وسط العاصمة الجزائر/Shutterstock
وسط العاصمة الجزائر/Shutterstock

الجزائر- أميل عمراوي:

“ليتهم يصرحون أنهم ليسوا بحاجة لنا فنبحث عن وطن يثمن طاقاتنا وقدراتنا” قال أمين خزنادار، ثلاثيني من محافظة قسنطينة شمالي الجزائر.

وأضاف أمين في حديث لموقع (ارفع صوتك) “يتآكل شبابنا و نحن في أوج العطاء، من ليس بطالا تجده يشتكي التهميش في إطار عمله، أنا شخصيا سئمت انتظار دوري في هذا الوطن” يقول ابن قسنطينة، صاحب الــ 32 سنة .

لا تكاد أغلب خطابات المسؤولين وحتى رؤساء الأحزاب تخلو من الإشارة إلى الشباب باعتبارهم المادة الخام لأي مشروعٍ تنموي، لكن الواقع يعطي صورة مغايرة تماما لوضع الشباب الجزائريضمن مسيرة التنمية تلك.

ويبدي كثير من الشباب ممن اتصلنا بهم في موقع (إرفع صوتك) عدم الثقة في تصريحات المسؤولين، معتبرين أن الذي يحاول الاهتمام  بالشباب يجب يعطيهم حق إبداء الرأي والمشاركة الفعلية.

“ليس بإلقاء الخطب واستخدام المحسنات البديعية في وصف الشباب ودوره المحوري المزعوم” قالت زينب خالدي، طالبة في المدرسة العليا للإدارة بالعاصمة.

درء للعصيان

و تشير صاحبة الـ 22 ربيعا، أنها تتمنى أن تتغير نظرة الحكام إلى الشباب، لأن في ذلك تقليصا للفجوة التي تفصل بين الأجيال من جهة وبين النظام القائم وشعبه المكون أساسا من فئة الشباب من جهة أخرى.

أما زميلتها نورهان شمّالِي فترى أن مهمة الاضطلاع بمهام تسيير الوطن يجب أن تكون في أيدي الشباب وأن “على السلطات القائمة الاستجابة لتطلعات النشء، لأن في ذلك درءا للعصيان الشبابي كما يجري في البلدان العربية الأخرى”.

وبالرغم من أنها تنتظر التوظيف المباشر، بحكم أنها طالبة في المدرسة العليا للإدارة، إلا أنها تشك في حقيقة اضطلاعها بمسؤوليات مهمة مستقبلا.

“هناك شك ينتابني بخصوص الدور الذي سأؤديه، هل سيثقون بإمكاناتي أم سأتقاعد بمكتبٍ ضيق يغلق أمامي الأفق؟”.

أما وسيم بركان، فيرى أن موضوع استلام الشباب للمشعل يرتبط بقدراتهم في حمل السلطات على الاستماع لتطلعاتهم و ذلك بدعم فرصهم بالتكوين المستمر، وإبطال الصورة النمطية المرتبطة بالشاب الجزائري الذي لا يطمح إلا في منصب عملٍ يقتات من خلاله ثم يركن للراحة في انتظار التقاعد.

“لا يمكن أن تستلم المشعل بالمطالبة فقط، يجب أن تكون عند مستوى المسؤولية،” يرى صاحب الـ24 عاما والذي ينتظر التخرج نهاية السنة المقبلة.

هل أنت جاد؟

خلال لقائنا الشباب من الجزائريين بالشوارع أو داخل الجامعات أو معاهد التكوين، شد انتباهنا أمر من الغرابة بما كان، حيث أن أغلب من تحدثنا إليه عن رؤيته لدوره بمجتمعه، استهل إجابته بالضحك .. فلماذا؟

يوسف، 34 عاما، وهو متخرج من معهد التكوين بالعاصمة ودون عمل منذ  ثمان سنوات، قال إن الأمر أضحى موضوع سخرية فعلا “إذا سألتني عن رؤيتي في الموضوع تذكرني أنني بصدد تفويت شبابي عاطلا فكيف أنظر لمستقبلي يا أخ؟”

ووسط مدينة القليعة الساحلية غربي العاصمة، حاولنا طرح الموضوع على فريد، وهو عشريني عاطل عن العمل، وجدناه يطالع أوراقه بشغف بمقهى “الرياضي”، ثم تبين أنه بصدد ترتيب ملف طلب العمل الذي سيقدمه بعد حين بإحدى المؤسسات بالمنطقة.

و بالرغم من الجدية التي كانت بادية عليه و هو يرتب أفكاره و ملفاته، قال الشاب ساخرا “هل أنت جاد ؟”، قبل أن يستدرك “أنا أبحث عن عملٍ فقط ولم أجد منذ أكثر من ثلاث سنوات وتريدني أن أطمح للمشاركة؟”.

ولم يغادرنا فريد حتى ختم بالقول “الشباب غاضب هنا، حاول أن تتحاشى هذا السؤال”.

*الصورة: وسط العاصمة الجزائر/Shutterstock

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".