بغداد – بقلم دعاء يوسف:
لم يسبق لحسن كريم، 57 عاماً، أن يكمل تحصيله الدراسي. كان يعمل سائق شاحنة لنقل السلع والبضائع من منفذ طريبيل الحدودي العراقي إلى أسواق الجملة في بغداد حتى العام 2006، ليساعد أسرته على العيش.
يقول في حديثه لموقع (إرفع صوتك) إنه وبسبب الإرهاب ومخاطر الطريق من قتل المسلحين لسائقي الشاحنات على الهوية، اضطر إلى ترك مهنته التي ورثها عن والده.
لم يعد يسد الحاجة
ظل حسن من دون عمل حتى استطاع بيع الشاحنة التي تركها مركونة في مرآب قريب من بيته، وبثمنها اشترى سيارة صغيرة لنقل السلع والبضائع داخل العاصمة.
ولكن هذا العمل لم يكن يسد حاجة أسرته. لكن كان الأمر متعباً جداً، على حد تعبيره، إذ تتوافر الكثير من سيارات نقل الأحمال في العاصمة. كما أن هذا العمل يعتمد بالأساس على حاجة الزبون لنقل بضاعة أو أثاث ما ، وهذا ليس أمراً دائماً.
لذلك، دفع حسن بأبنائه علي وحمزة للانتساب إلى الأجهزة الأمنية. “تطوعا للعمل في الأجهزة الأمنية بعد أن فقدنا الأمل من أن يوفر العمل في نقل الأحمال والبضائع دخلاً مناسباً لنا”.
سوء الأوضاع الأمنية
حال حسن وأبنائه لا يختلف عن الكثير من العراقيين الذين تأثر عملهم بسبب توسع الإرهاب وامتداده، حيث يرى خبراء عراقيون في الشأن الاقتصادي أن سيطرة داعش على بعض المدن العراقية ومعارك تحريرها كانت وراء انحسار الكثير من المهن أو اختفائها، إذ أغلقت الكثير من المحال ذات الماركات التجارية أو الوكالات المعروفة عالمياً، وتم بيع غيرها لعدم وجود من يخلفهم أو يرث أصحابها في المهنة.
ويؤكد الخبير الاقتصادي عباس الناصر في حديث لموقع (إرفع صوتك) أن الإرهاب الذي تعاني منه البلاد خلال السنوات الماضية أثر بشكل سيء على سوق العمل.
ويشير إلى أن العديد من أصحاب المهن المعروفة اضطروا إلى التوقف عن مزاولتها أو هجرها، بسبب استمرار سوء الأوضاع الأمنية في مناطقهم “ما أدى إلى كساد وتدهور في الدخل”.
الانتساب للأجهزة الأمنية
أما الخبير الاقتصادي فاضل لعيبي، فيعتقد أنّ وضع سوق العمل في البلاد مثير للقلق، ومن غير المحتمل أن يتحسن في غضون السنتين المقبلتين على الأقل.
وفي الوقت نفسه يشير فاضل إلى أنّ معدلات العمل في بعض المهن قد تحسنت بشكل كبير، وتحديداً الوظائف الأمنية. ويقول لموقع (إرفع صوتك) إن الانتساب للأجهزة الأمنية إلى حد كبير هي الوظيفة أو المهنة الوحيدة التي من الممكن انخراط الشباب للعمل فيها. “إنها تعود للمنتسبين برواتب توفر قوت يومهم”.
وزارة التخطيط العراقية
ووفقاً لبيانات وزارة التخطيط العراقية فإن نسبة البطالة في العراق قد ارتفعت الى أعلى معدلاتها منذ أربع سنوات. وقال المتحدث الرسمي للوزارة عبد الزهرة الهنداوي في حديث لموقع (إرفع صوتك) إنّ المؤشرات المتوقعة لنسبة البطالة هذا العام قد وصلت إلى 20 في المئة.
ويضيف “تتمحور أسباب ارتفاع البطالة في الإرهاب وتأثيراته على المدن العراقية ونزوح أهلها وكذلك نتيجة الأزمة الاقتصادية التي حلت بالبلاد نتيجة انخفاض أسعار النفط”.
ويشير الهنداوي إلى أنه برغم من أن هناك الكثير من المهن والوظائف التي خسرها سوق العمل العراقي بسبب الظروف الأمنية غير المستقرة في البلاد، إلا أن الوزارة لم يتسن لها حتى الآن اصدار إحصائية تهتم بهذا الشأن.
*الصورة: أثر الإرهاب وامتداده على سوق العمل في العراق/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659