العاصمة الأردنية عمان/Shutterstock
العاصمة الأردنية عمان/Shutterstock

بقلم صالح قشطة:

سعياً لتنمية قدرات الشباب، وتعزيز مهاراتهم في أسس المناظرة والحوار، التي تستند على الحقائق والدلائل كأسلوب علمي منظِّم لها، ولخلق دافع لدى هؤلاء الشباب للمشاركة في الحياة السياسية، تعمل العديد من نوادي المناظرات المنتشرة في أنحاء المملكة الأردنية على إقامة مناظرات تطرح كافة القضايا التي تهم المجتمع الأردني، ليناقشها شباب تم تدريبهم وتجهيزهم لخوض هذا النوع من المناظرات، التي تستضيف في بعض الأحيان مسؤولين وأصحاب قرار في الدولة، ليستمعوا إلى وجهات النظر الشبابية المختلفة، وليناقشوهم بتفاصيلها.

من مدينة الزرقاء، يتحدث عدي نوفل، 26 عاماً، إلى موقع (إرفع صوتك) عن تجربته في المناظرات، ويقول إنها خلقت لديه كشاب أفقاً أوسع للتعاطي مع كافة التحديات التي تواجه المجتمع الأردني، سواءً كانت سياسية، أو اجتماعية، أو اقتصادية، بلا تحيز أو تأثر بوجهة نظر معينة.

وعن انعكاس تجربته كمناظر على شخصيته، يقول الشاب “عندما تتعمق في هذا المجال، فإن قدرتك تتزايد في تحليل كثير من الأمور والنظر في أسبابها بشكل منطقي، وتتيح لك البحث بشكل أكبر، والاطلاع على مصادر أكثر، ما يساعد على النضوج في النقاش، وفي طرح أي قضية تهم المجتمع”، ما يراه مهماً في اتساع الفكر السياسي الواعي لدى الشباب حيال التحديات الحقيقية التي تواجه بلدانهم.

تفاعل المسؤولين

كما يشير الشاب إلى حضور بعض الوزراء وصناع القرار في الأردن لتلك المناظرات المرتكزة على الشباب، كوزير الشباب، وزير التنمية الاجتماعية، مدير هيئة مكافحة الفساد، وغيرهم من أصحاب القرار، ويتابع “إحدى المناظرات التي شاركت بها كانت عن استغلال الأردن للطاقة البديلة، في وقت ثارت فيه ضجة حول المفاعل النووي السلمي المخطط لإقامته في الأردن، وكانت بحضور رئيس هيئة الطاقة الذرية”، مثمناً حضوره واستماعه لوجهات نظرهم، وللحلول التي قدموها في مجال الطاقة، الذي يعتبر شح مواردها من أكبر التحديات التي تواجه البلاد.

ويتطرق نوفل في حديثه لمناظرات تم عقدها لمناقشة قانون 308، الذي ثار حوله الجدل، كونه يعفي المُغتصب من عقوبته في حال تزوج من الضحية التي اغتصبها، متابعاً “كان لهذه المناظرات أثر كبير في تعديل قانون الجرائم في التفاصيل المتعلقة بقضايا الاغتصاب”.

ويردف نوفل بالتأكيد على ضرورة العمل على تطوير مهارات المناظرة لدى الشباب، والعمل على نشر هذه الثقافة بشكل أكبر، ودعمها إعلامياً، كونها قادرة على صنع التغيير في حال أخذت الفرصة الكافية للعمل.

أما ليلى الكلوب، 24 عاماً، فتتحدث لموقع (إرفع صوتك) عن تجربتها مع المناظرات السياسية والاجتماعية في مدينة السلط (شمال غرب)، التي تقطن بها، والتي تصفها بأنها ذات تأثير كبير جداً على شخصيتها وحياتها، كونها تعتبر أن من يشارك بهذه المناظرات يصبح منخرطاً بشكل أكبر في الحياة السياسية في البلاد، ويكون على اطلاعٍ أكبر على كثير من القوانين والتشريعات.

“علينا أن نبحث في كل قضية مطروحة للنقاش بطريقة علمية تجعلنا نكتشف شيئاً جديداً في كل مرة، وهذا يزيد من طموحنا للعمل من أجل وطننا ومجتمعنا، رغم بعض المواقف التي تشعرنا بالإحباط حيال التغيير أحياناً، وهذا ما شجعني لأعمل نحو أن يكون لي مشاركة في الحياة السياسية مستقبلاً”، تقول ليلى التي تدرس الماجستير في معهد الإعلام الأردني.

شاركت ليلى في العديد من المناظرات إلى جانب مجموعة من الشباب في الأردن لمناقشة بعض القضايا المحلية، كتعامل الحكومات الأردنية مع الأزمات، الفساد، مشاريع الدولة، وفاتورة الطاقة، ما أتاح لها الانتقال إلى مرحلة أخرى تعدت النطاق المحلي، عندما سافرت إلى ألمانيا للمشاركة في مؤتمر حول الدين والديموقراطية.

عن تلك التجربة تقول ليلى “عقدنا جلسات للحوار مع شباب من ست دول، وكانت هذه فرصة كبيرة جداً لي كشابة أردنية لتطوير مهاراتي وتوسعة آفاقي”.

وفي ختام حديثها إلى موقع (إرفع صوتك)، تؤكد ليلى على ضرورة خلق بصمة واضحة للشباب في تشكيل الحياة السياسية في الأردن، وعلى الحاجة الماسة لاستقطاب كافة الشباب غير المهتمين بالمشاركة وجذبهم نحوها، وعلى حد تعبيرها فإن الشباب الأردني بات اليوم منشغلاً بالتفكير في كيفية تأمين قوت يومه، وإيجاد السبل التي تمكنه من إكمال تعليمه، ولا يجد أمامه مساحة متاحة للمشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية، وكل هذا يشعره بالإحباط وعدم القدرة على التغيير.

* الصورة: العاصمة الأردنية عمان/Shutterstock

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".