مصر – بقلم الجندي داع الإنصاف:
لديها من الأبناء خمسة (بنت وأربعة أولاد) تخرج منهم ثلاثة من كلية الهندسة والاقتصاد والعلوم السياسية ومعهد تمريض، وما زال اثنان منهما بمراحل التعليم، أما هي فتدرس بالسنة النهائية بكلية الخدمة الاجتماعية بجامعة القاهرة والتي التحقت بها بعد أكثر من ثلاثين عاماً من حصولها على دبلوم التجارة.
حكايتي مع الأحذية
بدأت آمال حسين جابر (المعروفة بأم حسن)، 52 عاماً، رحلتها مع المعاناة منذ 17 عاماً إثر وفاة زوجها بعد رحلة مع المرض والذي كان يعمل عاملاً بالصاغة (محلات الذهب). فقررت البحث عن عمل تنفق منه على تربية أبنائها الخمسة وتعليمهم.
تحكي أم حسن لموقع (إرفع صوتك) قصتها مع عملها كماسحة أحذية والذي أتى بالصدفة. تقول إنها كانت تقف في شرفة منزلها بحي إمبابة بمحافظة الجيزة وشاهدت ماسح أحذية يقوم بتلميع حذاء صاحب المحل المقابل لبيتها. فالتقطت الفكرة وناقشتها مع نفسها متسائلة "لماذا لا أعمل بهذه المهنة؟".
لكن سرعان ما تراجعت فهي "مهنة رجالة وليس للنساء سابقة خبرة في امتهانها". ثم عادت وقالت لنفسها "ولم لا؟". وتوجهت السيدة لماسح الأحذية تسأله عن متطلبات العمل وطلبت منه أن يعلمها.
بعد ذلك، اقترضت من جارتها مبلغ 50 جنيها (حوالي أربعة دولارات أميركية) فلم تكن تمتلك حتى ذلك المبلغ. واشترت المستلزمات ونزلت العمل أمام مزلقان أرض اللواء ولمدة 12 ساعة متواصلة يوميا من بعد صلاة الفجر وحتى الرابعة عصرا.
"كنت أعود بعدها إلى منزلي أقوم بواجباته من تحضير للطعام وتنظيف وغيره وأتابع دراسة أولادي".
صعوبات وإصرار
تتابع أم حسن أنّه عند بداية عملها كماسحة أحذية، كانت عرضة للسخرية. "كان بعض الناس بيتريقوا ويضحكوا عليّ فقد كانوا يستغربون أن تعمل سيدة بهذه المهنة".
لكن مع الوقت، استطاعت أن تحولهم إلى زبائنها وأخبرتهم أنّها تربي أولادها وتعلمهم من هذا العمل، وأن من يقوم بتلميع حذائه عندها فكأنه يساعدها.
الأمر الأصعب على السيّدة المصرية هو أنّ عائلتها قاطعتها لمدة 10 سنوات بسبب عملها كماسحة أحذية. "لكني تمسّكت بمهنتي فلم أر عيباً في أن أجلس بالشارع بصندوق لمسح الأحذية".
وتشير إلى كونها أم لخمسة أبناء تريد تعليمهم "وإنّهم فخورون بها وبعملها حتى بعد تخرجهم من كليات جامعية. "عايزة أقول للناس إنه ما حدش بيحس بالنار إلا اللي كابشها (ماسكها) وعلشان كده كنت زعلانة من موقف عائلتي ومن تريقة بعض الناس والجيران على عملي، لكن كل ده انتهي مع إصراري على العملي والنجاح".
حلم الحصول على شهادة جامعية
بقي استكمال التعليم لأم حسن الحاصلة على دبلوم تجارة حلماً يراودها دائماً، لكن الزواج وظروف الحياة الصعبة شغلتها عن الوصول إلى حلمها الذي ترى فيه تحقيقاً لذاتها إلى أن مدت لها إحدى السيدات يد العون والمساعدة فالتحقت بكلية الخدمة الاجتماعية بجامعة القاهرة (تعليم مفتوح) واقتربت من إنهاء دراستها فهي بالسنة النهائية.
"هناك من شجعني على دخول الجامعة، وهناك من حاول إضعاف همتي (يكسر مجاديفي) بقوله هتعملي إيه بالشهادة... لكنني كنت مصرة على ذلك وكنت أراه حلماً يحقق ذاتي ويدفعني لمساعدة نفسي وأولادي".
تكريم تستحقه
حصلت أم حسن على لقب الأم المثالية لمحافظة الجيزة عام 2015، وقابلت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مجموعة من الأمهات المثاليات. أسعدتها هذه المقابلة كثيراً، على حد تعبيرها "فقد كنت أتمناها، كما أتمنى أن أتخرج هذا العام وأحصل على البكالوريوس وأن أعتمر أو أحج بيت الله الحرام. كما أدعو الله لأبنائي بالتوفيق على قدر تعبي معاهم، وأدعو لبلدي بالتقدم والازدهار".
*الصورة: أم حسن أثناء ممارسة عملها/تنشر بإذن خاص لموقع (إرفع صوتك)
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659