بقلم صالح قشطة:
سعياً لتنمية قدرات الشباب، وتعزيز مهاراتهم في أسس المناظرة والحوار، التي تستند على الحقائق والدلائل كأسلوب علمي منظِّم لها، ولخلق دافع لدى هؤلاء الشباب للمشاركة في الحياة السياسية، تعمل العديد من نوادي المناظرات المنتشرة في أنحاء المملكة الأردنية على إقامة مناظرات تطرح كافة القضايا التي تهم المجتمع الأردني، ليناقشها شباب تم تدريبهم وتجهيزهم لخوض هذا النوع من المناظرات، التي تستضيف في بعض الأحيان مسؤولين وأصحاب قرار في الدولة، ليستمعوا إلى وجهات النظر الشبابية المختلفة، وليناقشوهم بتفاصيلها.
من مدينة الزرقاء، يتحدث عدي نوفل، 26 عاماً، إلى موقع (إرفع صوتك) عن تجربته في المناظرات، ويقول إنها خلقت لديه كشاب أفقاً أوسع للتعاطي مع كافة التحديات التي تواجه المجتمع الأردني، سواءً كانت سياسية، أو اجتماعية، أو اقتصادية، بلا تحيز أو تأثر بوجهة نظر معينة.
وعن انعكاس تجربته كمناظر على شخصيته، يقول الشاب “عندما تتعمق في هذا المجال، فإن قدرتك تتزايد في تحليل كثير من الأمور والنظر في أسبابها بشكل منطقي، وتتيح لك البحث بشكل أكبر، والاطلاع على مصادر أكثر، ما يساعد على النضوج في النقاش، وفي طرح أي قضية تهم المجتمع”، ما يراه مهماً في اتساع الفكر السياسي الواعي لدى الشباب حيال التحديات الحقيقية التي تواجه بلدانهم.
تفاعل المسؤولين
كما يشير الشاب إلى حضور بعض الوزراء وصناع القرار في الأردن لتلك المناظرات المرتكزة على الشباب، كوزير الشباب، وزير التنمية الاجتماعية، مدير هيئة مكافحة الفساد، وغيرهم من أصحاب القرار، ويتابع “إحدى المناظرات التي شاركت بها كانت عن استغلال الأردن للطاقة البديلة، في وقت ثارت فيه ضجة حول المفاعل النووي السلمي المخطط لإقامته في الأردن، وكانت بحضور رئيس هيئة الطاقة الذرية”، مثمناً حضوره واستماعه لوجهات نظرهم، وللحلول التي قدموها في مجال الطاقة، الذي يعتبر شح مواردها من أكبر التحديات التي تواجه البلاد.
ويتطرق نوفل في حديثه لمناظرات تم عقدها لمناقشة قانون 308، الذي ثار حوله الجدل، كونه يعفي المُغتصب من عقوبته في حال تزوج من الضحية التي اغتصبها، متابعاً “كان لهذه المناظرات أثر كبير في تعديل قانون الجرائم في التفاصيل المتعلقة بقضايا الاغتصاب”.
ويردف نوفل بالتأكيد على ضرورة العمل على تطوير مهارات المناظرة لدى الشباب، والعمل على نشر هذه الثقافة بشكل أكبر، ودعمها إعلامياً، كونها قادرة على صنع التغيير في حال أخذت الفرصة الكافية للعمل.
أما ليلى الكلوب، 24 عاماً، فتتحدث لموقع (إرفع صوتك) عن تجربتها مع المناظرات السياسية والاجتماعية في مدينة السلط (شمال غرب)، التي تقطن بها، والتي تصفها بأنها ذات تأثير كبير جداً على شخصيتها وحياتها، كونها تعتبر أن من يشارك بهذه المناظرات يصبح منخرطاً بشكل أكبر في الحياة السياسية في البلاد، ويكون على اطلاعٍ أكبر على كثير من القوانين والتشريعات.
“علينا أن نبحث في كل قضية مطروحة للنقاش بطريقة علمية تجعلنا نكتشف شيئاً جديداً في كل مرة، وهذا يزيد من طموحنا للعمل من أجل وطننا ومجتمعنا، رغم بعض المواقف التي تشعرنا بالإحباط حيال التغيير أحياناً، وهذا ما شجعني لأعمل نحو أن يكون لي مشاركة في الحياة السياسية مستقبلاً”، تقول ليلى التي تدرس الماجستير في معهد الإعلام الأردني.
شاركت ليلى في العديد من المناظرات إلى جانب مجموعة من الشباب في الأردن لمناقشة بعض القضايا المحلية، كتعامل الحكومات الأردنية مع الأزمات، الفساد، مشاريع الدولة، وفاتورة الطاقة، ما أتاح لها الانتقال إلى مرحلة أخرى تعدت النطاق المحلي، عندما سافرت إلى ألمانيا للمشاركة في مؤتمر حول الدين والديموقراطية.
عن تلك التجربة تقول ليلى “عقدنا جلسات للحوار مع شباب من ست دول، وكانت هذه فرصة كبيرة جداً لي كشابة أردنية لتطوير مهاراتي وتوسعة آفاقي”.
وفي ختام حديثها إلى موقع (إرفع صوتك)، تؤكد ليلى على ضرورة خلق بصمة واضحة للشباب في تشكيل الحياة السياسية في الأردن، وعلى الحاجة الماسة لاستقطاب كافة الشباب غير المهتمين بالمشاركة وجذبهم نحوها، وعلى حد تعبيرها فإن الشباب الأردني بات اليوم منشغلاً بالتفكير في كيفية تأمين قوت يومه، وإيجاد السبل التي تمكنه من إكمال تعليمه، ولا يجد أمامه مساحة متاحة للمشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية، وكل هذا يشعره بالإحباط وعدم القدرة على التغيير.
* الصورة: العاصمة الأردنية عمان/Shutterstock
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659