يلتقي الأعضاء الصغار كل ثلاثة أشهر في نقاش غني بالقضايا/تنشر بإذن خاص من موقع المدرسة الديموقراطية
يلتقي الأعضاء الصغار كل ثلاثة أشهر في نقاش غني بالقضايا/تنشر بإذن خاص من موقع المدرسة الديموقراطية

صنعاء- بقلم غمدان الدقيمي:

تبدي تغريد المعلمي، نائبة رئيس لجنة متابعة التوصيات في برلمان الأطفال اليمني، ثقة عالية بالنفس وقدرة كبيرة على التفاعل مع قضايا الطفولة في اليمن.

وتصف المعلمي، 16 عاماً، بشيء من الحبور كيف تحولت حياتها بعد أن انتخبت عضوةً في برلمان الأطفال لدورة 2014- 2016. "صُقلت شخصيتي وصار لي بصمة في المجتمع، لقد تعلمت الكثير من خلال الدورات التدريبية، ومن ضمن ما تعلمت كيفية انتزاع حقوقنا بالطريقة السلمية".

عام 2000، بدأ اليمن تجربة إشاعة الديموقراطية في أوساط الأطفال، من خلال برلمان يُنتخب أعضاؤه (بين 12 و15 عاماً) من مدارس العاصمة صنعاء، ثم التوسع إلى مختلف محافظات البلاد، تحت إشراف المدرسة الديموقراطية، وهي منظمة غير حكومية تعمل في مجال التوعية والتثقيف بحقوق الإنسان والحقوق الديموقراطية، تحديداً حقوق الطفل.

خبرات ومناصرة الحقوق

يتخذ البرلمان (فترته عامان) من مجلس النواب اليمني بصنعاء مقراً رئيساً له، حيث يلتقي الأعضاء الصغار هناك كل ثلاثة أشهر في نقاش غني بالقضايا.

في حديث لموقع (إرفع صوتك)، يقول القسام الوسماني، 15 عاماً، وهو عضو في البرلمان عن محافظة ذمار، جنوبي العاصمة "مشاركتي كانت بهدف نشر الوعي بكافة قضايا الأطفال والبحث عن حلول لها. الأطفال في اليمن يعانون الكثير من المشاكل".

توافقه الرأي تغريد المعلمي بقولها لموقع (إرفع صوتك) "كنت أتألم عندما ألاحظ الأطفال في الشارع يعملون ويتسولون. وبعدما فزت بعضوية البرلمان أوجدنا مشروعاً كبيراً لمناصرة حقوق الطفل. البرلمان كان منبراً ساعدت من خلاله هؤلاء الأطفال".

كانت منافسة قوية

وأشارت المعلمي، وهي طالبة في الصف الثاني ثانوي، إلى أنها فازت بغالبية الأصوات (166 صوت) أثناء الانتخابات في مدرستها الأساسية بصنعاء، متفوقة على سبعة من زميلاتها. "كانت منافسة قوية. ركزت في برنامجي الانتخابي على قضايا ذات صلة بالتعليم، يجب معالجتها، كالتسرب من المدارس، وحرمان الفتيات من التعليم، كذلك عمالة الأطفال".

تمثيل الأقليات

بدءاً من العام 2012، اتسعت الفئة الممثلة في البرلمان لتشمل أيضاً الأطفال المعاقين والمهمشين وممثلين عن اللاجئين والطائفة اليهودية (كأقليات)، بحسب القائمين على التجربة.

يقول عضو البرلمان عن فئة اللاجئين الأثيوبيين، فرحان عبد الله، لموقع (إرفع صوتك) "العنصرية أكبر مشكلة يعاني منها الأطفال اللاجئين، والتسول، وعدم توفر مراكز تعليمية خاصة بهم، لذلك يواجهون مضايقات هنا. أنا دخلت البرلمان للدفاع عن حقوقهم ومناقشتها مع المسؤولين".

