“تبدأ مرحلة التحول الديموقراطي للأسف في ظل ظروف غير مواتية”/Shutterstock
“تبدأ مرحلة التحول الديموقراطي للأسف في ظل ظروف غير مواتية”/Shutterstock

مصر – بقلم الجندي داع الإنصاف:

من أجل الديموقراطية قام المصريون بثورتين خلال ثلاثة أعوام فقط (2011 – 2013). ولم ترفع كلتا الثورتين شعار الديموقراطية، لكنهما رفعتا شعارات تتضمن المفاهيم المؤيدة إليها. فما الحرية والعيش والكرامة الإنسانية، وما التخلص من أنظمة قمعية وديكتاتورية إلا علامات على طريق ينتهي إلى الديموقراطية.

فماذا عن رؤية المصريين عن الديموقراطية وما تحقق منها بعد الثورتين، وهل يرون أن في الديموقراطية الطريق إلى حكم عادل، وهل يمكن تطبيق الديموقراطية الغربية في مصر.. هذه كلها تساؤلات طرحها موقع (إرفع صوتك) على عدد من المواطنين ورصدنا إجاباتهم في السطور القادمة.

شروط الديموقراطية

بحسب محمود أبو العينين، الموظف في إحدى الدوائر الحكومية، فإن هناك شروطاً يجب توافرها في أي مجتمع قبل الحديث عن الديموقراطية وهي تلك المتعلقة بمستويات التعليم والوعي والحالة الاقتصادية والتوافق الاجتماعي “وكلها في مصر تحتاج إلى مزيد من الجهد والتطوير لتتوافق مع المجتمعات الحديثة التي تدرك أن الديموقراطية هي تلك العلاقة القائمة بين الحقوق والواجبات”.

ويشير أبو العينين في حديثه لموقع (إرفع صوتك) إلى أنّه في مصر تم اختصار مفهوم الديموقراطية في حرية التعبير فقط، “وحين سقطت القيود بعد الثورة تم اختزال هذه الحرية إلى الحقوق دون الواجبات فتحول الأمر كله إلى حالة من الفوضى المدمرة التي لا بد من لجمها وكبح جماحها بالقوانين”.

الديموقراطية في الدستور

يعالج الدستور المصري قضية الديموقراطية بشكل وافٍ وجيد في باب كامل تحت اسم (الحقوق والحريات والواجبات العامة) وذلك وفقاً لآراء الكثيرين من الخبراء والمتابعين، فالمادة 51 تنص على أن الكرامة حق لكل إنسان لا يجوز المساس بها، وكذلك المواد أرقام 62، 64، 65، 67، 70، 73، 74 والتي تتحدث بالترتيب عن حرية التنقل والإقامة والهجرة، وحرية الاعتقاد، وحرية الفكر والرأي، وحرية الإبداع الفني والأدبي، وحرية الصحافة والنشر، وحق المواطنين في تنظيم الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات وجميع أشكال الاحتجاجات السلمية، وأيضاً حق تكوين الأحزاب السياسية بالإخطار.

وكل هذه الحقوق والحريات التي كفلها الدستور للمصريين إذا ما طبقت وتم الالتزام بها فإنها كفيلة بتحقيق الديموقراطية لتكون ملامسة للواقع.

العبرة في احترام النص

وبحسب الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، فإن الدستور المصري الحالي هو واحد من أفضل الدساتير على الرغم من وجود تحفظات على بعض مواده “لكن العبرة ليست في النص بل في احترامه”.

ويشير نافعة في حديثه لموقع (إرفع صوتك) إلى أنّ عدداً كبير من مواد الدستور منتهكة وخاصة فيما يتعلق بالحريات الفردية والأمور المتعلقة بالممارسات السياسية، “فالدولة لديها دستور محترم لكن مؤسساتها لا تحترمه، وبالتالي ليست هناك حياة ديموقراطية في مصر، فعندما نتحدث عن الديموقراطية نتحدث عن دولة القانون وحقوق الإنسان ومجتمع مدني قوي وفصل بين السلطات وكل هذا غير موجود”.

ماذا تحقق؟

سامح حسانين، مندوب مبيعات بإحدى الشركات الخاصة، يرى أن قدراً من الديموقراطية قد تحقق بعد ثورة 2011 “وإن كان لا يتناسب مع أمنياتنا وطموحاتنا، بدليل أن الجميع يستطيع أن يتحدث بما يريد سواء في الشارع أو من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وإن كان هذا لا يمنع أننا بحاجة لمزيد من الديموقراطية عبر تعديل قانون التظاهر”.

ويتابع سامح في حديثه لموقع (إرفع صوتك) أن الديموقراطية الحقيقية ليست أن يحكم الشعب نفسه وإنما يكون ذلك من خلال أجهزة الدولة سواء بوجود حكومة ترعى مصالح الشعب أو بانتخاب مجلس نيابي يعبر عن رغبات الناس ومطالبهم، “وأعتقد أن هذا هو النموذج المطبق في الغرب”.

من جهتها، ترجع رضوى سليمان الموظفة بوزارة العدل أسباب غياب الديموقراطية في مصر لسببين، “الأول عدم تنفيذ الرؤساء الذين يتوالون على الحكم لوعودهم، والثاني أن نسبة كبيرة من الشعب يستخدم الديموقراطية بشكل خاطئ بسب المخالف وقذفه وليست لديه ثقافة احترام الرأي الآخر”.

وبحسب إسراء السيد التي تخرجت العام الماضي من كلية العلوم فإن الديموقراطية في مصر ليست على المستوى المطلوب. وتقول الشابة في حديثها لموقع (إرفع صوتك) “كنا نطمح إلى مساحة أكبر من الحرية والتعبير عن الرأي وصولاً إلى الديموقراطية الحقيقية كتلك الموجودة في دول الغرب المتقدم، ولكن الأمر عندنا سيأخذ وقتاً أطول حتى تكون الديموقراطية ثقافة لدى المجتمع يستطيع ممارستها في الحياة اليومية”.

مراحلها الأولى   

الديموقراطية في مصر، بحسب ما يقول الدكتور صبحي عسيلة، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، لموقع (إرفع صوتك)، ما زالت في مراحلها الأولى، وهي تواجه تحديات كبيرة الآن أهمها تلك المتعلقة بالأمن القومي.

ويشير عسيلة إلى أن “مثل هذه التحديات تعلو نبرتها ويوجد معها إهمال الملفات المتصلة بالديموقراطية. ومن هنا فمصر تبدأ مرحلة التحول الديموقراطي للأسف في ظل ظروف غير مواتية”.

*الصورة: “تبدأ مرحلة التحول الديموقراطي للأسف في ظل ظروف غير مواتية”/Shutterstock

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659



المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".