حملة شبابية لجمع التبرعات وسط العاصمة بغداد/إرفع صوتك
حملة شبابية لجمع التبرعات وسط العاصمة بغداد/إرفع صوتك

بغداد – دعاء يوسف:

لم تعد مسألة تقديم المعونات الإنسانية والمساعدات لجرحى الجيش العراقي وكذلك النازحين والمحتاجين مهمة الجهات الحكومية فحسب، كما يقول مصطفى شاكر، 29عاماً، الذي يرى أن الشباب اليوم يتطوعون للعمل بشكل فاعل في مثل هذه الحملات من دون مقابل، إنهم “يتعاونون فيما بينهم لإيجاد مساحة مشتركة جديدة بعيداً عن الطائفية والانقسامات”.

لم يأت أحد ليطلب مني التبرع

وقد زادت ظاهر العمل التطوعي في الشارع العراقي من خلال الشباب المشاركين الذين يقتطعون من مدخراتهم المالية ووقتهم لإغاثة شرائح مختلفة من المجتمع العراقي. ويضيف مصطفى، الذي يشارك بين الحين والآخر بهذه الحملات وحاصل على شهادة جامعية من كلية الآداب، “أنا من أشد المعجبين بهم”.

ولعل الوقوف في الأماكن المزدحمة بالناس، مثل شارع المتنبي بالعاصمة بغداد، هي الوسيلة الأكثر شيوعاً في تجميع التبرعات المالية من المارة. “لم يأت أحد ليطلب مني التبرع ببعض المال” يقول مصطفى. “أُبادر بتقديمه أو المشاركة –حتى لو بالشيء القليل”.

تحقيق التغيير

ويعتقد أثير الحمداني، 42عاماً، إنّ ما يحدث في البلاد اليوم هو انتشار لثقافة المشاركة سواء كانت في التظاهرات المطالبة بالإصلاح وإنهاء الفساد أو الحملات التطوعية للإغاثة والدعم الشعبي لمساندة قوات الجيش والحشد الشعبي في معارك التحرير والقضاء على تنظيم داعش الإرهابي.

ويضيف أن “ هؤلاء الشباب بمختلف توجهاتهم ومعتقداتهم لم يكتفوا بالمشاركة في النزول إلى الشارع ميدانياً، وإنما جعلوا من صفحاتهم الافتراضية في مواقع التواصل الاجتماعي – فيسبوك – أيضا نافذة لدعوة غيرهم وتشجيعهم للمشاركة في العمل التطوعي“.

ويشير أثير الذي يعمل في محل لبيع الملابس الرجالية في بغداد، إلى أن ثقافة المشاركة قد أثبتت أنها من أفضل الطرق للتعبير عن تلاحم العراقيين ورغبتهم الكبيرة في تحقيق التغيير. “يجب ألا نمنح الفرصة لتدميرنا أو تفريقنا“ .

شباب التظاهرات والاحتجاجات

ويرى بعض الشباب ومنهم جمال الشيخ، 27 عاماً، أن شكل التظاهرات أقرب ما يكون للعمل السياسي – وهو الموقف المثير للجدل بين شرائح مختلفة من المجتمع العراقي- حيث يعتبر المشارك بالتظاهرات شخصاً سياسياً أو لديه دوافع سياسية أو حزبية بدلا من شخص مستقل.

في حين تطلق صفة المواطنة على جموع الشباب الذين  تطوعوا كفرق لتنظيف الشوارع أو طلاء الجدران أو تقديم المساعدات الإنسانية . “ إنهم يشيرون بطريقة أو بأخرى إلى فشل الجهات المسؤولة في القيام بواجباتها على أكمل وجه، وهنا مهمة هؤلاء الشباب لا تختلف عن التظاهرات “، قال الشاب.

جمال الذي شارك ببعض التظاهرات الشعبية في ساحة التحرير ببغداد، يرى ذلك جليا في بعض شوارع العاصمة ، “ مشاركاتهم الطوعية في تنظيف الشوارع أو تزيينها تصب في الشعور بالمواطنة وحب الآخرين ، بالإضافة إلى أنها تحثنا على تقليدهم”.

ويشير إلى إن هناك العديد من النقاشات التي نخوضها فيما بيننا حول دور شباب الحملات التطوعية وما قاموا به. فنحن نعتقد بضرورة توحيد جهود شباب الحملات التطوعية مع شباب التظاهرات والاحتجاجات. “ وبالتالي ، فإنها ستتخذ شكلاً مختلفاً وستكون ذات تأثير كبير في إحداث التغيير المنشود“، على حد قوله.

النشاطات محدودة مقارنة بحجم المعاناة

أما إياد جاسم، وهو طالب جامعي فيرى أن  “مواجهة الأزمات الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية يتطلب تكاثف شرائح المجتمع كافة”.

ويضيف إياد وهو أحد المشاركين في حملات الإغاثة التطوعية،  أنه “ بالرغم من بروز العمل التطوعي من جهة وتواصل التظاهرات الاحتجاجية من جهة أخرى فإن هذه النشاطات تبقى محدودة مقارنة بحجم المعاناة“.

ويشير إلى أن توحد جهود كل الفرق المتطوعة والمشاركة في البلاد، وهو إذا ما حدث سيشكل تحولاً كبيراً في علاقة مكونات المجتمع العراقي، “وقد نصنع معاً تحالفاً قوياً بشأن التغيير“، حسب إياد.

*الصورة: حملة شبابية لجمع التبرعات وسط العاصمة بغداد/إرفع صوتك

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".