بقلم إلسي مِلكونيان:
محنة كفاح شاهين مع ابنتها خلق في داخلها حافزاً لمساعدة الآخرين إنسانياً ومهنياً. وقد لا توصف محنة السيدة الفلسطينية على أنها محنة فعلاً، إن كانت تعيش في مكان آخر من العالم. ولكن في مدينتها سلفيت، الواقعة جنوب غرب نابلس في الضفة الغربية، والتي تحتوي على أكبر مستعمرة اسرائيلية في الضفة، يبدو أمر العناية بابنتها التي تعاني من متلازمة داون، أمراً غاية في الصعوبة.
فلا تحتوي هذه المدينة، التي يعمل أغلب أهلها بالزراعة، على مراكز صحية وتأهيلية للعناية بأطفال مثل ميسم، ابنة كفاح. فلم يكن أمامها سوى السفر إلى أماكن أخرى كرام الله أو حتى إلى عمان بحثاً عن اختصاصيين لمساعدة ابنتها.
وبعد أن أنهكتها مشقة السفر مادياً ومعنوياً، قررت كفاح تأسيس مركز للعناية بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، وذلك بالاعتماد على الكوادر الوطنية الموجودة في سلفيت ومنحهم عملاً للعناية بالأطفال وأهاليهم على حد سواء.
قصة جمعية "هذا حقي لذوي الإعاقة"
بدأت كفاح بالتعاون مع 19 سيدة أخرى في بداية عام 2013 لنشر الوعي حول وضع الأطفال المصابين بمتلازمة داون في المدارس وفي المجتمعات لكي لا يسيئوا معاملة الأطفال المصابين بهذا المرض.
وبعد ذلك نجحت بإرساء دعائم مركز "هذا حقي لذوي الإعاقة" في شهر، كانون الأول/ ديسمبر 2013، بدعم مادي من منظمات عالمية مثل "ورلد فيجن" وبلدية سلفيت وغرفة تجارة سلفيت وميسوري الحال، لتأسيس المركز المتخصص الأول من نوعه في المدينة على هيئة جمعية مسجلة في وزارة الداخلية الفلسطينية. وتقوم الجمعية بعلاج الأطفال المصابين بمتلازمة داون، إضافة إلى أمراض التوحد والشلل الدماغي وصعوبات التعلم.
وبعد حوالي عام ونصف من العمل الدؤوب، وصل عدد الأطفال المستفيدين من خدمات الجمعية إلى 80 طفلاً، وهذا أمر لم يتحقق بسهولة.
تقول كفاح شاهين في مداخلة لموقع (إرفع صوتك) "واجهت تحديات كثيرة تتعلق بقلة الوعي حول قدرات الأطفال، وقلة التمويل، والكوادر المتخصصة في هذا المجال، إضافة إلى صعوبة تنقل أهالي الأطفال لإحضارهم من بيوتهم إلينا بسبب المستوطنات، إلى جانب الإحباط الذي كانوا يعانون منه ". وتضيف "ولكنني أتجاوز كل هذه المصاعب بالتدريج بسبب إيماني بالقدرات التي يملكها هؤلاء الأطفال ورغبتي في أن يصلوا إلى أقصى درجات الاعتماد على النفس وأن لا يكونوا عبئاً على مجتمعهم".
الفائدة للمدرسات وللمجتمع كله
ومنحت الجمعية العمل لأربعة مدرسات مختصات بعلم الاجتماع. وتحكي فلورنس مرّار، إحدى المدرسات لموقع (إرفع صوتك) أن عملها في الجمعية هو الأول في حياتها المهنية، بعد أن قضت سبع سنوات في المنزل، كانت خلالها عاطلة عن العمل بسبب قلة الفرص والشواغر التي لم تنجح في إيجادها بعد أن تخرجت من الكلية.
وتشرح المدرسة أن الراتب الذي تتقاضاه ضئيل جداً، لا يوازي مستوى المعيشة في سلفيت. تقول فلورنس "أعمل بدوام ساعات وليس براتب شهري وما أتقاضاه قليل فعلاً، لا يصل إلى الحد الأدنى من الأجور في مدينتنا والذي يبلغ حوالي 400 دولار أميركي، بينما قد تصل مصاريف عائلة مكونة من ست أشخاص إلى 900 دولار في الشهر، وهذا يدفع رب الأسرة إلى ممارسة أكثر من عمل واحد في الوقت ذاته".
ولكن بالمقابل هناك مردود معنوي تحصل عليه من خلال رؤية نتيجة عملها مع الأطفال الذين باتت حالتهم تتحسن من خلال الدروس في الجمعية. كما يشعرها الأهالي الذين تعمل معهم أن المجتمع بحاجة إليها وإلى كل خريجي كلية التربية لمساعدة أولادهم.
ومن الأمهات اللواتي يرتدن الجمعية، أم سلام، وهي تشيد بعمل المدرسات في الجمعية قائلة لموقع (إرفع صوتك) "تعلمت بفضل المدرسات كيفية التعامل مع ابنتي التي تحسنت كثيراً بفضلهن. الدروس الذي تقدم للأهالي لها منفعة كبيرة، خاصة وأن غالبنا يعاني من طريقة تعامل المجتمع مع أطفالنا".
وعلى الرغم من حاجة المجتمع إلى اختصاصيات كفلورانس ، فهي ما تزال ترى أنه على الشابات اللواتي يسعين إلى متابعة دراستهن الجامعية في سلفيت، أن لا يصرفن جهداً في دراسة قد لا تمكنهن من الحصول على عمل مناسب بسبب ظروف المدينة الراهنة. فدراسة سوق العمل أمر مهم للحصول على عمل براتب جيد وبوقت سريع.
ساهم في إعداد هذا التقرير الزميلة رحمة حجة، مسؤولة التواصل الاجتماعي في موقع إرفع صوتك.
الصورة: تعنى جمعية هذا حقي لذوي الإعاقة بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة/عن صفحة الجمعية على فيسبوك
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659