البطالة في المغرب
البطالة في المغرب

المغرب – بقلم زينون عبد العالي:

أمام الطلب الكبير على الوظائف في المغرب وقلة المناصب المالية، صادقت الحكومة المغربية المنتهية ولايتها على قانون جديد يقضي بالتوظيف بالتعاقد لمدة محددة، كخطوة لامتصاص غضب المعطلين والحد من معدلات البطالة، خصوصا لدى فئة حاملي الشهادات.

وقد أثار هذا القرار جدلا واسعا في صفوف المغاربة، بين مرحب بالفكرة التي ستنهي معاناة آلاف المعطلين، وبين رافض لها كونها مجرد حلول ترقيعية لا تضمن الاستقرار، وتجعل مستقبل الحالمين بالوظيفة غير واضح المعالم.

وتشير آخر الاحصائيات الرسمية الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط، إلى أن معدل البطالة في المغرب تراجع من 10.1 في المئة عام 2015 إلى حوالي 9.6 في المئة من مجمل السكان خلال الربع الثالث من سنة 2016، أي حوالي مليون و 142 ألف شخص.

وتراجعت الأعداد بمستوى 64 ألف شخص على المستوى الوطني، 59 ألف شخص في الوسط الحصري، خمسة آلاف شخص في الوسط القروي.

التعاقد ليس حلا

في مقهى الفن السابع وسط العاصمة الرباط، يجلس هشام قدوري، 31 عاماً، وهو يتصفح عبر هاتفه مواقع التوظيف العمومي بالمغرب، عله يجد إعلانا عن وظيفة تنقذه من البطالة.

يرى قدوري أن التوظيف بالتعاقد الذي أقرته الحكومة المغربية “ما هو إلا ذر للرماد في العيون، وسيقضي على مستقبل التوظيف الرسمي الذي نناضل من أجله”.

ويرى قدوري الحاصل على شهادة الماجستير في الاقتصاد أن هذا القرار حطم آماله وآمال آلاف الشباب الذين ينتظرون بفارغ الصبر الحصول على وظيفة قارة.

مستقبل مجهول

فيما يعتبر عبد الحليم خضار، 37 عاماً، أن الحل الذي اقترحته الدولة للحد من احتجاجات الأطر العليا المعطلة بتشغيلهم بعقود لمدة محددة “لا يمكن القبول به، فكيف يشتغل الحاصل على درجة الدكتوراه في الفيزياء مثلا في قطاع التعليم الابتدائي بعقد لمدة سنيتن، ثم تستغني عنه الدولة بعد استكمال المدة”، يتساءل عبد الحليم.

يقول عبد الحليم، الحاصل على دكتوراه الدولة في الفيزياء والكيمياء، إنه سيقاطع مباريات التوظيف بالتعاقد، ومبرره في ذلك أنها “تجعل مستقبلنا مجهولا ولا نعرف ماذا ينتظرنا في القادم من السنوات. وما دامت الدولة تعاني من النقص في كل القطاعات فلماذا لا يتم ادماجنا لتحقيق التنمية المرجوة في البلاد”.

غياب البدائل

وبعد إقرار القانون المثير للجدل، سارعت وزارة التربية الوطنية بالمغرب إلى الإعلان عن إجراء مباريات بالتعاقد لمدة سنتين حيث تقدم ما يفوق 93 ألف مترشح لاجتياز المباراة، فيما قاطعه آخرون.

في مقابل ذلك تلقى بعض العاطلين عن العمل في المغرب خبر إقرار التوظيف بالتعاقد بارتياح، حيث عبّر شباب مغاربة تقدموا لاجتياز مباراة وزارة التعليم استقى موقع (ارفع صوتك) آراءهم، عن سعادتهم لهذا القرار الذي سينقذهم من البطالة.

يقول ابراهيم شبيل، 31 عاما، إنه سئم انتظار وظيفة قارة، لكن ذلك لم يتحقق ليقبل بالتوظيف بتعاقد لعله يكون بداية لمسار مهني واعد في المستقبل.

“لم نجد بديلا آخر سوى قبول هذا الحل، لا أريد أن أصبح عاطلا من جديد، فاكتساب خبرة مهنية قد يكون منقذا لي إذا ما لم أستطع تجديد عقدي كمعلم، وآنذاك يمكنني الاشتغال في القطاع الخاص الذي يطلب الخبرة”، يضيف رشيد وكله أمل في أن ينجح في امتحان الوظيفة.

بدورها ترى ابتسام سعيدي، 29 عاماً، في حديث لموقع (إرفع صوتك) أن قبولها اجتياز حل التوظيف بالتعاقد لم يكن عن اقتناع، لكن فقدان الأمل في مستقبل التوظيف بالمغرب دفعها للمشاركة في مباراة التعليم ما دام الحصول على وظيفة قارة أصبح حلما صعب التحقق.

حل ذكي

ويرى سليمان صدوق، الباحث في الشؤون الاجتماعية، أن إقرار التشغيل بالعقود فكرة ذكية ستحد بشكل مباشر من مشكل البطالة الذي يعاني منه شباب المغرب خصوصا حاملي الشهادات العليا المتزايد عددهم سنة بعد أخرى، حيث تصل نسبة البطالة في صفوفهم إلى 22.3 في المئة.

العاطلون عن العمل ينتظرون فتح أبوب التشغيل ليخرجوا من وضعية عاطل إلى مشتغل ولو لأجل مسمى، يضيف صدوق في حديث لموقع (إرفع صوتك)، مشيرا إلى أن “رفض مثل هذه الحلول من طرف البعض لا يصب في مصلحة الرافضين، بل يزيد من تأزيم وضعيتهم”.

*الصورة: “ما دامت الدولة تعاني من النقص في كل القطاعات فلماذا لا يتم ادماجنا لتحقيق التنمية المرجوة في البلاد”/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".