تعنى جمعية هذا حقي لذوي الإعاقة بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة/عن صفحة الجمعية على فيسبوك
تعنى جمعية هذا حقي لذوي الإعاقة بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة/عن صفحة الجمعية على فيسبوك

بقلم إلسي مِلكونيان:

محنة كفاح شاهين مع ابنتها خلق في داخلها حافزاً لمساعدة الآخرين إنسانياً ومهنياً. وقد لا توصف محنة السيدة الفلسطينية على أنها محنة فعلاً، إن كانت تعيش في مكان آخر من العالم. ولكن في مدينتها سلفيت، الواقعة جنوب غرب نابلس في الضفة الغربية، والتي تحتوي على أكبر مستعمرة اسرائيلية في الضفة، يبدو أمر العناية بابنتها التي تعاني من متلازمة داون، أمراً غاية في الصعوبة.

فلا تحتوي هذه المدينة، التي يعمل أغلب أهلها بالزراعة، على مراكز صحية وتأهيلية للعناية بأطفال مثل ميسم، ابنة كفاح. فلم يكن أمامها سوى السفر إلى أماكن أخرى كرام الله أو حتى إلى عمان بحثاً عن اختصاصيين لمساعدة ابنتها.

وبعد أن أنهكتها مشقة السفر مادياً ومعنوياً، قررت كفاح تأسيس مركز للعناية بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، وذلك بالاعتماد على الكوادر الوطنية الموجودة في سلفيت ومنحهم عملاً للعناية بالأطفال وأهاليهم على حد سواء.

قصة جمعية "هذا حقي لذوي الإعاقة"

بدأت كفاح بالتعاون مع 19 سيدة أخرى في بداية عام 2013 لنشر الوعي حول وضع الأطفال المصابين بمتلازمة داون في المدارس وفي المجتمعات لكي لا يسيئوا معاملة الأطفال المصابين بهذا المرض.

وبعد ذلك نجحت بإرساء دعائم مركز "هذا حقي لذوي الإعاقة" في شهر، كانون الأول/ ديسمبر 2013، بدعم مادي من منظمات عالمية مثل "ورلد فيجن" وبلدية سلفيت وغرفة تجارة سلفيت وميسوري الحال، لتأسيس المركز المتخصص الأول من نوعه في المدينة على هيئة جمعية مسجلة في وزارة الداخلية الفلسطينية. وتقوم الجمعية بعلاج الأطفال المصابين بمتلازمة داون، إضافة إلى أمراض التوحد والشلل الدماغي وصعوبات التعلم.

 وبعد حوالي عام ونصف من العمل الدؤوب، وصل عدد الأطفال المستفيدين من خدمات الجمعية إلى 80 طفلاً، وهذا أمر لم يتحقق بسهولة.

تقول كفاح شاهين في مداخلة لموقع (إرفع صوتك) "واجهت تحديات كثيرة تتعلق بقلة الوعي حول قدرات الأطفال، وقلة التمويل، والكوادر المتخصصة في هذا المجال، إضافة إلى صعوبة تنقل أهالي الأطفال لإحضارهم من بيوتهم إلينا بسبب المستوطنات، إلى جانب الإحباط الذي كانوا يعانون منه ". وتضيف "ولكنني أتجاوز كل هذه المصاعب بالتدريج بسبب إيماني بالقدرات التي يملكها هؤلاء الأطفال ورغبتي في أن يصلوا إلى أقصى درجات الاعتماد على النفس وأن لا يكونوا عبئاً على مجتمعهم".

الفائدة للمدرسات وللمجتمع كله

ومنحت الجمعية العمل لأربعة مدرسات مختصات بعلم الاجتماع. وتحكي فلورنس مرّار، إحدى المدرسات لموقع (إرفع صوتك) أن عملها في الجمعية هو الأول في حياتها المهنية، بعد أن قضت سبع سنوات في المنزل، كانت خلالها عاطلة عن العمل بسبب قلة الفرص والشواغر التي لم تنجح في إيجادها بعد أن تخرجت من الكلية.

وتشرح المدرسة أن الراتب الذي تتقاضاه ضئيل جداً، لا يوازي مستوى المعيشة في سلفيت. تقول فلورنس "أعمل بدوام ساعات وليس براتب شهري وما أتقاضاه قليل فعلاً، لا يصل إلى الحد الأدنى من الأجور في مدينتنا والذي يبلغ حوالي 400 دولار أميركي، بينما قد تصل مصاريف عائلة مكونة من ست أشخاص إلى 900 دولار في الشهر، وهذا يدفع رب الأسرة إلى ممارسة أكثر من عمل واحد في الوقت ذاته".

ولكن بالمقابل هناك مردود معنوي تحصل عليه من خلال رؤية نتيجة عملها مع الأطفال الذين باتت حالتهم تتحسن من خلال الدروس في الجمعية. كما يشعرها الأهالي الذين تعمل معهم أن المجتمع بحاجة إليها وإلى كل خريجي كلية التربية لمساعدة أولادهم.

ومن الأمهات اللواتي يرتدن الجمعية، أم سلام، وهي تشيد بعمل المدرسات في الجمعية قائلة لموقع (إرفع صوتك) "تعلمت بفضل المدرسات كيفية التعامل مع ابنتي التي تحسنت كثيراً بفضلهن. الدروس الذي تقدم للأهالي لها منفعة كبيرة، خاصة وأن غالبنا يعاني من طريقة تعامل المجتمع مع أطفالنا".

وعلى الرغم من حاجة المجتمع إلى اختصاصيات كفلورانس ، فهي ما تزال ترى أنه على الشابات اللواتي يسعين إلى متابعة دراستهن الجامعية في سلفيت، أن لا يصرفن جهداً في دراسة قد لا تمكنهن من الحصول على عمل مناسب بسبب ظروف المدينة الراهنة. فدراسة سوق العمل أمر مهم للحصول على عمل براتب جيد وبوقت سريع.

ساهم في إعداد هذا التقرير الزميلة رحمة حجة، مسؤولة التواصل الاجتماعي في موقع إرفع صوتك.

الصورة: تعنى جمعية هذا حقي لذوي الإعاقة بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة/عن صفحة الجمعية على فيسبوك

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".