مطعم ماستر بركر/إرفع صوتك
مطعم ماستر بركر/إرفع صوتك

بغداد – بقلم دعاء يوسف:

لم يكن حيدر كاظم، 23 عاماً ,ويسكن في بغداد، يعتقد ولو لوهلة واحدة أن مهنة التجوال في المدن لشراء الطحين والحاجيات العاطلة والعتيقة من البيوت ستعود بعد أن اندثرت منذ سنوات طويلة.

لكنّه يشير في حديثه لموقع (إرفع صوتك) إلى أنّ قلة فرص العمل نتيجة الأوضاع الأمنية غير المستقرة في البلاد دفعت إلى ظهور مهن كانت قد اندثرت وأخرى جديدة لم تكن موجودة في السابق.

مهنة الدوارة

 وتعد مهنة الدوارة (أو ما يسميه العراقيون: عتيك للبيع) من المهن الشعبية التي ازدهرت في تسعينيات القرن الماضي إبان فترة الحصار الاقتصادي، الذي فرض على العراق بعد غزو النظام السابق الكويت سنة 1990، يعمل فيها أشخاص يتجولون في الأحياء السكنية وينادون بأصوات مرتفعة (عتيك) للبيع. ويشترون كل شيء قديم أو مستعمل وبأسعار متدنية، ومن ثم يقومون بإعادة بيعها أو عرضها في بعض الأسواق المتخصصة ببيع الحاجيات القديمة والمستعملة ومنها سوق بغدادي يحمل اسم “سوق هرج”.

ويضيف حيدر، الذي يسكن في مدينة الصدر (شرقي بغداد) ويعمل في الدوارة، أنّ هذه المهنة لا تتماشى مع طموحاته. فقد كان الشاب قد افتتح محلا لبيع الأجهزة الكهربائية المستوردة، لكن بسبب الأوضاع الأمنية غير المستقرة اضطر لتركه بعد أن فقد القدرة على توفيرمبلغ الإيجار.

ويشير الشاب الذي لم تتح له الظروف الاقتصادية الصعبة الحصول على شهادة جامعية إلى أن سوق العمل تشهد تحولات وتغييرات كبيرة في المجتمع البغدادي، وخاصة بعد اتساع ظاهرة النزوح، وما تلاه من معارك لتحرير تلك المدن من سيطرة داعش.

“لقد أثرت موجات النزوح بشكل كبير. ببساطة كنت عاطلاً عن العمل لأشهر طويلة”.

ويتابع أنّه في إطار حاجة العائلات النازحة إلى حاجيات وأغراض وملابس زهيدة الثمن، فقد اكتشف مع الوقت أن هذه تمثل فرصة لعودة مهنة الدوارة.

“هي مهنة مؤقتة تعتمد على حاجة الناس للأشياء المستخدمة، رغم أن ما أحصل عليه من أجور ليست مرضية”.

العمل الإلكتروني

 ومع قلة فرص العمل في بغداد بسبب الأوضاع الأمنية غير المستقرة ينضم كثير من طلبة الجامعات إلى العمل الإلكتروني اعتماداً على شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي كما يقول وسام طارق، 21 عاماً، الذي يعمل على إدارة بعض الصفحات في مواقع التواصل الاجتماعي العمل لصالح شركات ومحال تجارية.

ويقول وسام، وهو طالب في كلية الآداب، في حديثه لموقع (إرفع صوتك) “يجب علي أن أروج وأعلن عن سلعهم وبضاعتهم”.

ويتقاضى الشاب مرتباً يتراوح بين 150 و 200 دولار شهرياً، وجزء من هذا المرتب ينفقه على اشتراكه بخطوط شبكة الإنترنت.

ويعتبر وسام أنّ هذه المهنة رغم أنها جديدة إلا أن الكثير من التجار وأرباب العمل اليوم باتوا يعتمدون عليها لأنها غير مكلفة كما وقد وفرت فرصة عمل للكثير من الطلبة.

