لنا أنها تكبد المزارعين خسائر تصل إلى 50 في المئة من الإنتاج، أي ما بين 10 إلى 12 مليار ريال".
وانتقد الشرجبي دور الحكومات اليمنية المتعاقبة ، قائلاً "لا يمكن التوسع الرأسي أو الأفقي ما لم توجد بنية تحتية في مناطق الإنتاج، والتي تعد جبلية ووعرة، فضلاً عن شح المياه".
وتحدث الشرجبي عن إشكالية أخرى تتمثل بقيام تجار باستيراد البن من دول ثانية، وإعادة تصديره على أنه يمني، بأسعار رخيصة، مؤكداً أن هذا "يضر بسمعة المنتج المحلي".
وأضاف "اليمن يعتبر المصدر الأساسي للأصول الوراثية للبن العربي في العالم. لذلك يجب على هذه الدول ومنظماتها الحفاظ على هذا المصدر وتنميته واعتباره إرث يهم العالم أجمع".
مطالب مزارع
بدوره قال المزارع عبد الله الحبري لموقع (إرفع صوتك) إن "70 في المئة من المعاملة الزراعية للبن تتم بطريقة تقليدية".
وأبدى أسفه لعدم تأهيل المزارعين، وتوفير وسائل حديثة للزراعة وزيادة الإنتاج وتحسين الجودة، قائلاً "بذلك يمكن تحقيق موارد كبيرة".
وأقرّ العتمي بعدم الاهتمام الحكومي بهذا المحصول الاستراتيجي، قائلاً "لدينا دراسات واستراتيجيات لتطوير البن، لكن للأسف لم ننجح في الحصول على تمويل سواء من الحكومة أو المانحين".
*الصور: زهور لشجرة بن يمني وحقل بن نموذجي في منطقة ردوف بمحافظة اب وسط اليمن/تنشر بإذن خاص من المهندس سعيد الشرجبي
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659