53 في المئة من الشباب العرب يفضلون الاستقرار على حساب الديموقراطية/وكالة الصحافة الفرنسية
53 في المئة من الشباب العرب يفضلون الاستقرار على حساب الديموقراطية/وكالة الصحافة الفرنسية

متابعة خالد الغالي:

عندما أجرت مؤسسة “أصداء بيرسون- مارستيلر” الدولية استطلاعها حول رأي الشباب العربي، سنة 2011، السنة التي اندلع فيها الربيع العربي، كانت الديموقراطية على رأس اهتمامات الشباب. 92 في المئة منهم صرحوا أن “العيش في دولة ديموقراطية” هو أسمى غاياتهم. غير أن الأمور اختلفت تماما بعد مرور خمس سنوات على الثورات العربية، فعندما أجرت “أصداء بيرسون-مارستيلر” استطلاعها لسنة 2016 أظهرت النتائج تراجعا كبيرا في الاهتمام بالديموقراطية.

الاستقرار أولا

عاشت المنطقة ثورة غير مسبوقة أطاحت بأربعة زعماء عرب، يحكم بعضهم منذ أكثر من  42 عاما، غير أنها سرعان ما غرقت في حرب أهلية في ثلاثة بلدان على الأقل، ليبيا وسورية واليمن، بينما عادت المؤسسة العسكرية إلى السيطرة على مقاليد الحكم في مصر، وتراجعت القوى الرئيسية في الثورة في تونس إلى الخلف.

في ظل هذه الظروف، ليس غريبا أن تعلن غالبية الشباب العربي أنها تفضل الاستقرار (53 في المئة)على حساب الديموقراطية (28 في المئة) التي لم تستطع أن ترسي أقدامها في المنطقة. وتتعزز فكرة تفضيل الاستقرار أكثر في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث أعلن 62 في المئة من الشباب أنهم يفضلون الاستقرار مقابل 23 في المئة لصالح الديموقراطية.

​​

أدار الشباب العربي ظهره للديموقراطية

منذ ظهور المؤشرات الأولى لبداية دخول المنطقة في الفوضى، سنة 2012، بدأ يتضح أن للشباب العربي أولويات أخرى غير الديموقراطية. فعدد الذين صرحوا، ذلك العام، أن الحصول على أجر عادل وامتلاك منزل خاص “مهم جدا” يفوق عدد الذين اعتبروا أن العيش في بلد تحكمه الديموقراطية “مهم جدا”. وفيما كان غياب الديموقراطية، قبل سنوات، يعتبر إحدى أهم العقبات التي تواجهها المنطقة العربية، لم يعد سوى 15 في المئة من الشباب العربي يعتبرونه كذلك سنة 2015.

في المقابل، بدأ الشباب العربي يضع تحديات أخرى على رأس أهم العقبات في المنطقة. ففي سنة 2016، وللعام الثاني على التوالي، صرح الشباب المستجوبون أن تنظيم داعش هو أهم عقبة تواجهها المنطقة (50 في المئة)، تليها باقي التهديدات الإرهابية (38 في المئة) ثم البطالة (36 في المئة). فيما تراجع الاهتمام بالديموقراطية إلى الرتبة التاسعة.

لا أمل في المستقبل

ينظر الشباب العربي المستطلعون بسوداوية إلى المستقبل. وقالت “أصداء بيرسون- مارستيلر” إن ثقتهم في إمكانية نجاح التجربة الديموقراطية في الشرق الأوسط تزعزعت. ورأى واحد من كل ثلاثة شباب أن الديموقراطية لن تنجح في المنطقة، ينضاف إليهم نسبة 25 في المئة من غير المتأكدين. ويبدو شباب منطقة الخليج هو الأكثر تشاؤما بنجاح الديموقراطية (44 في المئة)، في حين أن شباب منطقة شمال أفريقيا هم الأقل تشاؤما (25 في المئة).

وعلى عكس ما كان يأمله الشباب قبل انطلاق الربيع العربي، يرى أغلبهم في الوقت الحالي أن الوضع صار أسوأ من السابق. وفقط نسبة 36 في المئة منهم قالت إن المنطقة صارت أفضل حالا بعد الثورات، في حين كان هذه النسبة تصل إلى 72 في المئة سنة 2012.

وكما يبين الرسم البياني التالي (الجانب الأيسر)، يظهر التراجع تدريجيا وواضحا بين سنة 2012 و2016. ووحدها مصر صرح شبابها أن بلادهم صارت أفضل بعد الثورة (يمين الرسم البياني).

6-1_10042016202820

*الصورة:53 في المئة من الشباب العرب يفضلون الاستقرار على حساب الديموقراطية/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".