صنعاء- بقلم غمدان الدقيمي:
يعيش صادق هائل، 40 عاما، ظروفاً معيشية صعبة بعد أن دفعت به الحرب التي تعصف باليمن منذ قرابة 20 شهراً، إلى دائرة البطالة.
“بعتُ كل ما كسبته طوال السنوات الماضية، الحرب دمرت حياتي”، يقول صادق، الذي يعمل موظفاً حكومياً منذ 14 عاما في مصنع للإسمنت بمدينة عمران، حوالى 50 كم شمالي صنعاء، لموقع (إرفع صوتك).
وتوقف هائل قسراً عن العمل في المصنع إسمنت عمران منذ نحو عام ونصف، عقب استهداف المجمع الصناعي بسلسلة غارات لمقاتلات التحالف الذي تقوده السعودية في 12 تموز/يوليو 2015.
كان يجني من عمله قرابة 130 ألف ريال (433 دولاراً)، كراتب كلي، والآن يعيش الرجل منذ أكثر من ثلاثة أشهر من دون راتب. وكذلك هو الحال بالنسبة لحوالي 2000 موظف (رسمي ومتعاقد)، ينتسبون إلى هذا المجمع المفتتح سنة 1982، الذي ينتج في الوضع الطبيعي مليون ونصف المليون طن سنوياً من مادة الإسمنت.
والمصنع واحد من ثلاثة مصانع مماثلة باتت جميعها متوقفة بفعل الحرب والإهمال الحكومي.
خطة مارشال
يرى الدكتور علي العسلي، وهو أستاذ اقتصاد بجامعة صنعاء، أنه “إذا استمرت ظروف سوق العمل على ما هي عليه فاليمن مرشح خلال 10 سنوات للعودة عدة قرون إلى الوراء".
وأشار إلى أن العمالة الماهرة تتسرب إلى خارج البلد بنسبة لا تقل عن 20 في المئة سنوياً.
وأضاف العسلي لموقع (إرفع صوتك) “نحتاج خطة مارشال.. يجب علينا توفير مليوني فرصة عمل خلال أقل من 10 سنوات خاصة للشباب العاطلين”.
ومع ذلك يبدو العسلي متفائلاً بازدهار سوق العمل بعد انتهاء الحرب الجارية على الأقل في قطاع البناء، لكن عملية ازدهار بقية القطاعات “ستكون نسبية”.
شلل
وأدّت الحرب إلى شلل شبه كامل في سوق العمل اليمني، الهش والضعيف أساساً منذ ما قبل الحرب.
يقول فضل العاقل، وهو الأمين المساعد في الاتحاد العام لنقابات عمال اليمن، لموقع (إرفع صوتك) “الحرب الأخيرة كان لها أثر سلبي كبير شمل تدمير كثير من المؤسسات وإغلاق أخرى، العمالة بشكل عام شبه عاطلة”.
وتسببت الحرب بتوقف النشاط الصناعي بنسبة 75 في المئة، وفقدان 80 في المئة من العاملين في القطاع الخاص لوظائفهم، حسب الاتحاد العام للغرف التجارية والصناعية اليمنية.
ويُقدر الاتحاد العام لنقابات عمال اليمن، عدد من فقدوا أعمالهم بسبب الحرب بحوالي ثلاثة ملايين عامل في القطاعين المنظم وغير المنظم.
ويبلغ إجمالي العمالة 4.2 ملايين شخص، من إجمالي عدد السكان في سن العمل البالغ 13.4 مليون نسمة، حسب نتائج مسح القوى العاملة في اليمن (2013- 2014)، الذي نفذه الجهاز المركزي للإحصاء، 73.7 في المئة منهم يعملون في القطاع غير الرسمي.
وظائف
وضاعف من تفاقم الوضع الانساني عجز سلطات الأطراف المتصارعة عن دفع رواتب الموظفين العموميين (نحو 75 مليار ريال شهرياً) للشهر الثالث على التوالي.
ولا يتجاوز عدد الموظفين العموميين في اليمن مليون و200 ألف موظف، 700 ألف منهم ينتسبون لمؤسستي الجيش والأمن، حسب مسؤول في وزارة الخدمة المدنية، فضل عدم ذكر اسمه.
“التوظيف في القطاع الحكومي شبه مجمد عملياً منذ ما بعد عام 2011، لا توجد موازنة أصلاً للتوظيف منذ 2014. باختصار العمل متوقف تماماً. جبهات القتال التي يروج لها الطرف الذي سيطر على الدولة هو المكان الوحيد الذي تخلق فيه وظائف لقتل الناس”، يضيف المسؤول ذاته، الذي يقيم في صنعاء.
وتابع، لموقع (إرفع صوتك) “القطاع الخاص فقد أكثر من 80 في المئة من فرص العمل. وبالتالي لا يمكننا الحديث عن سوق عمل أو مؤشرات أو خطط للمستقبل في ظل الوضع المخيف والمقلق حالياً”.
قضايا
غير أن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد بل أدى إلى تفاقم قضايا العمال بشكل كبير.
واستقبلت اللجنة التحكيمية العمالية، التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، في منطقة العاصمة صنعاء وريفها حوالي 877 قضية عمالية منذ منتصف آذار 2015 وحتى 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2016، وفقاً لعلي السلامي، وهو موظف مختص في اللجنة التحكيمية.
وأضاف السلامي، لموقع (إرفع صوتك)، أن نسبة الزيادة في عدد القضايا التي وصلتهم عن الفترة المقابلة قبل الحرب تتجاوز 80 في المئة، ومعظمها مخالفات شركات خاصة متعلقة بمستحقات وقلة الأجور وفصل تعسفي.
*الصورة: مصنع اسمنت عمران، حوالى 50 كم شمالي صنعاء/إرفع صوتك
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659