الأردن – بقلم صالح قشطة:
يعتبر مصطلح الديموقراطية من أكثر المصطلحات التي كانت ولا تزال مثيرة للجدل في الساحة السورية منذ عقود، لا سيّما أنها كانت الهدف الذي أشعل لأجله فتيل الأزمة السورية منذ بدايتها. فما بين معارضين طالبوا بتغيير نظام الحكم لتحقيق تلك الديموقراطية، ومؤيدين للنظام، يرون في رحيله انتهاكاً لرغبتهم الديموقراطية، يصعب على المتابع الخروج بتعريف واضح المبادئ يعرّف النسخة السورية من الديموقراطية، أو يوضح على الأقل ماهية النموذج الديموقراطي الذي يرغب السوريون بتحقيقه في بلادهم مستقبلاً.
الطريق إلى الاستقرار
ترى فاطمة نسيم، وهي عشرينية سورية نزحت من بلادها إلى الأردن، أن الديموقراطية هي الطريق الأكثر أماناً نحو تحقيق الاستقرار في وطنها.
وفي حديثها إلى موقع (إرفع صوتك) توضح الشابة “يجب أن يتمتع كل المواطنين المؤهلين بالمشاركة في صنع القرار في سورية وفي تشكيل حكوماتها”.
وتوضح أن ذلك لا يكون سوى بوجود نواب منتخبين يمثلون جميع أطياف المواطنين السوريين، ليتم تقديم الخيارات والحصول على قرار نهائي في كافة القضايا التي تخص الوطن.
وبالنسبة للشابة، فإن الأحداث التي شهدتها سورية في السنوات الأخيرة تحت شعار الثورة ساهمت في تعطيل الحركة الديموقراطية في البلاد بدلاً من تحسينها، موضحةً “لو كانت الديموقراطية هي الثورة، فستكون هناك أحزاب غير قانونية، ستؤثر على مصير ومستقبل سورية ككل”.
ورغم إصرار الشابة على أن الديموقراطية ستكون أفضل الطرق نحو مستقبل أفضل في بلادها، إلّا أنها ترفض تطبيق أي نموذج غربي أو أي نموذج ديموقراطي قادم من خارج الحدود السورية، كونها تطمح لرؤية نموذج ديموقراطي يصنعه أبناء الشعب السوري على طريقتهم الخاصة، ضمن الشكل الأنسب لحياتهم، ما سيتيح لهم تطبيق القانون على كافة أفراد الشعب بشكل يساويهم في جميع الحقوق والواجبات.
التعبير عن الرأي
أما شادي عرفان، الذي اضطر لمغادرة بلاده إلى السويد سعياً للحصول على استقرارٍ أكبر في حياته ومستقبله، فيقول خلال حديثه إلى موقع (إرفع صوتك) إن الديموقراطية بالنسبة له يمكن تلخيصها بالتعبير عن الرأي بشكلٍ راقٍ، بلا شعورٍ بالخوف، وهذا ما يعتبره من أبسط المبادئ التي تحملها الديموقراطية بجميع أشكالها.
ومن وجهة نظر الشاب، فإنه من الضروري لإحلال الديموقراطية في بلاده أن تكون هناك إرادة وعمل جاد لتطوير الذات على كافة المستويات. كما يرى أن الديموقراطية “لا تبدأ سوى عندما يكون كل شخص متقبل للآخر في بلاده، وعندما يتم نزع الكراهية والتعصب وإنكار الآخر، وكل الفتن التي يشعلها أصحابها مختبئين تحت شعار الحريات”.
ويشير عرفان إلى أن الثورة السورية التي اشتعلت منذ سنوات لم تخدم أي من الأطراف في بلاده، والتي يصفها بأنها “بدأت باستنساخ ما قام به الغير من ثوراتٍ دمرت الحاضر والماضي، واتسمت بالعنف من بدايتها، على عكس ما تم الترويج له بأنها سلمية”.
ساحة لتصفية الحسابات
ويؤكد أن كل هذه العوامل ساهمت بتحويل سورية إلى ساحة لتصفية الحسابات بين الدول المتصارعة في المنطقة. وعلى حد تعبيره “كانت الفرصة لبعض الدول العربية لضرب إيران بحليفها السوري، ودعم الشذاذ الملتحية من جميع أصقاع الأرض، و ما كان على الدولة إلا أن تضرب بيدٍ من حديد في وجه جميع التدخلات السافرة وأمام سلالات الإرهابيين”.
وبحسب عرفان فلا بد من رفع الوعي لدى الشعب السوري تجاه العديد من التفاصيل من أجل تحقيق النموذج الديموقراطي الذي يطمحون له جميعاً، كونه يؤمن أن “الطريق يبدأ عندما يدرك الذين تم تضليلهم أن من يدعمهم لا يريد الخير لهم ولا لبلدهم، وعندما يدركون حقيقة أن بعض الجهات تقوم باستغلالهم كأدوات لتحقيق أهداف الحاقدين والمتشددين، وأنه لا توجد أمامهم أية حلول سوى رمي السلاح والتوجه للحوار”.
*الصورة: أطفال في أتون الحرب السورية/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659