دعوة لتغليب المواطنة على الطائفية ضمن لافتة تحملها سيدة عراقية/وكالة الصحافة الفرنسية
دعوة لتغليب المواطنة على الطائفية ضمن لافتة تحملها سيدة عراقية/وكالة الصحافة الفرنسية

بغداد – بقلم دعاء يوسف:

مرّ العراق خلال العقدين الأخيرين تقريباً بتغيرات جذرية وأحداث أمنية وسياسية خلّفت مآزق عدّة في البلاد وحيرة حول كيفية بناء دولة تحتضن جميع مواطنيها وحول شكل الحكم الذي يريده الشعب.

لكن المحلل السياسي عباس خلف لا يرى وجود ما يبرهن أنّ العراقيين يريدون الديموقراطية “ما دام أغلبهم يصرخ بأن العراق لا ينفع معه إلا حكماً رئاسياً أو دكتاتورياً، ليتاح للناس أن يعيشوا بأمان من تدخل الدول المجاورة ومخططاتهم التوسعية”.

تقبل الأنظمة الاستبدادية

 ويستدرك المحلل في حديثه لموقع (إرفع صوتك) ليقول “العراقيون لا يريدون أن يعيشوا في ظل أنظمة ديموقراطية دموية طائفية فاسدة”.

ويشير إلى أنك لو ألقيت نظرة على رأي البسطاء من الناس، ستجد أن  بعضهم يفضل الأنظمة الدكتاتورية “لأنها تفرض قوانين صارمة لا تدع مجالاً لعدم تنفيذها”.

ويعتقد عباس أنّ ما يحدث الآن وما وصل إليه الناس من قناعات عن أشكال الديموقراطية وتبعاتها “ما هي إلا مخططات تهيئ عقلية الناس لتقبل الأنظمة الاستبدادية”.

انقسامات وصراعات طائفية

 أما الخبير الاجتماعي زهير الموسوي، فيقول في حديثه لموقع (إرفع صوتك) إنّ المواطنين فقدوا الثقة في قدرة الأنظمة الديموقراطية على حل المشاكل الأمنية والاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها العراق.

ويضيف أن العراق بحاجة إلى أنظمة ديموقراطية خاصة تتناسب مع وضعه، “لأن نجاح هذه الأنظمة يحتاج لدولة تحترم تنوع مكوناتها الفكرية والدينية والعرقية”.

ويعتقد زهير أنه من غير المرجح أن تنجح الديموقراطية في بلد يشهد انقسامات وصراعات طائفية مبنية على أسس سياسية. “السلطة تهيمن عليها العشائر والفصائل المسلحة التي ترتبط بعضها بأجندات خارجية، وهذا الأمر لا يدع مجالا للشك بأنّه  يتعين على المواطن الانصياع لنفوذ هؤلاء في ظل انعدام سلطة الدولة والأمن”.

ويضيف الرجل أنّ السلطة العشائرية في الوقت الراهن تفرض قيوداً على المناطق أو المدن التي تسيطر عليها ولا يمكن الاحتجاج أو الرفض لآن لها نفوذا قوياً، “لذا فجميع الأنظمة الديموقراطية في البلاد ضعيفة وشكلية لأنها لا تحظى بتنفيذ قانوني”.

مشاركة الجميع في السلطة

 ويبدي الأكاديمي في العلوم السياسية د. محمد لازم الربيعي قلقه حيال شكل الديموقراطية التي يطمح إليها العراق. ويقول لموقع (إرفع صوتك) إنّ هناك صعوبات كبيرة في فهم شكل الديموقراطية التي يطمح إليها الشعب العراقي بسبب عدم استتباب الأمن الذي عزز الخلافات السياسية والصراعات الطائفية والثارات الانتقامية بين مختلف مكونات المجتمع العراقي.

ويضيف الربيعي “غالباً ما يربط العراقيون الديموقراطية بمشاركة الجميع في السلطة واتخاذ القرار. فإذا ما مُنحت جماعة أو حزب سياسي دون غيره سلطات واسعة، فإن ذلك يعني حكماً استبدادياً أو دكتاتورياً”.

أدى مثل هذا الوضع في العراق إلى صراعات بين الأحزاب المشاركة في الحكم وتفوق الجهة أو الحزب الذي يملك المال لتمويل استمراره، كما يتابع، مما رجح السير باتجاه الفوضى.

الديموقراطيات الغربية

“من العسير تبني أي شكل من أشكال الديموقراطية الغربية بينما البلاد تعيش مثل هذا التخبط في اتخاذ القرارات والفوضى في تنفيذ القانون”، يقول الخبير في الشأن السياسي قاسم الشمري.

ويضيف أنّ العراقيين يطالبون، على غرار أغلب الديموقراطيات الغربية، بترجمة المفاهيم الديموقراطية على أرض الواقع، وأبرزها الاستقرار الأمني والتخلص من الفساد الحكومي وإنهاء البطالة.

ويتابع قاسم في حديثه لموقع (إرفع صوتك) أن فكرة وجود الديموقراطية في البلاد “ستبقى مرهونة عند العراقيين بمدى تحسن الأوضاع الأمنية والاقتصادية والاجتماعية التي قد شكلت هاجساً مرعباً للمواطنين منذ أحداث غزو العراق سنة 2003”.

*الصورة: “غالباً ما يربط العراقيون الديموقراطية بمشاركة الجميع في السلطة واتخاذ القرار”/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".