مطاعم متحركة للأكلات السريعة

 وفي الآونة الأخيرة، افتتح عدد من الشباب مطاعم للأكلات السريعة وصفوها بالأولى من نوعها في البلاد، لأنها تعتمد على تحوير الكرفانات (البيوت المتحركة) والسيارات إلى محلات لبيع وتجهيز الأكلات السريعة.

يقول الشاب أمير خضير، 24 عاماً، لموقع (إرفع صوتك) إن فكرة هذا النوع من المطاعم وسيلة لجأ إليها الشباب للعمل في الأسواق والمحال التجارية والمطاعم التي تتعرض باستمرار للتفجيرات الإرهابية.

ويضيف الشاب الذي قام بتحويل أحد البيوت الجاهزة المتحركة إلى مطعم أطلق عليه تسمية (ماستر بركر) للأكلات السريعة “لقد أثرت هذه التفجيرات بشكل كبير على الحركة في أسواق ومناطق مختلفة بسبب إغلاق الشوارع المؤدية إليها. وهذا ما دفع بنا إلى إيجاد وسيلة لتغيير أماكن عملنا حسب الوضع الأمني واستقراره”.

ويشير أمير، وهو خريج معهد نفط، إلى أن الكثير من هذه الاسواق يدخلها الناس سيراً على الاقدام . “لذا وجدت في فكرة العمل بمطعم متحرك يحدد أحياناً مسار رزقك وفق تواجد الناس وقدرتك على الوصول إليهم”.

*الصورة: مطعم ماستر بركر/إرفع صوتك

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

مقاطع فيديو رصدت جريمة قتل البلوغر العراقي نور - صورة تعبيرية.
مقاطع فيديو رصدت جريمة قتل البلوغر العراقي نور - صورة تعبيرية.

"كيف لي أن أعود إلى بغداد والموت قد ينتظرني؟"، بهذا السؤال يعرب الناشط الحقوقي، أوس جبير، عن مخاوفه في ظل ما وصفه بتزايد العنف وخطاب الكراهية ضد مجتمع الميم عين والناشطين الذين يدعمونهم في العراق.

جبير، وهو مدير مشروع أمان الذي يختص بدعم أفراد مجتمع الميم عين في تركيا، يعلّق على حادثة مقتل البلوغر "نور بي أم" بالقول: "ممكن أن أتعرض للاغتيال عن طريق نفس هذه المجموعات الخارجة عن القانون".

وأثارت حادثة قتل البلوغر وخبير التجميل العراقي نور، الذي يسمي نفسه "نور بي أم" على مواقع التواصل الاجتماعي، القلق لدى المثليين في العراق، والذين حمل بعضهم المسؤولية لـ"خطاب الكراهية".

ويعرف نور عن نفسه بـ"ملك الإثارة، وموديل ميك اب ارتست"، ويعتبر من المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ يتابعه نحو 100 ألف شخص على إنستغرام.

 

وعن الجهة التي تتحمل مسؤولية قتل نور، يقول جبير: "نحمل الميليشيات والأحزاب أولا مسؤولية خطاب وجرائم الكراهية التي يعيشها مجتمع الميم عين بالخصوص في السنوات الأخيرة في العراق".

ولفت إلى وجود "مقترحات ومشاريع تناقش في البرلمان حول منع وجود الأقليات الجنسية والمعاقبة بالسجن المؤبد والإعدام لأفراد مجتمع الميم عين في الشهر الماضي".

وأضاف: "نحمل الدولة العراقية مسؤولية الحماية والدفاع عن حقوق الأقليات الدينية أو العرقية أو الجنسية".

وفي أغسطس الماضي، بدأ البرلمان العراقي النظر في مشروع قانون يفرض عقوبات قد تصل إلى الإعدام على المثليين جنسيا.

وفي وقت سابق من هذا العام، أطلقت السلطات حملة ضد "المحتوى الهابط"، وأوقفت الكثير من مستخدمي يوتيوب وتيك توك العراقيين، وفقا لفرانس برس.

ومشروع القانون يعاقب على المثلية الجنسية في العراق، حيث أعرب برلمانيون عن استعدادهم لتشريعه، خصوصا أن "قانون العقوبات العراقي الذي أقر في عام 1960 لا يجرم المثلية الجنسية صراحة".

