نساء سعوديات يحتجن ضد إعدام نمر النمر في القطيف/وكالة الصحافة الفرنسية
نساء سعوديات يحتجن ضد إعدام نمر النمر في القطيف/وكالة الصحافة الفرنسية

بقلم حسن عبّاس:

يتسلل خطاب التطرّف، وما ينتج عنه من جماعات إرهابية، من نافذة الصراعات الطائفية التي تعصف بالمجتمعات العربية المتنوّعة. وسيؤدي العمل على بناء خطاب وطني جامع يتجاوز هذه الانقسامات إلى تخفيف أهم منابع الإرهاب.

في الأساس، إن “الصراعات في المنطقة العربية ليست طائفية، فهي أساساً صراعات سياسية واقتصادية واستراتيجية ولكنها تتغطّى بغطاء مذهبي”، على ما يرى الكاتب السعودي ومدير مركز آفاق للدراسات والبحوث محمد محفوظ.

وقال محفوظ لموقع (إرفع صوتك) “إن شعور أي مكوّن اجتماعي بالمظلومية وبأنه لا يأخذ حقوقه الطبيعية بوصفه مواطناً متساوياً مع غيره يؤسس لحالة من عدم القبول ولرفض الواقع القائم والبحث عن واقع بديل”.

والبحث عن واقع بديل قد يأخذ أشكالاً مختلفة قد يكون التطرّف والإرهاب أحدها.

وأكّد على ضرورة ألا يكون الانتماء الطائفي أو المذهبي أو القومي سبباً “لا للحصول على منح من السلطة ولا للحرمان من حقوق ينبغي أن يتمتّع بها المواطن”.

الحل الوطني المطلوب

ولفت محفوظ إلى أنه “حينما يغيب المشروع الوطني يُستدعى التاريخ لمنع أبناء فئة عن حقوقهم أو لتأكيد مكتسبات لأبناء فئة أخرى”.

وأضاف أن “أغلب حكومات الدول العربية، وبالأخص ذات المجتمعات المتنوّعة، تدير بلادها بلا مشروع وطني يدمج كل المواطنين في سياق موحّد ما يؤدي إلى يقظة هويات فرعية تشكّل بديلاً تاريخياً سابقاً على الدولة الحديثة”.

وبرأيه، فإن القابلية نحو التطرّف موجودة في كل المجتمعات، ولكن “في المشرق العربي هنالك طائفية غالبية تترجم طائفيتها من خلال تهميش وإقصاء الطوائف الأخرى، وهناك طائفية مغلوبة تزداد انكفاءً على ذاتها”.

وشرح أن هنالك قناعة عند البعض أن داعش هو رهانه الطبيعي لإيجاد حالة من توازن الرعب مع سلطات تهمّش السنّة، “ففي العراق يشعر البعض أن الشيعة انتصروا ولا قوّة عسكرية تقف في وجههم إلا الحركات المتطرّفة”.

ولكن التطرّف موجود في بيئات سنّية في دول لا تهمّش سلطاتها السنّة كالسعودية، فمن أين يأتون؟ عن ذلك يجيب محفوظ بأن “التهميش العابر للأوطان يدفع إلى تطرّف بعض السنّة السعوديين الذين يشعرون بأنهم بدأوا يفقدون الهيمنة والسيطرة في عموم العالم الإسلامي ويرغبون في بناء عصبية جديدة تعيد الاقتدار لهم”.

ما الحلّ؟

يرى محفوظ أن “إصلاح المشاكل في الإطار الوطني هو الحل الطبيعي فلا يمكن للشيعي العربي المراهنة على شيعة من خارج حدود وطنه ليحلّوا مشاكله، وهذا ينطبق أيضاً على السنّة”.

ويؤكد أن الحل هو ببناء “دولة مدنية محايدة تجاه عقائد المواطنين لأنه ليس من مهام أي دولة التفتيش في عقائد أي مواطن”.

ويضيف أنه “إذا تأسست دولة إيديولوجية سنّية سيشعر الشيعة بأنهم مستبعدون وبالعكس”.

ولأن الدولة المدنية، برأيه، هي الوحيدة القادرة على ضبط الصراعات الاجتماعية، يرى أن السعوديين والبحرينيين بحاجة إلى تأسيس دولة مدنية، بينما الواقع القائم في هذين البلدين هو أن الدولة الحالية جزء من انقسامات المجتمع.

وإذ يشير إلى أن الكتلة الوطنية العابرة للطوائف في الخليج ضعيفة وإلى غياب المشروع الوطني عند الأطراف المتضررة، وهم الشيعة، يعتبر محفوظ أن إشراك الشيعة السعوديين في السلطة من خلال وزراء وسفراء ووكالات وزارات سيكون “خطوة بناءة لبناء الثقة ستدفع لاحقاً إلى التفكير في حلول مستدامة.

أما في البحرين، وبما أن الواقع يختلف عن السعودية، فمطلوب “بناء شراكة متساوية بين السنّة والشيعة على المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية”.

في العراق أيضاً، هنالك صراع طائفي وهنالك ظاهرة جماعات إرهابية تهدد الاستقرار.

وقال رئيس المجموعة العراقية للدراسات الاستراتيجية واثق الهاشمي لموقع (إرفع صوتك) إن “الصراع في العراق سياسي-طائفي وليس طائفياً شعبياً. والطبقة السياسية بعد عام 2003 قدّمت تجربة مليئة بالفساد وبدأت بالتحشيد الطائفي لأنها لا تمتلك أي شيء تقدّمه للناس”، مضيفاً أن “السياسيين يستخدمون أوراق الصراع الطائفي لخدمة مصالحهم”.

وشرح الهاشمي أن “الصراع السياسي الطائفي ولّد لدينا تيارات طائفية متشددة عبّرت عنها الميليشيات والجماعات الإرهابية”.

وبرأيه، “هذا الواقع خلق امتعاضاً عند كل فئات العراقيين لأن الخاسر كان المواطن شيعياً كان أم سنّياً”.

وقال الهاشمي إن محافظة السماوة الشيعية هي من أفقر محافظات العراق، في إشارة إلى أن الحرمان ليس ظاهرة تستهدف السنّة حصراً، معتبراً أن “المواطن العراقي ذاق الأمرّين جرّاء ضعف الإدارات وانعدام كفاءتها”.

الآن، تفتح المعركة ضد الإرهاب فرصة أمام العراقيين لبناء الدولة على أسس جديدة، ومن أهم الخطوات التي ينبغي اتخاذها، برأي الهاشمي، إلغاء هيئة المساءلة والعدالة وتحويل قضايا المنتمين سابقاً إلى حزب البعث إلى القضاء ليحاكم مَن ارتكب جرائم.

كما ينبغي إعادة إعمار المدن وتحقيق المصالحة الوطنية الحقيقية لأن المليارات التي صُرفت على ملف المصالحة الوطنية “لم تؤدِّ إلى نتيجة”.

والأهم، برأيه، “تحقيق العدالة الاجتماعية. وهذا كفيل بإزالة شعور أبناء بعض المحافظات بالحرمان”.

*الصورة: امرأة بحرينية تحمل رسما للشيخ نمر النمر خلال تظاهرة في قرية جدحفص غرب المنامة/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".