نقطة أمنية عراقية/وكالة الصحافة الفرنسية
نقطة أمنية عراقية/وكالة الصحافة الفرنسية

بغداد – دعاء يوسف:

“جربتُ المشاركة بحزب سياسي، وكانت النتيجة التعرض لتهديدات بالقتل من جهات مجهولة، الأمر الذي دفعني للعزوف عن فكرة العمل السياسي“ ، قال علي محمد، 33عاماً، الذي يرى أن الأحزاب السياسية الحالية لم تتخل عن فكرة أنها الأفضل والأقدر على حكم البلاد، فـ “جميعها رفضت وترفض ظهور أحزاب جديدة، بل وتحارب هذا الأمر”.

الوجه الديكتاتوري

ويذهب الشاب الذي لم يعد يفكر بالمشاركة في العمل السياسي أو الحزبي، إلى القول إن عدم السماح بظهور أحزاب أو حركات سياسية شبابية محاولة لإبراز الوجه الديكتاتوري للعملية السياسية برمتها.

ويضيف علي، وهو حاصل على شهادة جامعية من كلية القانون، أن “مشاركة الأحزاب الجديدة لا يعني معاداة القديمة، وإنما التجديد في العملية السياسية. ولكن على ما يبدو أن قوانين السياسة في بلادنا تختلف عن غيرها“.

وما يزيد من انعدام قناعة علي بإمكانية التغيير والاشتراك بعمل سياسي نزيه من الأساس هو أن المشاركين في الحكم طيلة السنوات الماضية صار لهم نفوذ وسطوة كبيرة وحمايات مسلحة، وهو الأمر الذي خلق تحديات عديدة أمام إمكانية تغييرهم.

“ممارسة العمل السياسي مهمة غامضة ومخيفة في العراق إذ تعتريها تحديات أعقد بكثير من التي نسمع عنها ونشاهدها في وسائل الإعلام “، حسب علي.

لستُ مقتنعاً

ويصف جمال العزاوي، 39عاماً، العمل السياسي أو الحزبي في البلاد بأنه “لعبة غير نزيهة”، وقال بنبرة يملؤها الخيبة “لستُ مقتنعاً بكل ما يحدث، ولا يوجد عمل سياسي أو حزبي. كل ما يحدث هو لعبة يمارسها بعض من يدعي أنه سياسي لنهب البلاد وسرقتها“.

وما يزيد من قناعة جمال الذي يعمل في وظيفة حكومية، بهذا الرأي هو سوء الأوضاع الداخلية. “إنهم يسعون لتعزيز الخلافات والصراعات الداخلية“، على حد قوله.

ويضيف أن “العمل السياسي برمته لا ينسجم مع اللحظة الراهنة والأحداث التي تشهدها البلاد، كما أن جميع خطواته ليست لخدمة البلاد ودعماً لنهضتها“.

مؤسسات مغلقة

يتفق كثير من الشباب من خلال أجوبتهم على أن العمل السياسي حالياً يمر في أسوأ أوقاته وأشكاله. ويقول مهند كاظم، وهو طالب جامعي، إنّ “إقبال الناخبين في الانتخابات النيابية لعام 2018 سيكون ضعيفاً إذا ما قورن بالأعوام الماضية“.

ويرى مهند أن هذا يعود لأسباب كثيرة ربما أهمها هو فقدان الثقة بالمشاركين الآن في العمل السياسي، وإعلانهم الامتناع عن التصويت في الانتخابات القادمة أو المقاطعة.

ويضيف “الأحزاب قد تحولت من الاهتمام بمعاناة الناس وتوفير الخدمات وتطوير البلاد إلى ’مؤسسات مغلقة‘ لا تعمل إلا  لصالح مكاسبها وسلطتها وأفكارها المتهالكة، ما أسهم في نبذ العمل السياسي“.

مشاريع تطويرية

أما عماد حسن، وهو طالب جامعي أيضاً فيرى أن “واحدة من أسباب فشل العمل السياسي في البلاد هو انغلاقه على مجموعة من المشاركين يعتقدون أنهم الأصلح. الأمر الذي أدى إلى عدم قدرة الشباب على إحداث التغيير لأن ابواب المشاركة في هذا العمل مغلقة أمامهم“.

ويضيف“ للأسف حتى الآن لا توجد مشاريع تطويرية لغرض التخصص في العمل السياسي“.

ويشير الشاب إلى أنّ الأوضاع في البلاد وما تحمله من تحديات أمنية أثرت كثيراً على العمل السياسي الذي علقنا عليه آمالا عريضة، حتى جاءت النتائج مخيبة.

*الصورة: نقطة أمنية عراقية/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".