المغرب – بقلم زينون عبد العالي:
أقرّ المغرب قبل خمس سنوات دستورا جديدا استجابة للمطالب التي نادى بها المغاربة إبان فترة ما سمي بـ”الربيع العربي” واضعا بذلك أسسا جديدة لمفهوم الديموقراطية وقوانين تطبيقها على أرض الواقع لخدمة الشعب.
يرصد موقع (إرفع صوتك) أهم ما تضمنه الدستور المغربي حول الديموقراطية، وكيف يتم تطبيقها بالمغرب انطلاقا من القوانين التي بواسطتها يتم تنزيل مقتضيات الدستور، من خلال رصد النصوص الدستورية المتعلقة بالديموقراطية، وآراء خبراء في القانون الدستوري.
الدستور والديموقراطية
ينصّ الدستور المغربي الذي صوّت عليه المغاربة بالأغلبية الساحقة من المصوتين، في 1 يوليو/تموز 2011، عبر الاستفتاء الشعبي، على أن “نظام الحكم في المغرب هو نظام ملكية دستورية، ديموقراطية برلمانية واجتماعية، والنظام الدستوري للمغرب يقوم على أساس فصل السلط وتوزنها”.
وبحسب ما تضمنته ديباجة الدستور المغربي، فإن نظام الحكم يقوم كذلك على “الديموقراطية والمواطنة التشاركية إضافة إلى الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة”، وهي مفاهيم جديدة تضمنها دستور 2011 الذي اعتبر مؤسسا لدولة الحقوق والحريات والديموقراطية.
وبحسب مراقبين، فإن الدستور المغربي الجديد يروم تجويد العمل والممارسة الديموقراطية من خلال تطبيقها على أرض الواقع، عن طريق الالتزام بالمبادئ الديموقراطية سواء من خلال العمل السياسي الذي تضطلع به الأحزاب، والعمل الحقوقي بواسطة النقابات وجمعيات المجتمع المدني.
الديموقراطية من ثوابت الأمة
وفي هذا الصدد، يقول رشيد لزرق، الباحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري في جامعة محمد الخامس بالرباط، إن الدستور المغربي أصّل للديموقراطية من خلال نصوص دستورية جوهرها اعتبار الخيار الديموقراطي أحد ثوابت الأمة المغربية، لكنه ترك الأمر الفاعلين السياسيين لتنزيلها وتنفيذها من خلال تنصيصه على قوانين تنظيمية، وتنصيصه على سلطات البرلمان ورئيس الحكومة.
“لقد كانت غاية واضع الدستور أن يجعل الديموقراطية ليست فقط نصوصا فوقية، بل إفرازا للممارسة السياسية”، يضيف لزرق في حديث لموقع (إرفع صوتك)، وهذا هو ما يفسر طبيعة التأويل الأبوي للدستور في فصول توزيع الاختصاص بين الملك ورئيس الحكومة.
غير أن الملاحظ، حسب ما يرى الباحث، هو أن تفعيل اختصاص رئيس الحكومة المنتخبة التي تمارس السلطة التنفيذية، تمّ التخلي عنها من طرف أول حكومة جاءت بعد دستور 2011، ما يطرح تساؤلات حول واقع الديموقراطية في المغرب إذا لم يتم تفعيلها من طرف المؤسسات الرسمية.
ويستدرك لزرق بالقول إن طبيعة الجهات التي قادت المرحلة التأسيسية في تنزيل نصوص الدستور ورؤيته المحافظة، وقفت عائقا أمام تكريس الانتقال الديموقراطي، لكون هاجس قوى التدين السياسي هو التواجد داخل الدولة وليس تحقيق قيم الديموقراطية.
الملكية البرلمانية
ينصّ الفصل 42 من الدستور المغربي على أن الملك رئيس الدولة، وممثلها الأسمى، ورمز وحدة الأمة، وضامن دوام الدولة واستمرارها، والحكم الأسمى بين مؤسساتها، يسهر على احترام الدستور، وحسن سير المؤسسات الدستورية، وعلى صيانة الاختيار الديموقراطي، وحقوق وحريات المواطنين والمواطنات والجماعات، وعلى احترام التعهدات الدولية للمملكة.
وفيما رفع المغاربة إبان فترة الربيع العربي مطالب الملكية البرلمانية، وأن يتم منح مزيد من السلطات للحكومة والبرلمان، جاء الدستور بما لم تشتهيه نفسية كثير ممن طالبوا بالملكية البرلمانية، حيث بقيت السلطات مركزة في يد الملك، ويبقى الحديث عن فصل السلطات مجرد حبر على ورق، حسب تعبير الباحث في القانون الدستوري محمد أمزين.
ويذهب أمزين في حديثه لموقع (إرفع صوتك) إلى أن “دستور 2011 وإن أتى بالعديد من الامتيازات والصلاحيات، إلا أن السلطة بقيت مركزة في يد رئيس الدولة (الملك)، حيث يجمع بين السلطة التنفيذية والقضائية وسلطات واسعة في المجال الديني والعسكري، إضافة إلى امكانية تدخله في السلطة التشريعية من خلال حل البرلمان”.
ويضيف المتحدث أن نظام الملكية البرلمانية لا يمكن تطبيقه في المغرب، في ظل جو سياسي موسوم بالبلقنة وغياب رؤية واضحة للعمل السياسي، وتنامي الصراعات وخطاب الإقصاء بين الفرقاء السياسيين، الشيء الذي يضرب مبادئ الممارسة الديموقراطية عرض الحائط.
ويجمع الباحثان على أن التنزيل الحقيقي للديموقراطية يكون بتطبيق القانون وخدمة الشعب، واحترام الخيار الديموقراطي التي يختاره المجتمع عن طريق المشاركة السياسية، فالحديث عن الديموقراطية لا يكفي لكي تكون ديموقراطيا، بل يجب أن تتوفر الظروف السياسية المناسبة وحرية الرأي والتعبير.
*الصورة: ديموقراطية جديدة في الدستور المغربي/Shutterstock
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659