بقلم إلسي مِلكونيان:
كان للصراع السياسي بين الرئيس عبد ربه منصور هادي، المدعوم بالتحالف بقيادة السعودية، والرئيس السابق علي عبد الله صالح وحلفائه من الحوثيين، وبخاصة خلال العامين الماضيين (والذي يتخذ من اختلاف الطوائف ذريعة له) تبعات سيئة على مواطني هذا البلد، إذ تقدر الأمم المتحدة أن النزاع الدائر أدى إلى مقتل آلاف الأشخاص وتشريد حوالي ثلاثة ملايين شخص.
وساعدت الصراعات السياسية والعسكرية في اليمن على تغلغل الجماعات الإرهابية، كفرع القاعدة وتنظيم داعش، والذين نفذوا اعتداءات إرهابية بحق المواطنين اليمنيين على اختلاف طوائفهم.
ورغم هذه الظروف الصعبة، ثمة تجمعات شبابية في اليمن ما زالت تعمل في قضايا الثقافة والتعليم وإدارة النزاع وغيرها بشكل حيادي ومستقل. وتهدف لمساعدة جميع الناس بعيداً عن التطرف الطائفي الأعمى. فهل تستطيع التأثير في المجتمع بشكل أكبر وأكثر فاعلية؟ وما هي فرصها بالنجاح؟
محاولات المنظمات الشبابية
ومن بين هذه المنظمات، تنشط “منظمة مواطنة لحقوق الإنسان” التي تعمل على وقف انتهاكات حقوق الإنسان وإنصاف الضحايا بغض النظر عن الطائفة. ويعمل لصالح المنظمة متطوعون مستقلون، لا يحكم عملهم الانتماء الطائفي.
ويشرح عبد الرشيد الفقيه، المدير التنفيذي لمنظمة مواطنة في صنعاء، في حديث لموقع (إرفع صوتك)، دوافع نهج هذه السياسة قائلاً “نحرص على اختيار كوادر مستقلة لا تنتمي لأي طرف من أطراف الصراع السياسي أو الانتماءات المذهبية أو المناطقية. وذلك لأن عملنا حقوقي متعلق بتحقيقات وأبحاث تفرض أقصى درجات الاستقلالية والحياد”.
ويوضح الفقيه أن منظمته لا تمثل حالة استثنائية، بل إنها واحدة من تجمعات شبابية عديدة في اليمن تعمل بحيادية في مجتمع ما تزال فيه الطائفية غير متجذرة بشكل كبير، إلا إن كانوا يقاتلون في صفوف الأطراف المتصارعة. وقد لا تكون هذه الصورة واضحة للعالم الخارجي لأن المؤسسات الإعلامية اليمنية باتت تعمل لحساب القوى السياسية المتنازعة، حسب تعبير الفقيه.
ويوضح الناشط اليمني أيضاً أن “مواطنة” وغيرها من المنظمات عاجزة عن توسيع رقعة عملها لتوعية الشباب ومنعهم من الانضمام للجماعات الإرهابية أو الانخراط في الصراعات الطائفية وذلك بسبب “نقص التمويل والكفاءة والمهنية، مما تحد من فاعلية تأثير هذه المنظمات في المجتمع”، حسب الفقيه.
قد يكون الحل بيد الشباب
وينتمي مواطنو اليمن إلى طائفتين رئيستين: السنة في الجنوب والشرق والشيعة الزيدية في الشمال. لكن الاختلاف الطائفي لم يكن سبباً ليحد من الاختلاط والتعايش بين المواطنين على مدى السنين حتى أعقاب ثورات الربيع العربي، حيث عزز بعض السياسيين الطائفية في المجتمع واتخذوا من انتماءات الناس ذريعة لتعزيز نفوذهم.
وبينما تحاول منظمات المجتمع المدني مثل “مواطنة” المضي قدماً في تنفيذ مشاريعها، يبقى العامل المساعد على زيادة فاعلية ما تقوم به هذه المنظمات هو انتشال البلاد من حالة الفوضى الأمنية والعودة إلى حالة الاستقرار.
يقول عبد الباري طاهر، النقيب السابق للصحافيين في حديث لموقع (إرفع صوتك) “سبّب النزاع السياسي ضياع حريات المواطنين ومصادرة حرية الرأي والتعبير وغياب الديموقراطية” وبينما تحاول المنظمات الشبابية العمل بالاتجاه المعاكس، أي توعية الشبان إلى نتائج الإرهاب والحرب وتوسيع رقعة عملها، “يبقى تأثيرها منعدماً” ليس بسبب التمويل وإنما “بسبب النزاع السياسي وتدهور الأمن والاستقرار الذي يمنع هذه المنظمات من مواصلة عملها”، حسب طاهر.
ولمواجهة الوضع، يرى طاهر ضرورة خلق قوة شبابية تضغط على الأطراف السياسية المتنازعة من أجل إنهاء الحرب بدل الجلوس في مقاعد المتفرجين انتظاراً للأمم المتحدة والقوى الخارجية لإيجاد مخرج أو تسوية للصراع السياسي الذي سينهي بدوره وجود الإرهاب في البلاد.
يقول طاهر “يجب أن ندعو لإنهاء الحرب. والبداية يجب أن تكون بتشكيل قوة شبابية تستغل ما هو متاح من مواقع التواصل الاجتماعي على اختلاف أنواعها تدعو لضغط إعلامي واسع، لإنهاء الحرب ولكي يتمكن الشباب من استعادة الحياة المدنية”.
*الصورة: ورشة عمل لمنظمة “مواطنة” لمناصرة حقوق الإنسان/تنشر بتصريح خاص لموقع إرفع صوتك
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659