مصر – بقلم الجندي داع الإنصاف:
من أجل الديموقراطية قام المصريون بثورتين خلال ثلاثة أعوام فقط (2011 – 2013). ولم ترفع كلتا الثورتين شعار الديموقراطية، لكنهما رفعتا شعارات تتضمن المفاهيم المؤيدة إليها. فما الحرية والعيش والكرامة الإنسانية، وما التخلص من أنظمة قمعية وديكتاتورية إلا علامات على طريق ينتهي إلى الديموقراطية.
فماذا عن رؤية المصريين عن الديموقراطية وما تحقق منها بعد الثورتين، وهل يرون أن في الديموقراطية الطريق إلى حكم عادل، وهل يمكن تطبيق الديموقراطية الغربية في مصر.. هذه كلها تساؤلات طرحها موقع (إرفع صوتك) على عدد من المواطنين ورصدنا إجاباتهم في السطور القادمة.
شروط الديموقراطية
بحسب محمود أبو العينين، الموظف في إحدى الدوائر الحكومية، فإن هناك شروطاً يجب توافرها في أي مجتمع قبل الحديث عن الديموقراطية وهي تلك المتعلقة بمستويات التعليم والوعي والحالة الاقتصادية والتوافق الاجتماعي “وكلها في مصر تحتاج إلى مزيد من الجهد والتطوير لتتوافق مع المجتمعات الحديثة التي تدرك أن الديموقراطية هي تلك العلاقة القائمة بين الحقوق والواجبات”.
ويشير أبو العينين في حديثه لموقع (إرفع صوتك) إلى أنّه في مصر تم اختصار مفهوم الديموقراطية في حرية التعبير فقط، “وحين سقطت القيود بعد الثورة تم اختزال هذه الحرية إلى الحقوق دون الواجبات فتحول الأمر كله إلى حالة من الفوضى المدمرة التي لا بد من لجمها وكبح جماحها بالقوانين”.
الديموقراطية في الدستور
يعالج الدستور المصري قضية الديموقراطية بشكل وافٍ وجيد في باب كامل تحت اسم (الحقوق والحريات والواجبات العامة) وذلك وفقاً لآراء الكثيرين من الخبراء والمتابعين، فالمادة 51 تنص على أن الكرامة حق لكل إنسان لا يجوز المساس بها، وكذلك المواد أرقام 62، 64، 65، 67، 70، 73، 74 والتي تتحدث بالترتيب عن حرية التنقل والإقامة والهجرة، وحرية الاعتقاد، وحرية الفكر والرأي، وحرية الإبداع الفني والأدبي، وحرية الصحافة والنشر، وحق المواطنين في تنظيم الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات وجميع أشكال الاحتجاجات السلمية، وأيضاً حق تكوين الأحزاب السياسية بالإخطار.
وكل هذه الحقوق والحريات التي كفلها الدستور للمصريين إذا ما طبقت وتم الالتزام بها فإنها كفيلة بتحقيق الديموقراطية لتكون ملامسة للواقع.
العبرة في احترام النص
وبحسب الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، فإن الدستور المصري الحالي هو واحد من أفضل الدساتير على الرغم من وجود تحفظات على بعض مواده “لكن العبرة ليست في النص بل في احترامه”.
ويشير نافعة في حديثه لموقع (إرفع صوتك) إلى أنّ عدداً كبير من مواد الدستور منتهكة وخاصة فيما يتعلق بالحريات الفردية والأمور المتعلقة بالممارسات السياسية، “فالدولة لديها دستور محترم لكن مؤسساتها لا تحترمه، وبالتالي ليست هناك حياة ديموقراطية في مصر، فعندما نتحدث عن الديموقراطية نتحدث عن دولة القانون وحقوق الإنسان ومجتمع مدني قوي وفصل بين السلطات وكل هذا غير موجود”.
ماذا تحقق؟
سامح حسانين، مندوب مبيعات بإحدى الشركات الخاصة، يرى أن قدراً من الديموقراطية قد تحقق بعد ثورة 2011 “وإن كان لا يتناسب مع أمنياتنا وطموحاتنا، بدليل أن الجميع يستطيع أن يتحدث بما يريد سواء في الشارع أو من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وإن كان هذا لا يمنع أننا بحاجة لمزيد من الديموقراطية عبر تعديل قانون التظاهر”.
ويتابع سامح في حديثه لموقع (إرفع صوتك) أن الديموقراطية الحقيقية ليست أن يحكم الشعب نفسه وإنما يكون ذلك من خلال أجهزة الدولة سواء بوجود حكومة ترعى مصالح الشعب أو بانتخاب مجلس نيابي يعبر عن رغبات الناس ومطالبهم، “وأعتقد أن هذا هو النموذج المطبق في الغرب”.
من جهتها، ترجع رضوى سليمان الموظفة بوزارة العدل أسباب غياب الديموقراطية في مصر لسببين، “الأول عدم تنفيذ الرؤساء الذين يتوالون على الحكم لوعودهم، والثاني أن نسبة كبيرة من الشعب يستخدم الديموقراطية بشكل خاطئ بسب المخالف وقذفه وليست لديه ثقافة احترام الرأي الآخر”.
وبحسب إسراء السيد التي تخرجت العام الماضي من كلية العلوم فإن الديموقراطية في مصر ليست على المستوى المطلوب. وتقول الشابة في حديثها لموقع (إرفع صوتك) “كنا نطمح إلى مساحة أكبر من الحرية والتعبير عن الرأي وصولاً إلى الديموقراطية الحقيقية كتلك الموجودة في دول الغرب المتقدم، ولكن الأمر عندنا سيأخذ وقتاً أطول حتى تكون الديموقراطية ثقافة لدى المجتمع يستطيع ممارستها في الحياة اليومية”.
مراحلها الأولى
الديموقراطية في مصر، بحسب ما يقول الدكتور صبحي عسيلة، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، لموقع (إرفع صوتك)، ما زالت في مراحلها الأولى، وهي تواجه تحديات كبيرة الآن أهمها تلك المتعلقة بالأمن القومي.
ويشير عسيلة إلى أن “مثل هذه التحديات تعلو نبرتها ويوجد معها إهمال الملفات المتصلة بالديموقراطية. ومن هنا فمصر تبدأ مرحلة التحول الديموقراطي للأسف في ظل ظروف غير مواتية”.
*الصورة: “تبدأ مرحلة التحول الديموقراطي للأسف في ظل ظروف غير مواتية”/Shutterstock
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659