وكان يتم التضييق على أفراد مجتمع الميم-عين بالاستناد إلى المادة 8 من قانون مكافحة البغاء الذي عدل عام 1988، وعرف البغاء فيه بأنه "تعاطي الزنا أو اللواطة بأجر مع أكثر من شخص"، وفقا لـ"جيم"، وهي مؤسسة إعلامية نسوية.

خطف وتعذيب

ويقول جبير إن نور "قد تم خطفه من جهة مجهولة من قبل وتم تعذيبه وحلق شعره".

وتابع: "هذه ليست جريمة جنائية ولكنها جريمة سياسية ضد الإنسانية وقيم المجتمع المدني المتحضر، حيث يزعم المتاجرون في الدين أنهم يحاربون الفساد على حساب أرواح الأبرياء".

وأكد أنه "في السنوات الستة الماضية عمل مشروع أمان مع الكثير من أفراد مجتمع الميم عين العراقيين الذين هربوا من تهديد وتعذيب وترهيب المجموعات الخارجة عن القانون".

جريمة موصوفة

ويرى المحامي العراقي، محمد جمعة، أن حادثة قتل نور هي "جريمة موصوفة وقد تم التخطيط لها".

ويقول جمعة في حديثه لموقع "الحرة" إنها "جريمة قتل مع سبق الإصرار والترصد، لأن كاميرات المراقبة أظهرت أن القاتل كان يراقب نور".

وأضاف أن "حكم هذه الجريمة هو الإعدام"، لافتا إلى أن "الجاني قد يحاول التملص من الجريمة في حال القبض عليه".

وأوضح جمعة أنه "من المفترض من الناحية القانونية أن لا يشمل بأي ظروف تخفيفية، مثل المادة 128، التي تنص على أن العذر الذي يعفي من العقاب قد يكون في ارتكاب الجريمة لبواعث شريفة"، وقد يتحجج القاتل بذلك.

بدوره، يؤكد جبير أن الجريمة تأتي في إطار "انفلات أمني وسياسي في العراق، فعندما تعجز الدولة عن حماية مواطنيها يختار الكثير منهم اللجوء الإنساني بدول الجوار".

تسجيلات رصدت القاتل 

ونقل مراسل "الحرة" عن مصدر أمني لم يذكر اسمه قوله إن نور "قتل على يد مسلح يستقل دراجة نارية"، الإثنين، أطلق عليه النار في حي الداوودي ضمن منطقة المنصور غرب العاصمة بغداد حيث فارق الحياة على الفور.

وتظهر تسجيلات ما يبدو أنها عملية منسقة اشترك فيها اثنين من سائقي الدراجات، بدا أن أحدهم يرتدي زي عامل توصيل مطعم.

ونقل موقع قناة السومرية نيوز المحلية عن مصادرها الأمنية قولها إن نور "قتل بثلاث رصاصات اخترقت جسده".

من هو نور بي أم دبليو؟

ويبلغ نور من العمر نحو 23 عاما، لكنه يثير الجدل منذ أعوام عدة بتصويره فيديوهات يضع فيها المكياج والشعر المستعار، ويرتدي الملابس النسائية.

ومؤخرا، ظهر نور في لقاء على مواقع التواصل الاجتماعي قال فيه إنه "أفضل من ألف امرأة"، لكنه قال في آخر سابق إن "جنسه ذكر".

وأثارت فيديوهات نور خلال حياته الانقسام بشكل كبير، كما أن صوره التي ينشرها على مواقع التواصل الاجتماعي تظهره وهو يتردد على النوادي الليلية بشكل مستمر سواء في بغداد أو في إقليم كردستان، الأمر الذي كان يعرضه لانتقادات أيضا.

ويشهد العراق باستمرار مقتل ناشطين ومدونين وخبراء أمنيين، بالإضافة لمقتل مشاهير على مواقع التواصل الاجتماعي.

وأتى مقتل نور قبل أيام فقط من الذكرى السنوية الخامسة لمقتل الفنانة والبلوغر العراقية، تارة فارس، والتي قتلت بطريقة مشابهة، على يد سائق دراجة نارية.