مصر – بقلم الجندي داع الإنصاف:

يعيش في مصر 90 مليون شخص، وفقاً لأخر إحصاء قام به الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. وإذ نظرت الحكومات المتعاقبة إلى هذا العدد السكاني على أنّه عبء على الاقتصاد والتنمية، يرى الخبراء أنّ هذه ثروة بشرية يمكن الاستفادة منها. ويشددون على ضرورة تغيير النظرة السلبية للكثافة السكانية لتحقيق الاستفادة من الموارد البشرية في مصر.

الاستفادة من الثروة البشرية

يقول الباحث وأستاذ التنمية البشرية د. نبيل عبد الخالق لموقع (إرفع صوتك) إن التذرع بأن عدد سكان مصر البالغ 90 مليوناً يعيق إحداث التنمية خاصة في ظل عدم وجود موارد طافية هو أمر يروجه المحبطون ويجب العمل على إعادة النظر في المنظومة البشرية لتطويرها وتنميتها بما يليق بوضع مصر التاريخي والجغرافي والحضاري.

موضوعات متعلقة:

“صنع في العراق”.. حملة للنهوض بالقطاع الصناعي

تعرّف على خمسة مشاريع حيوية في الدول العربية

ويضع عبد الخالق مرتكزين رئيسيين للاستفادة من الموارد البشرية لكي لا تكون عبئاً على المجتمع والاقتصاد المصري.

أولاً: ضرورة ربط التعليم بسوق العمل واحتياجاته، وهذا يتطلب وجود رؤية استراتيجية مستقبلية.

ثانياً: إعادة تأهيل وتدريب العناصر الموجودة الآن بسوق العمل لتواكب متطلباته.

ويشدد عبد الخالق على أن العيب ليس في الثروة البشرية لكن في إدارتها، مشيراً إلى أن التعليم بشكل عام هو المفتاح الحقيقي لإحداث التنمية فيما يعدو التعليم الفني قاطرة التنمية الحقيقية "ولا بد من انطلاقة جديدة وحقيقية لإعادة المنظومة التعليمية إلى مسارها الصحيح".

التنمية البشرية

ترتبط التنمية البشرية بمقدار ما توفره الدول لشعوبها لتلبية احتياجاتهم النفسية والفيزيولوجية بما ينعكس إيجاباً على إنتاجهم وهو ما يتطلب توفير فرص عمل تتوافق مع رغبات الأفراد، فعمل الفرد في مجال يحبه يساعده على الإبداع والإخلاص لعمله بشكل أكبر.

وبحسب أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة د. هشام إبراهيم، فإن تطوير وتنمية العنصر البشري هو أساس أي عملية اقتصادية كونه هو الذي يدير تشغيل رأس المال المادي والطبيعي.

ويشير إبراهيم في حواره لموقع (إرفع صوتك) إلى حاجة الدول العربية بشكل عام ومصر بشكل خاص إلى تعليم وتدريب العنصر البشري ليصل إلى المستويات العالمية وذلك من خلال تغيير نظم العمل السائدة في مجتمعاتنا التي تعتبر حتى الآن غير صالحة لإخراج القدرات الإبداعية.

"ما زال الشخص غير المناسب يعمل بالمكان غير المناسب وبالتالي يعطي نتائج غير مرضية"، يقول إبراهيم، موضحاً أن الدول التي أحسنت استغلال الموارد البشرية استطاعت أن تتقدم "فاليابان على سبيل المثال لا تملك أية موارد طبيعية واستطاعت أن تكون في مصاف الدول المتقدمة حين أدركت أهمية العنصر البشري فعملت على استخراج طاقاته وقدراته الإبداعية".

ويرى أن على مصر والدول العربية أن تحذو حذو اليابان إذا أرادت أن تحقق نقلات نوعية تمكنها من الانضمام إلى ركب الدول المتقدمة "التي لم تعد قوتها تقاس بالتقدم العسكري أو ما تملكه من إمكانيات اقتصادية وفقط بل زاد على ذلك مدى استثمارها للطاقات والموارد البشرية التي باتت تعد واحدة من أهم ركائز تنمية الاقتصاد".

*الصورة: زحمة سير في القاهرة/Shutterstock

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".