الحرب وانعكاساتها

انعكس الصراع السياسي المستمر منذ العام 2011، والحرب التي دخلت عامها الثاني في البلاد، بشكل سلبي على طموحات البرلمانيين الصغار، ومشاكل الأطفال.

"لم نكن قادرين على أداء عملنا أو تحقيق بصمة كبيرة على أرض الواقع، بعكس البرلمانات السابقة"، قالت تغريد.

وإلى كلامها، أضاف الوسماني "بسبب الأوضاع الراهنة غالباً لا نجد تجاوباً من المسؤولين أو الحكومة".

ﻣﻦ ﺟﻬﺘﻪ، ﻗﺎﻝ ﺟﻤﺎﻝ ﺍﻟﺸﺎﻣﻲ، ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﻤﺪﺭﺳﺔ ﺍﻟﺪﻳﻤوﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ‏(ﺍﻷﻣﺎﻧﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﺒﺮﻟﻤﺎﻥ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ‏)، ﺇﻧﻪ ﺗﻢ ﺗﺄﺟﻴﻞ ﺍﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﺒﺮﻟﻤﺎﻥ ﺍﻟﺜﺎﻣﻦ ‏(2016 - 2018‏) ﻣﻦ ﻧﻴﺴﺎﻥ/ﺃﺑﺮﻳﻞ ﺇﻟﻰ ﺃﻳﻠﻮﻝ/ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 2016، ثم الى مطلع العام القادم 2017، ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻟﺮﺍﻫﻨﺔ.

البرلمان ماله وما عليه

يسرد جمال الشامي لموقع (إرفع صوتك) الكثير من التفاصيل الإيجابية والسلبية حول البرلمان منذ تأسيسه، بينها تدخلات حزبية عند إجراء الانتخابات، تشوه العملية، ويستدرك "لكننا وضعنا شروطا قاسية في البرلمانات الأخيرة".

ويوضح "استهدف البرلمان حتى الآن ما يقارب 200 ألف طفل، كمشاركين مباشرين في التسجيل والاقتراع وغيره، فاز في الانتخابات لعضوية البرلمان 400 طفل، من إجمالي 2800 طفل ترشحوا للعضوية".

ويسترسل الشامي "جميع قضايا الطفولة تمر عبر البرلمان، ويناقشها مع الجهات المعنية والحكومة باستفاضة، وشارك البرلمان في إعفاء ووقف أحكام بإعدامات لقاصرين اتهموا بارتكاب جرائم وهم في سن الحدث (15 عاماً)"، مشيراً إلى أن تجنيد الأطفال والزواج المبكر والتعليم ثلاث قضايا مهمة جداً تحتاج إلى إعادة تشريعات ونظر.

كوتا

ويوضح الشامي أن البرلمان يستخدم نظام الكوتا (نسبة من المقاعد للفتيات). "أربعة برلمانات ترأستها فتيات، وهذه ميزة لا توجد في برلمان الكبار. يضم البرلمان الحالي 62 عضواً وعضوة، 40 في المئة من المقاعد إناث".

تجربة طموح وواقح محبط

يظل البرلمان تجربة متميزة إذا توفرت الاستمرارية ووجد الدعم الحكومي والدولي، خاصة أنه يكرس ثقافة التعايش والقبول بالآخر، ويجسد الديموقراطية، بحسب بعض أعضائه، وهو الآن بصدد الانتهاء من مراجعة تقريره الثالث حول وضع الطفولة في اليمن في ظل الحرب، لتقديمه إلى اللجنة الدولية لحقوق الطفل في جنيف.

لكن بحسب رأي الكثيرين، يظل الحديث عن تجربة كهذه، في ظل الوضع الراهن، وتوقف دور البرلمان الرسمي (مجلس النواب) بعيداً عن الواقع وتمثل شريحة معينة، تعيش في برج عاجي، ولا تمثل الواقع الحقيقي الذي يرزح تحته الناس.

*الصورة: يلتقي الأعضاء الصغار كل ثلاثة أشهر في نقاش غني بالقضايا/تنشر بإذن خاص من موقع المدرسة الديموقراطية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".