عامل قطري في موقع تشييد خط جديد لمترو الدوحة سنة 2015/وكالة الصحافة الفرنسية
عامل قطري في موقع تشييد خط جديد لمترو الدوحة سنة 2015/وكالة الصحافة الفرنسية

بقلم خالد الغالي:

من المفارقة أن يكون من بين الدول العربية دولتان إحداهما الأقل في العالم من ناحية البطالة والثانية هي الأعلى.

منذ 25 سنة، ودولة قطر تتربع على عرش الدول صاحبة أقل معدل للبطالة في العالم، بل إنها زادت في نسبة تخفيضها من 0.5 سنة في المئة سنة 1991 إلى 0.3 سنة 2014. ومنذ 25 سنة أيضا، وموريتانيا هي إحدى دول العالم صاحبة أعلى معدل للبطالة، حسب إحصائيات البنك الدولي. في سنة 1991، كانت موريتانيا في المركز الثاني. أما اليوم فهي الأولى، رغم أنها خفضت البطالة بما يقارب نقطة واحدة من 31.9 في المئة إلى 31.

حافظ البلدان، كما يظهر الرسم البياني أدناه، تقريبا على نفس المنحنى الثابت للبطالة، بدون تغييرات كبيرة. ووصلا معا إلى أقل وأعلى معدل سنة 2004: 1.5 في المئة لقطر و32.5 لموريتانيا، فيما كادت قطر أن تقضي على البطالة نهائيا سنة 1992 (0.2 في المئة فقط).

 

عموما، تميل المنطقة العربية إلى أن تكون أقرب إلى حالة موريتانيا منها إلى قطر. معدل البطالة في الدول العربية، حسب آخر الإحصائيات (2014)، يصل إلى 11.52 في المئة، وهو أحد أعلى المعدلات في العالم ويبلغ ضعف المعدل العالمي (5.9 في المئة). وحتى في سنة 2010 التي وصلت فيها البطالة في الدول العربية إلى أدنى مستوى لها (10.32 في المئة)، ظلت فوق المعدل العالمي بأربع نقاط. أكثر من هذا، دول أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا اللاتينية والبحر الكاريبي وجنوب شرق آسيا أقل بطالة من الدول العربية، منذ سنة 1991 على الأقل.

وفي الرسم البياني التالي، يبدو الفرق واضحا بين معدلات البطالة في الدول العربية وباقي مناطق العالم.

رغم النجاح النسبي للدول العربية في خفض البطالة بنقطتين تقريبا بين 1991 و2014، إلا أن أعداد العاطلين العرب تبقى كبيرة جدا: 22 مليون عاطل من إجمالي القوى العاملة البالغة 120 مليون نسمة. ويتوقع أن يتعقد الوضع أكثر لكون معدلات نمو القوة العاملة في الدول العربية من الأعلى في العالم، ما يعني أن الملايين من الشباب سيلتحقون بأفواج العاطلين مستقبلاً. لتخفيف الأزمة، يتوجب على هذه الدول أن توفر خمسة ملايين فرصة عمل سنويا.

دول الخليج هي الأقل بطالة بين الدول العربية. في مقدمتها قطر بفارق كبير، فالكويت (3 في المئة)، فالإمارات (3.6)، فالبحرين (3.9)، ثم السعودية (5.6). وتبقى أرقام البطالة في هذه الدول قابلة للنقاش ونسبية لتضاربها ما بين مصادر مختلفة (في السعودية مثلاً تتراوح الأرقام بين 12 إلى 36 في المئة). وفي كل الأحوال، هذه الدول الخمس هي الوحيدة عربيا (حسب البنك الدولي) التي تقع تحت المعدل العالمي للبطالة، مع لحظات كانت السعودية تلامس فيها أو تفوق المعدل العالمي بشيء يسير جدا. لكن الملاحظ، مقارنة بسنة 1991، هو أن البطالة ارتفعت في الكويت والإمارات، حيث كانت على التوالي 1.2 في المئة و3 في المئة.

 أما الدول الخمس صاحبة أعلى معدلات بطالة عربيا فهي العراق واليمن وليبيا وفلسطينوموريتانيا، مع ملاحظة أن سنة 2011 كانت حاسمة في المسار الليبي. فبعدما كان معدل البطالة في انخفاض متتابع عاد ليرتفع بشكل حاد خلال هذه السنة.

بصورة عامة، نجحت 13 دولة عربية في خفض  البطالة بين 1991 و2014، في مقابل ارتفاعها في ثمان دول، بينما لا يقدم البنك الدولي إحصائيات بخصوص دولة جيبوتي. وإذا كانت مصر واليمن وفلسطين صاحبة أعلى معدلات الارتفاع، فإن الجزائر هي صاحبة أفضل إنجاز عربي في الحد من البطالة: من 20.6 في المئة سنة 1991 إلى 9.5  سنة 2014.

ويبدو انخفاض معدلات البطالة في الجزائر واضحا من خلال الرسم البياني.

2014 1991 الدولة
0.3 0.5 قطر
3.0 1.2 الكويت
3.6 3.0 الإمارات العربية المتحدة
3.9 4.2 البحرين
5.6 6.6 المملكة العربية السعودية
6.4 8.4 لبنان
6.5 6.7 جزر القمر
6.9 6.9 الصومال
7.2 7.0 عمان
9.5 20.6 الجزائر
10.2 12.5 المغرب
10.8 9.4 الجمهورية العربية السورية
11.1 15.4 الأردن
13.2 9.6 جمهورية مصر العربية
13.3 16.8 تونس
14.8 15.1 السودان
16.4 19.8 العراق
17.4 13.8 الجمهورية اليمنية
19.2 18.8 ليبيا
26.2 15.7 فلسطين
31.0 31.9 موريتانيا

* الصورة: عامل قطري في موقع تشييد خط جديد لمترو الدوحة سنة 2015/وكالة الصحافة الفرنسية – فيسبوك

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".