الطفلة ملاك تحضن قطتها أثناء نزوحهم من مناطق شرق الموصل/وكالة الصحافة الفرنسية
الطفلة ملاك تحضن قطتها أثناء نزوحهم من مناطق شرق الموصل/وكالة الصحافة الفرنسية

 

بغداد – بقلم دعاء يوسف:

"الناس فقدوا ثقتهم بالديموقراطية ويريدون فقط أن يعيشوا في أمان"، قال مصطفى البدري، 43 عاماً، في إشارة إلى أن العملية الديموقراطية الحالية لا تحقق طموحات الشعب وأمانيه.

لا يأتي بحكم عادل

 وأضاف مصطفى، الذي يعمل في وظيفة حكومية، "يبدو أنّ العملية الديموقراطية في البلاد ليست ضمن مصلحة الشعب ولا تأتي بحكم عادل، كما يحدث في الدول الغربية".

ويشير إلى أنّ السياسات المتبعة من قبل الكثير من المؤسسات الحكومية تهدد الديموقراطية، وخاصة تلك التي تنتهك الحريات التي ضمنها الدستور العراقي وتحاول تقيدها.

ندمت وفقدت الأمل

 أما علي الخزاعي، 37 عاماً، فيقول "لا نشعر بالأمان أو بالاستقرار بسبب الديموقراطية التي جاءت بهذه الاحزاب إلى السلطة".

ويضيف أنّه بعد العام 2003 كان يظن أن العراق سيكون من الدول الديموقراطية. وخاصة بعد أن أجرى العراقيون انتخابات. وقد شارك في التصويت، وكان سعيداً في البداية، "لكني ندمت وفقدت الأمل من التغيير بعدما رأيت خلال السنوات الاخيرة كيف أنّ الأوضاع في البلاد تسير نحو المجهول".

ويشير علي، الذي يعمل في مجال التأسيس الكهربائي، إلى أنّ الكثير من الناس قرروا ألا ينتخبوا مرشحاً في الانتخابات القادمة، "لأن الشخصيات المرشحة هي نفسها التي تحتكر السلطة، ولإيماننا بعدم إمكانيتهم إصلاح الأوضاع في البلاد".

لا أعرف شكل الديموقراطية 

 ويتساءل وسام نايف، 22 عاماً، كيف يمكن أن تكون هناك أنظمة ديموقراطية في البلاد "والذين في السلطة يحتكرون المناصب منذ أعوام ولا يريدون أن يعطوا الفرصة لغيرهم للمشاركة في السلطة؟".

ويضيف وسام، وهو طالب جامعي، "لا أعرف شكل الديموقراطية بالضبط، ولكن إذا كان شكلها كما نرى منذ العام 2003، فحتماً إننا نواجه صعوبة شديدة في فهمها".

ويرى في حديثه لموقع (إرفع صوتك) أنّ فعالية الديموقراطية تكمن في قضايا الفكر والمعتقد والرأي، وهذه القضايا بنظر وسام هي التي تدور حولها الصراعات القائمة الآن، كونها تتعارض مع التوجهات السياسية التي تحاول أن ترسيها سلطة الأحزاب الحاكمة في البلاد.

الانقسام الطائفي

 ويلفت جاسم الربيعي، 45 عاماً، إلى أنّ الناس خرجوا في احتجاجات وتظاهرات عديدة رفضوا من خلالها الكثير من القرارات التي اتخذتها الحكومة العراقية وطالبوا بالإصلاح، "ولكن بلا جدوى لأن الأحزاب السياسية التي تدير السلطة لا تتقبل الديموقراطية".

ويعتقد جاسم أنّه لا يمكن تطبيق الديموقراطية الغربية في العراق، "بسبب استشراء الفساد المالي والإداري والانقسام الطائفي بسبب الأحزاب الحاكمة".

ويتابع جاسم الذي يعمل معلماً في مدرسة ابتدائية، أنّ العوامل التي ذكرها جعلت الكثير من العراقيين يفقدون الثقة بإمكانية تحقيق العدالة التي هي من ضمن أساسيات الديموقراطية.

تقييد الحريات

"نعيش اليوم في فوضى بسبب تطبيق الأنظمة الديموقراطية التي جاءت بقضايا الفساد وفقدان العدالة الاجتماعية والفقر لتجعل البلاد تتخبط بفوضى عارمة"، قال محمد زياد، 49 عاماً.

ويرى محمد، الذي يعمل سائق سيارة أجرة ببغداد، في حديثه لموقع (إرفع صوتك) أنّ تقييد الحريات لا يمكن أن يكون ضمن الأنظمة الديموقراطية المتعبة في دول الغرب، لأن من في السلطة لا يؤمن بها من الأساس، واستخدامه له جاء لتحقيق مصالحه الذاتية فقط.

إجراء شكلي

ويصف عباس فاضل، 52 عاماً، الوضع في العراق بالقول "هناك ديموقراطية، لكنها كما يحلو لي تسميتها بالخدعة لأنها وجدت في البلاد لترعى مصالح الحكام فقط".

ويضيف أنّ الديموقراطية تستخدم كأداة لإسكات الشعب، "هم يدعوننا نحتج ونتظاهر ولكنهم لا يلبون مطالبنا أو يماطلون في تنفيذها، ويحاولون شغل الشعب بقضايا مصيرية تبعدهم عن التفكير بمدى تطبيق الديموقراطية".

ويشير عباس، الذي يعمل في وظيفة حكومية، إلى أنّ الديموقراطية المتبعة في بلاده ليست الطريق المناسب لتحقيق الحكم العادل، "كونها لا تعدو أن تكون أكثر من إجراء شكلي"، وأنّ "أنظمتها تستهدف إظهار الذين في السلطة بصورة الديموقراطيين".

*الصورة: الطفلة ملاك تحضن قطتها أثناء نزوحهم من مناطق شرق الموصل/إرفع صوتك

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".